بعد فيديو لطفل يقود «تريلا».. تدخل عاجل من «القومي للطفولة»: مُعرض للخطر من أهليته    غرفة عمليات مركزية ب«القومي لحقوق الإنسان» لمتابعة انتخابات الشيوخ 2025 (تفاصيل)    انخفاض كبير للطن.. سعر الحديد اليوم الأحد 20 يوليو 2025 أرض المصنع    أبرز الملفات التي تنتظر وزيرة التنمية المحلية عقب تعيينها وزيرا للبيئة مؤقتا    استقرار في أسعار الفاكهة اليوم الأحد 20 يوليو 2025 بأسواق الأقصر    «الوزير»: ملتزمون بحماية الصناعة الوطنية من ممارسات الإغراق وترشيد فاتورة الاستيراد    شراكة إستراتيجية بين كونتكت للوساطة التأمينية والميثاق العالمي للأمم المتحدة لتعزيز الاستدامة وتمكين القيادات النسائية    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: نشهد أكبر مجزرة جماعية في التاريخ الحديث    إلغاء أكثر من 200 رحلة طيران بسبب الطقس في هونج كونج    المصري يواجه الصفاقسي اليوم في أولى ودياته بمعسكر سوسة استعدادًا للموسم الجديد    انفراد | ليفربول يعلن عبر الفجر الرياضي انتهاء صفقة ايكتيكي رسميا    «صفر».. إمام عاشور يثير الجدل بصورة ل وسام أبوعلي مع الراحلين عن الأهلي    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة ملاكي على الطريق الصحراوي الشرقي في بني سويف    جثة طائرة بالسماء.. مصرع شاب سقط من أعلى عقار بمدينة نصر    مخطط إرهابي من الخارج.. الداخلية تكشف تفاصيل مؤامرة حسم لإحياء العنف    ضبط قائد دراجة نارية قام بأداء حركات استعراضية بالبحيرة    التضامن: فرق التدخل السريع تعاملت مع 780 بلاغا خلال شهر ونصف    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    قبل انطلاقه بساعات.. تفاصيل حفل افتتاح الدورة ال 18 ل المهرجان القومي للمسرح    ألوان غنائية ل أيامنا الحلوة على المكشوف بالأوبرا    "الرعاية الصحية": حصول معمل مجمع الشفاء الطبي ببورسعيد على شهادة الاعتماد الدولي"EGAC"    ارتفاع أسعار الأدوية في مصر.. خبير يكشف الأسباب (فيديو)    بعد وفاة الأمير النائم، طبيب مخ وأعصاب يكشف ماذا يحدث داخل جسم الإنسان أثناء الغيبوبة الطويلة؟    مصرع العشرات في غرق قارب سياحي بفيتنام    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    مؤشرات البورصة تكتسي باللون الأخضر بمستهل جلسة اليوم    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    لعدم ارتداء الخوذة.. ضبط 566 مخالفة لقائدي الدراجات النارية    «أمن المنافذ»: ضبط قضيتي تهريب وينفذ 216 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    200 عام برلمان.. تاريخ عريق للحياة النيابية في مصر من مجلس المشورة إلى الشيوخ.. محمد علي باشا أسس "المجلس العالي" عام 1824    عرض أخير من برشلونة للتعاقد مع لويس دياز    ماذا سيحدث لو باع ريال مدريد فينيسيوس جونيور؟    أوكرانيا: ارتفاع قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى مليون و41 ألفا    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    دعوى قضائية ضد حكومة بريطانيا لقرارها عدم إجلاء أطفال مرضى من غزة    دير السيدة العذراء بالمحرق يتهيأ لإحياء تذكار الأنبا ساويروس    تحرير 143 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق خلال 24 ساعة    جامعة القاهرة تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    كريم رمزي يفتح النار على أحمد فتوح بعد أزمة الساحل الشمالي    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    بنك التنمية الصناعية يحصد جائزة التميز المصرفي في إعادة الهيكلة والتطوير لعام 2025    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا.. قارئ الملائكة    في الساعات ال24 الأخيرة: 136 شهيدا في حرب الإبادة والتجويع المتواصلة على قطاع غزة    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    سيف زاهر: رغبة مدافع «زد» تحسم واجهة اللاعب المقبلة    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وإثيوبيا‏..‏ شراكة تنموية شاملة عبر البحر الأحمر
بقلم: سمير مرقس
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 01 - 2010

في إطار التغطية الممتدة المتميزة التي قامت بها جريدة الأهرام تحت عنوان منابع النيل‏,‏ حظي الحديث عن العلاقات المصرية الإثيوبية بالاهتمام‏..‏وتناولت الجريدة من أكثر من زاوية وبعدة أشكال صحفية‏(‏ الرأي والحوار والتحقيق الأربعاء‏30‏ ديسمبر الماضي‏)‏ الاستفاضة حول الأهمية التاريخية للعلاقة بين البلدين بفضل نهر النيل الشريان الحيوي. الذي يربط بينهما من جهة‏,‏ وبين الكنيستين الأرثوذكسيتين المصرية والإثيوبية‏..‏ بيد أن الصورة لا تكتمل تفاصيلها إلا بالحديث عن الرابطة التي تربط بينهما من جهة أخري وأقصدالبحر الأحمر‏..‏ وذلك لأنه قد أتاح تاريخيا لمصر التواصل التجاري بين مصر وافريقيا عامة وإثيوبيا خاصة منذ الفراعنة من جهة‏,‏ كذلك اكتشاف الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر من جهة أخري‏..‏ وهو ما ينبغي أخذه في الحسبان عند الحديث عن هذه العلاقات بالإضافة لكل ما ذكر‏.‏
فمن جهة العلاقة التاريخية أولا التي تعود لزمن الفراعنة‏,‏ يقول الكاتب الصحفي الكبير الراحل صلاح الدين حافظ في كتابهصراع القوي الكبري في القرن الإفريقي ان البحر الأحمر كان طريق مصر الفرعونية إلي قلب إفريقيا مارا بالسودان وصولا إلي الحبشة‏..‏ والثابت أن البخور لأهميته في الطقوس الدينية عند الفراعنة قد أدي دورا سياسيا وتاريخيا في توثيق العلاقة بين حضارات الفراعنة في وادي النيل ومناطق أعالي النيل‏,‏ وبخاصة بحر الغزال والنيل الأزرق وقد كان الملك ساحورع‏(2553‏ 2539‏ ق‏.‏ م‏)‏ هو أهم من أرسل أساطيله إلي بلاد بنط‏(‏ السواحل الجنوبية للبحر الأحمر وإريتريا ومنها إلي إثيوبيا‏)‏ لجلب البخور والعطور اللازمة للطقوس الدينية في المعابد الفرعونية‏,‏ بالإضافة إلي المعادن النفيسة وبخاصة الذهب والفضة والأخشاب النادرة‏.‏ وواصل أسطول الملكة حتشبسوت‏(1490‏ 1469‏ ق‏.‏م‏),‏ الارتحال إلي بلاد بنط حيث اتخذت طريق البحر من السويس‏,‏ التي كان بها ترسانة لبناء السفن‏,‏ ثم اتجهت جنوبا في البحر الأحمر وعادت منه محملة بالبضائع المتنوعة‏.‏ وواصل خليفها تحتمس الثالث هذا الأمر‏..‏ وهكذا مثلما تدفقت روافد النيل من الهضبة الحبشية مندفعة إلي الشمال حتي دلتا مصر تدفقت التجارة والمعرفة والحضارة بين مصر والحبشة وجاراتها عبر البحر الأحمر‏.‏
ونتيجة لهذه الرحلات من خلال البحر الأحمر إلي إفريقيا عموما والحبشة خصوصا‏,‏ عرفت مصر القديمة التجارة ومدي أهميتها في توثيق العلاقات بين الدول‏..‏ وهنا نشير إلي ما طرحه السفير طارق غنيم‏(‏ في حديثه إلي الأهرام‏)‏ إلي أن وجود فرص جادة للمستثمرين قادر أن يوقف حالة الشد والجذب بين مصر وإثيوبيا‏..‏ وهو هنا يؤكد ما أقدم عليه أجدادنا منذ آلاف السنين عبر البحر الأحمر وأن يقبل المستثمرون علي التواصل التجاري مع إثيوبيا‏.‏
أما من جهة الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر ثانيا فلقد تم إدراك عبر الرحلات المستمرة ومع بزوغ قوي عالمية متعددة واكتشاف الثروات الطبيعية المتنوعة أن البحر الأحمر بات أحد القنوات البحرية المهمة في العالم‏..‏ وذلك لما يلي‏:‏
زيادة أهميته العسكرية والاقتصادية العالمية كونه أصبح قناة وصل بين البحار المفتوحة في المحيط الأطلسي والمحيط الهندي عبر البحر المتوسط المقفول وقناة السويس‏,‏ ومنه إلي باب المندب وخليج عدن فالمحيط الهندي‏.‏
مجاورته لكثير من المناطق الحساسة ذات التأثير الحيوي في مصير دوله‏,‏ وقربه من منابع النيل وروافده‏,‏ ومناطق إنتاج النفط‏...‏
تزايد المخططات التي تهدد أمن المنطقة والتي قد تؤدي لكثير من الأزمات إن لم تكن الحروب‏.‏
وعليه يمكن لأي قوي متي سيطرت علي سواحله الغربية وبحسب أمين هويدي أن تندفع غربا خلال كردفان ودارفور في السودان لتصل بمناطق نفوذها علي ساحل البحر المتوسط في حركة التفاف كبري تهدد بها مراكز ثقل المنطقة‏,‏ ومن ضمنها مصر‏,‏ وفي الوقت نفسه تحكم سيطرتها علي السواحل الجنوبية للبحر المتوسط‏,‏ وهو ما عبر عنه مانشين‏(‏وزير خارجية إيطاليا أواخر القرن ال‏19)‏ بأن مفاتيح البحر المتوسط تقع في البحر الأحمر‏.‏ كذلك فان أي قوة تسيطر علي سواحله الشرقية يمكنها أن تندفع شرقا إلي مناطق الخليج لتتصل بمناطق نفوذ لها في الشرق في حركة التفاف واسعة إلي بحر قزوين‏.‏
في هذا السياق‏,‏ يهمني الإشارة إلي أن القراءة التاريخية تقول إنه مع انطلاق الموجات الاستعمارية في القرن الخامس عشر‏,‏ كانت العلاقات تتأثر بفعل تراجع التجارة من جانب‏,‏ ووجود قوي خارجية تسعي للسيطرة علي البحر الأحمر تعمل علي تعطيل إقامة علاقات سوية وطبيعية بين دولها‏..‏ والغريب أن هذا الأمر كان ينسحب علي العلاقات الدينية أيضا‏..‏ ونذكر هنا واقعة زمانها القرن السادس عشر ومكانها البحر الأحمر عندما بدأت الأطماع البرتغالية في البحر الأحمر وفي إثيوبيا تحديدا نتج عن هذه الأطماع صراعات سياسية أعقبها مشكلات دينية مذهبية عنيفة وذلك بسبب صراع القوة البرتغالية الصاعدة ضد مصر انتهي بهزيمة الأسطول المصري في عهد السلطان الغوري‏.‏ وفي الوقت نفسه أعلن تبعية حكام إثيوبيا إلي بابا روما‏..‏ هذا بالرغم من أن الكنيسة المصرية قد عنيت بأن تمدها دوما بكل ما تحتاجه من رعاية وتوجيهات وبعثات تعليمية وخصتها بالحق في انتخاب بابا الإسكندرية بحسب اللائحة في مادتها التاسعة‏,‏ واستثنت وفد الكنيسة الإثيوبية من عرض أسماء الوفد الذي له حق الانتخاب بحسب اللائحة علي لجنة قيد الناخبين كما جاء في المادة الثامنة حيث تتلقي اللجنة آراء مندوبي الكنيسة الأثيوبية التي يدلون بها بأنفسهم وبواسطة وكلائهم الرسميين‏,‏ إلا أن هذا لم يمنع أن تتأثر دوما العلاقات السياسية والدينية‏..‏ خاصة أن هذا الأمر تكرر أكثر من مرة مع اختلاف التفاصيل‏..‏ وفي هذا المقام لابد من الإشارة إلي الدراسات التي تناولت هذا الموضوع وغيره مثل تاريخ إثيوبيا لزاهر رياض‏,‏ وكتابات مراد كامل ومريت غالي وعزيز سوريال عطية وأنتوني سوريال عبد السيد‏...‏ وكلها تكمل ما حولنا أن نشير إليه من خلال الكتابات السياسية والإستراتيجية وما تفضل به الأستاذ يحيي غانم والسيد ديجاني تسيما في مقاليهما‏...‏
صفوة القول‏,‏ إن الطريق لتأكيد ما طرح في رأي الأهرام عن أبدية وحتمية العلاقات المصرية الإثيوبية والحاجة إلي تدشين مرحلة جديدة من العلاقات المتميزة‏..‏ يعني ضرورة إحياء التقليد التاريخي الذي اكتشفه الفراعنة منذ القدم أي التجارة أو إذا ما استخدمنا لغة العصر من خلال شراكة تنموية الأبعاد‏..‏ وتأمين القنوات الحيوية بيننا وبين أثيوبيا ليس فقط النيل ومنابعه‏,‏ وإنما أيضا‏,‏ البحر الأحمر بالمشروعات المشتركة في شتي المجالات‏..‏ والتبادل الثقافي والديني والمعرفي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.