في يوم الحادي عشر من مايو أطلقت منظمة الأغذية والزراعة حملتها المناهضة للجوع تحت مسمي مشروع المليار جائع ودعت كل رموز المجتمعات الدولية للاشتراك فيها كل في عاصمته متخذين رمز الصفارة الصفراء لإطلاق الصفير. علي خطأ وجود الجوع في كوكب الارض بمثل هذه المعدلات العالية والتي تشير إلي وجود فرد واحد من الجائعين من بين كل ستة أفراد عالميا تتضاعف في بلدان أفريقيا لتصبح واحدا بين كل ثلاثة, ومشبهة الجوع بأنه مجنون مثل الجحيم يحرق كل من يلقي بداخله بعدم رحمة. وأشار رئيس منظمة الأغذية والزراعة إلي أن الدول المانحة للمعونات الإنمائية المقدمة للدول الفقيرة كانت تشترط ألا تقل النسبة الموجهة من المعونات للقطاع الزراعي وزيادة إنتاج الغذاء عن20% من إجمالي هذه المعونات إلا أن هذه النسبة قد انخفضت حاليا إلي ما لا يتجاوز3.6% فقط, وبناء أيضا علي رغبة الدول الفقيرة التي كان ينبغي لها أن تطالب بزيادة المنح الموجهة لقطاعها الزراعي لا أن تختزلها لأنها بحاجة إلي زيادة إنتاج الغذاء وتقليل معدلات الفقر والجوع إلا أنها للأسف فضلت توجيه المعونات إلي قطاعات أخري غير إنتاج الغذاء تاركة شعوبها تعاني من جنون الجوع, نفس هذا الأمر تكرر مع دول الاتحاد الأفريقي وهي الدول التي يعاني أكثر من نصف شعوبها من الفقر( دخل الفرد من2 دولار يوميا) وشعوب21 دولة من الجوع( لايستطيع الفرد الحصول علي1800 كيلو كالوري من الطاقة يوميا حتي من مصادر الغذاء الرخيصة) من إجمالي33 دولة تضمها قائمة الجوعي في العالم, والتي أقرت في إعلان مبوتو عام2003 بأن تتعهد بتخصيص10% من إجمالي ناتجها المحلي إلي القطاع الزراعي كمنتج وحيد للغذاء ولمدة عشر سنوات متتالية إلا أن تسعة بلدان أفريقية فقط من بين إجمالي53 دولة هي فقط التي التزمت بالإنفاق بمثل هذه النسبة ويأتي علي رأسها بوركينا فاسو بإنفاق وصل إلي20% من ناتجها القومي أثمر عن تربعها الآن علي قمة الدول المصدرة للقطن الفاخر والعديد من المنتجات الزراعية, بينما جاءت مصر في مؤخرة القائمة بنسبة إنفاق علي القطاع الزراعي لم تتجاوز3.5% فقط من إجمالي ناتجها القومي رغم الفجوة الغذائية العميقة والتي تتجاوز50% من غذائنا. فإذا كان استيرادنا للقمح قد ارتفع من5.5 مليون طن عام2005 إلي10 ملايين طن في عامي2010,2009, مصحوبا بانهيار زراعات القطن وتأخر إنتاجنا من الذرة والفول والعدس والزيوت والسكر وبتزايد استيرادنا منها جميعا عاما بعد عام نتيجة لتقلص الميزانية الخاصة بوزارة الزراعة المصرية رغم الأرقام التي تشير إلي تحقيق نمو اقتصادي وكذلك انهيار ميزانيات المراكز البحثية الزراعية وتلاشي دورها في استنباط سلالات من التقاوي المصرية عالية الإنتاجية والمقاومة للجفاف والحرارة والإصابات المرضية والحشرية ودراسات استزراع الصحراء إن المعاناة التي يعانيها مزارعو القمح في توريد انتاجهم من هذا المحصول الاستراتيجي وبالمثل أيضا رفض تسلم محصول الذرة في الصيف المنقضي والفشل في تسويق محصول القطن والذي كنا نستفيد أيضا من بذوره في إنتاج زيت الطعام الفاخر, والكسبة الخاصة بتسمين المواشي وتأخر اكتفائنا الذاتي من الفول والعدس والسكر ومعاناة مزارعي القصب في تسلم مستحقاتهم بعد توريد المحصول وزيادة وارداتنا من الغذاء بما يخضع أسعارها في مصر إلي الأسعار العالمية والتي لاتتناسب مع معدلات الدخول المنخفضة لدينا, وبما يزيد دوريا من نسب الفقر حيث ارتفعت إلي21.5% بدلا من19.2% خلال ثلاث سنوات لأن الانتاج المحلي للغذاء يوفر الكثير من النفقات غير المنظورة الناجمة عن الاستيراد مثل نفقات النقل البحري والتفريغ في المواني المصرية والنقل البري من المواني المصرية الي جميع المحافظات وتكاليف التخزين وإعادة التوزيع وإنشاء العديد من الصوامع الخاصة بذلك والفاقد الذي يحدث في كل خطوة من الخطوات السابقة. إن تأثير تغير المناخ علي انخفاض الانتاجية الزراعية والتوسع في إنتاج الوقود الحيوي من الحاصلات الغذائية عالميا ومحدودية الموارد المائية المصرية يجب أن تكون صافرة صفراء تنبهنا إلي ضرورة زيادة الميزانية الخاصة بالقطاع الزراعي وأهمية العمل علي زيادة إنتاجنا من الغذاء دوريا. الهدف المعلن لنا حاليا هو الوصول بالاكتفاء الذاتي من الحبوب والبقول إلي85%, ولكننا نفعل كل شيء ضد تحقيق هذا الهدف ليصبح الشعار الآن هو الوصول بالاستيراد من الحبوب والبقول إلي85% فشراء العبد أفضل من تربيته.