لم يكن محمد عفيفي مطر الذي ولد في شهر مايو من عام1935 مجرد شاعر كبير فحسب, بل كان مثقفا واعيا للحركة الثقافية والشعرية المتدفقة في تجلياته. والمخبوءة في كنيته, مثلما كان وحتي غيبه الموت إثر غيبوبة كبدية إنسانا مهموما بإنسانيته وتوجهاته,يعتبره نقاد الأدب والشعر علامة فارقة في حركة الشعر العربي المعاصر, وأحد مؤسسي بنية الحداثة الشعرية العربية, وكان لذلك أثر واضح علي أجيال من الشعراء في مصر والعالم العربي. كان عفيفي مطر لكونه دارسا لعلوم الفلسفة شديد الاهتمام بتبسيط نظرياتها, وربطها بقضايا الحياة والواقع المفعم بإيقاعات الرفض والتمرد الإبداعي, الذي أسهم في بلورة وترسيخ تجربته الحداثية, ورغبته في تجاوز ما هو مألوف وشائع. كما كان لدراسته الفلسفة تاثير واضح علي فضاءات تجربته الفكرية ومشروعه الثقافي الذي كان يسعي من خلاله غلي تفجير طاقات تحرير العقل والوجدان من سطوة الركود والتخلف, وهذا بدوره قاده إلي فعل الاكتشاف المستمر والمتجدد للأشياء والإنسان. وقد اتسمت قصائده الشعرية بعمق اللغة والصورة الشعرية كما اتسمت بتعدد الروافد التراثية وبخاصة التراث العربي الإسلامي والصوفي, بالإضافة إلي التراث الفكري والفلسفي عند اليونان. كما اهتم عفيفي مطر بالتراث الشعبي, حتي إنه استطاع أن يحول الخرافة والأساطير الشعبية إلي رموز شعرية حية في قصائده. جاء شعر عفيفي مطر متكئا علي حياته التي عاشها في بساطة شديدة, وهو ابن القرية المصرية, ولم يبارحه الملل في غد اكثر اشراقا وأكثر دفئا وحبا, واستند في حياته البسيطة علي العطايا المعنوية للشعر والعلم والمعرفة, وتعددت مجالات عطائه الأدبية والفكرية بين المقالات النقدية وترجمة الشعر, وقصص الأطفال. صدر له العديد من دواوين الشعر منها' احتفالات المومياء المتوحشة', و' رباعية الفرح', و' يتحدث الطمي', و' شهادة البكاء في زمن الضحك:, و' الجوع والقمر', و' من دفتر الصمت' وغيرها, حقق عفيفي مطر العديد من الجوائز في مجال الأدب منها جائزة الدولة التشجيعية في الشعر1989, وجائزة الدولة التقديرية في الشعر2006, وجائزة العويس1999. كما ترجم شعره إلي عدة لغات أجنبية وكان إبداعه الشعري موضوعا لعدد من الدراسات.