وزير التعليم العالي: جاهزية مكتب التنسيق الرئيسي بجامعة القاهرة لبدء أعماله    متحدث الوزراء: نحرص على زيادة المكون المحلى ونجحنا فى خفض أسعار العديد من السلع    الجيش الإسرائيلي يغتال قياديا في "حزب الله" جنوب لبنان    الرئيس الإيراني يدعو إلى توسيع العلاقات مع دول الجوار على جميع المستويات    اقرأ غدًا في «البوابة».. اتصال هاتفي.. السيسي وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الرهائن وإيصال المساعدات    ترامب: سأطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب    عبد الناصر محمد: لاعبو الزمالك رجال أوفياء ومخلصون جدا لناديهم    وكيل الأزهر يعتمد نتيجة شهادات البعوث الإسلامية للدور الأول لعام 1446ه    ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية    مواعيد القطارات على خط القاهرة - الإسكندرية والعكس    جنازة زياد الرحبانى من كنيسة رقاد السيدة المحيدثة بعد غد والعزاء الإثنين والثلاثاء    مراسل القاهرة الإخبارية: معبر رفح يعمل بكامل طاقته رغم التهديدات    القاهرة الإخبارية: غارات عنيفة تستهدف وسط وجنوب غزة.. وارتفاع عدد الشهداء    مجمع البحوث الإسلامية: الحشيش من المواد المخدرة المذهبة للعقل ومحرم بالإجماع    نجاح جراحة دقيقة لاستئصال ورم كبير بالمخ بمستشفى سوهاج الجامعي    جامعة قناة السويس تطلق قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي قرية العمدة بالسويس    بنك الأهلى فاروس يقترب من إغلاق إصدارين للصكوك ب8 مليارات جنيه فى الاستثمار الطبى والإنشاءات    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    عقوبة الإيقاف في الدوري الأمريكي تثير غضب ميسي    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    سميرة عبدالعزيز في ندوة تكريمها: الفن حياتي.. وبرنامج «قال الفيلسوف» هو الأقرب لقلبي    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    عالم أزهري: تجنُّب أذى الأقارب ليس من قطيعة الرحم بشرط    مصر تستورد 391 ألف طن من الذرة وفول الصويا لدعم احتياجات السوق المحلية    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    وكيل صحة الدقهلية يوجه المستشفيات برفع كفاءة الأداء والتوسع في التخصصات الدقيقة    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    صور| ترامب يلعب الجولف في مستهل زيارته إلى أسكتلندا «قبل تظاهرات مرتقبة»    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    محافظ البحيرة: 8 سيارات لتوفير المياه في المناطق المتضررة بكفر الدوار    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    لن توقف المجاعة.. مفوض «الأونروا» ينتقد إسقاط المساعدات جوا في غزة    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    "الثقافة صوت الأمة وضميرها" وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعو لتعزيز الهوية وصون التراث    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    وزير الزراعة اللبناني: حرب إسرائيل على لبنان كبدت المزارعين خسائر ب 800 مليون دولار    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القتل بين المتعة والغضب
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 07 - 2010

لا ينمحي من عقلي أبدا حوار مذهل في مشهد سينمائي بديع من فيلم‏8‏ ملليمتر للمخرج جويل شوماخر‏,‏ حين أمسك المحقق الخاص توم ويليس الذي لعب دوره النجم نيكولاس كيدج بالقاتل الشرس‏,‏ ونظر إلي عينيه الفارغتين متسائلا عن أسباب فتكه بضحاياه من الشابات الجميلات وهو يغتصبهن‏,‏ فقال له القاتل وابتسامة سخرية علي شفتيه‏:‏ لم تضربني أمي صغيرا‏,‏ ولم تحبسني في الدولاب حتي تقابل عشيقها‏,‏ ولم يغتصبني فتي شاذ‏,‏ أنا أتلذذ بصراخ الضحايا وأحب سفك الدماء‏!..‏ كان هذا هو مشهد النهاية دون أي تحليلات نفسية‏.‏
ومنذ وقعت مذبحة أتوبيس المقاولون العرب وسالت دماء‏12‏ قتيلا وجريحا‏,‏ لا تكف وسائل الإعلام عن البحث والتنقيب عن أسبابها ودوافعها‏,‏ لكنها تفعل ذلك وهي متأرجحة بين الاستهجان الحاد والاستغراب الساذج‏,‏ كما لو أننا صحونا فجأة علي العنف في حياتنا‏,‏ فوجدناه أرقا وقلقا ومخاوف وشيطانا يهدد أمننا الاجتماعي‏.‏
وبسبب هذا الاستهجان والاستغراب انهالت علينا التحليلات سابقة التجهيز التي دائما ما نلجأ إليها من باب الاستسهال العام المريح والكسل العقلي الممل‏,‏ كعادتنا في أشياء تحدث حولنا‏.‏
صحيح أن العنف مثل أي كائن يعيش ويتمدد وينمو إذا توافرت له بيئة فاسدة ورعاية جيدة وسبل تغذية دائما وعلي العكس يخبو ويتقلص ويعيش علي التنفس الصناعي لو حرمناه من هذه البيئة والرعاية السلبية‏,‏ لكنه لا يموت ابدا‏,‏ لأن العنف جزء من طبيعة البشر‏.‏ فمن علم قابيل أن يقتل أخاه دون أن يري دشا أو افلام رعب او بلطجة او غلاء معيشة او عقدا نفسية أو تحريضا من أصدقاء السوء؟‏!‏
ويقول عالم النفس الأمريكي الشهير ماسلو إن أخطر الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان هي ما تمثل تهديدا لتلبية حاجاته الأساسية‏,‏ خاصة الحاجات البيولوجية‏,‏ الطعام والشراب والمأوي والجنس‏,‏ وإذا هددت هذه الاحتياجات بأي شكل من الاشكال قد يتحول الإنسان الي وحش لا يأبه بقوانين وأعراف المجتمع‏.‏
لكن بالطبع ثمة أسباب خاصة بكل مجتمع وتفسير ذاتي يتعلق ببنيته وعلاقاته وثقافته ونظامه السياسي وهياكله الاقتصادية ودور العدالة الاجتماعية فيه‏..‏ وعموما هذا النوع من القتل الجماعي ليس شائعا عندنا بنفس الدرجة التي عليها في المجتمع الأمر يكي مثلا‏,‏ ولا يعني هذا أننا براء منه‏,‏ لكنه أقل حدة‏,‏ ولو راجعنا ملفاتنا في السنوات الاخيرة سنعثر بالقطع علي جرائم قتل جماعي متزايدة في عمليات ثأر بالصعيد أو في مذبحة بني مزار في ديسمبر‏2005,‏ أو معر كة وادي النطرون علي حيازة ارض الدولة بوضع اليد في فبراير‏2007,‏ لكن الجديد في مذبحة اتوبيس المقاولون العرب‏,‏ هو اسلوب ارتكابها نهارا جهارا وبالرشاش الآلي‏.‏
وعموما‏..‏ أي عملية قتل جماعي هي حالة فريدة خاصة بصاحبها وظروفه النفسية والعصبية والاجتماعية ودوافعه‏.‏
وإذا عدنا الي أكبر مذبحة في تاريخ الولايات المتحدة علي سبيل المثال‏,‏ فسنجد انها حدثت في عام‏1927,‏ ونفذها أندرو كاهو‏,‏ لأسباب تبدو غير كافية‏,‏ فأندرو كان عضوا في مجلس إدارة مدرسة باث في مدينة ميتشجان‏,‏ وانتابته حالة غضب عارم من قانون اصدرته الولاية‏,‏ يفرض ضريبة مبان لتمويل انشاءات جديدة بالمدرسة‏,‏ فأخذ قنبلة معه الي المدرسة في صباح اليوم التالي وفجرها وسط الطلبة والمدرسين والإدارة ليقتل‏45‏ شخصا هو منهم بالطبع و يصيب‏58‏ آخرين‏.‏
منتهي الجنون ومنتهي العبث‏,‏ في وقت لم تكن حرب فيتنام قد قامت ولا سمع العالم عن مذابحها ولا أخذت أفلام العنف هذا الحيز من الدموية والشيوع‏.‏
أي تبدو جريمة بلا دوافع شخصية ضاغطة‏,‏ مثل الجرائم التي يرتكبها اشخاص يتصورون أنفسهم ملائكة منتقمين فيتلبسهم دور المخلص الذي سينقذ البشرية من الشر والضلال والظلم‏,‏ او مبعوث السماء لإنزال العقاب بكل من خانوا عهد الله وأغرقوا انفسهم في الرذيلة‏,‏ فيقتلون فتيات ليل أو سيدات منحرفات باسم الدفاع عن الفضيلة وقد انتجت السينما عشرات الأفلام بعضها واقعي تماما مثل سفاح بوسطن وقاتل تكساس‏,‏ وبعضها فانتازيا من الواقع مثل فيلم سيفين الذي لعب بطولته مورجان فريمان وبراد بيت وظلا يطاردان قاتلا من هذا النوع دون جدوي‏.‏
وهذه حالة بغضاء مصحوبة بتطرف ديني‏!‏
والسؤال الذي يفرض نفسه‏:‏ هل ثمة سمات مشتركة بين القتلة تفيدنا في التفسير؟‏!‏
علماء الجريمة يقولون إن بعض الناس يحملون جينات غير طبيعية‏,‏ وعندما يكبرون يصبحون خطرا شديدا علي المجتمع لكن ليس جميعهم من مرتكبي العنف‏,‏ وايضا من يعانون نشاطا مفرطا في بعض انحاء المخ يميلون الي الجرائم العنيفة لكن البعض لا يفعلها‏,‏ وليست هناك قاعدة صارمة تحدد كيف يتحول المضطرب جينيا أو صاحب النشاط الكبير في دماغه الي العنف ويمارسه فعليا ضد الآخرين لكن من المؤكد أنه يحتاج الي عناصر تتراكم وتزيد من فرص إنتاج العنف المخبوء‏!!‏
وينتهي علماء الجريمة الي مقولة عامة‏:‏ إن جذور العنف ضاربة بشكل أو بآخر في بيولوجيا الفرد العنيف‏,‏ مع وجود استعداد نفسي يعكس التفاعل المتراكم بين السمات الفطرية وتجارب الحياة القاسية التي تلعب دور العناصر المساعدة في تفجير طاقة العنف‏!‏
وعموما‏..‏ يمكن وصف مرتكبي عمليات القتل الجماعي بأنهم تعساء ومجروحون عاطفيا ومكتئبون ومنعزلون ومصابون بجنون الشك والارتياب ويظنون أن العالم بأسره ضدهم‏!‏
لكن يبقي سؤال صعب في عملية قتل قابيل لأخيه هابيل‏..‏ من أين أتاه الاضطراب في الجينات؟‏!.‏ وهل كان تعيسا وحيدا؟‏!‏
حقا‏..‏ الإنسان عالم من الألغاز‏!.‏

المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.