ما بين الالتزام المهني بقرارات نقابة المحامين بالاضراب عن العمل والالتزام الأدبي من المحامين تجاه موكليهم سارت العدالة العرجاء منذ تفجر أزمة المحامين والقضاة.. دون أن يحقق طرف مكاسب علي حساب الآخر.. فالخاسر الوحيد هي العدالة والمضار الأوحد هم المتهمون خاصة المحبوسين احتياطيا علي ذمة المحاكمات.. ففي ظل محاولة النقابة تفعيل الاضراب.. ظل المتهمون رهن الحبس خلف القضبان وربما يكونون أبرياء تعالت صرخاتهم النجدة يا أهل القانون. وفي هذا السياق قررت المحكمة تأجيل محاكمة هشام طلعت مصطفي ومحسن السكري رغم محاولة هيئة المحكمة سرعة الفصل في هذه القضية.. والحاح الدفاع لطلب أجل طويل وبعد ساعات صدر قرار النقابة باستثناء القضايا التي بها متهمون محبوسون إحتياطيا من الاضراب فلم يستفد بها المتهمون في القضية وتم ترحيل جلسات المحاكمة الي بدء الموسم القضائي الجديد ولكن خلال فترة التأجيل يكون كل من المتهمين قد أمضي بالحبس الاحتياطي مدة سنتين مما يتوجب معه إخلاء سبيلهما علي ذمة القضية إلا أن هيئة المحكمة كانت يقظة لذلك بأن قررت تجديد حبس كل من المتهمين لمدة45 يوما تبدأ من يوم انتهاء فترة الحبس الاحتياطي لكل منهما واستندت في قرارها علي المادة رقم143 من قانون الاجراءات الجنائية والتي تجيز لهيئة المحكمة تجديد حبس المتهم المحكوم عليه بالإعدام والذي أمضي مدة عامين بالحبس الاحتياطي لمدة45 يوما قابلة للتجديد. فيقول المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة وأمن الدولة ورئيس مجلس تأديب المحامين إن المادة143 من قانون الاجراءات تنص علي أنه: اذا لم ينته التحقيق ورأي القاضي مد الحبس الاحتياطي زيادة علي ما هو مقرر في المادة السابقة والتي تقضي بأن ينتهي الحبس الاحتياطي بمضي15 يوما علي حبس المتهم ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا بمد الحبس لمدة لا تزيد علي45 يوما اذا لم ينته التحقيق وجب قبل انقضاء المدة السالفة إحالة الأوراق الي محكمة الجنح منعقدة في غرفة المشورة لتصدر أمرها بمد الحبس مددا متعاقبة لا تزيد كل منها علي45 يوما. ولا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي عن ثلاثة أشهر إلا اذا كان المتهم قد أعلن بإحالته الي المحكمة المختصة فإذا كانت التهمة المنسوبة اليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي عن خمسة أشهر إلا بعد الحصول علي أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس مددا لاتزيد علي45 يوما وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوي الجنائية ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهرا في الجنايات وسنتين اذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام وما عدا ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة اذا كان الحكم صادرا بالإعدام أن تأمر بحبس المتهم45 يوما قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها بالفقرة السابقة. ومفاد ذلك أنه اذا كان هناك حكم صادر بالإعدام ونقض الحكم وأعيدت المحاكمة فإن محكمة الإحالة لها الحق في تجديد حبس المتهمين مددا لاتجاوز كل منها45 يوما دون التقيد بالسنتين المنصوص عليهما كحد أقصي للحبس الاحتياطي. وبالنسبة لإضراب المحامين فيؤكد أن هذا أمر غير جائز قانونا فضلا عن أنه يؤدي الي تعطيل الفصل في القضايا وتعطيل العدالة بالرغم من كثرة عدد القضايا وبطء اجراءات التقاضي والعجب العجاب أن نقابة المحامين تقدم المحامي الذي يتقاعس عن الحضور للدفاع عن موكله للمحكمة التأديبية لأن واجبه يحتم عليه أن يرعي مصالح موكله حتي إذا أعاقه عذر عن الحضور كمرض أو غيره فيجب عليه أن ينيب عنه غيره من المحامين وإلا أستحق العقاب تأديبيا والتزم بتعويض موكله مدنيا عن الاضرار التي لحقت به نتيجة هذا الخطأ الذي ارتكبه المحامي. أما مسألة الاضراب تعبيرا عن الرأي وهو حق من الحقوق العامة فهذا لا شأن له باضراب المحامي عن العمل أمام المحكمة لأنه بذلك يتخذ من موكليه الذي تقاضي منهم أجرا مقابل الدفاع عنهم كرهائن يفاوض بهم لتحقيق مصالح ذاتية له أو مهنية والمتقاضين لا شأن لهم بها علي الإطلاق. أما المحامون فمن حقهم أن يضربوا وأن يعتصموا في مبني نقابتهم أو أمام مجلسي الشعب والشوري أو حتي أمام رئاسة الجمهورية أو بوسائل الإعلام بعيدا عن ساحة العدالة وحق موكليهم عليهم وبالتالي فأنا أناشد مجلس نقابة المحامين والنقابات الفرعية بما فيهم من حكمة ورشد أن يسارعوا بالعدول عن هذا الموقف الذي يضر بهم وبموكليهم ولا يؤثر البتة في القضاة لأنه لاشأن لهم به ولا يضيرهم أن يحضر المحامون أو يمتنعوا بل الضرر كله يعود علي المحامي الذي يفقد مصدر رزقه والي موكله الذي لا يجد من يقف بجانبه. العدالة هي الخاسرة ومما لا شك فيه أن العدالة هي الخاسرة لأن عدم الفصل في الدعاوي وتعليق أمر الخصوم أمر يضر بالخصوم وبالعدالة نفسها ولا أتصور أن تعلو كلمة البعض علي كلمة القانون فيميل المحامون الي رغبة من بعض المتشنجين والمتعصبين. وهناك بالفعل آلاف المحامين الذين ظلوا يمارسون دورهم غير مكترثين بهذه القرارات غير الصحيحة وغير المقنعة مما جعل البعض يلوح علنا بتوقيع جزاءات عليهم بالحرمان من العمل لمدة ستة أشهر كما ورد بالصحف وهو أمر لا تملكه نقابة المحامين ولا تملك سوي انذار المحامي فقط أما باقي العقوبات التأديبية بدءا من اللوم وانتهاء بالمحو من الجدول فمن اختصاصات مجلس التأديب فقط وهو مشكل من ثلاثة من المستشارين في القضاء وعضوين عن مجلس نقابة المحامين. ومن ناحية أخري أكد بهاء أبوشقة محامي هشام طلعت مصطفي عدم استفادة هيئة الدفاع من اضراب المحامين نهائيا مؤكدا أنهم كانوا جاهزين للمرافعة خلال جلسة26 يونيو والتي حددتها المحكمة للاستماع لمرافعة النيابة والدفاع إلا أنهم فوجئوا خلال الجلسة بحضور عضو من النقابة وأثبت في محضر الجلسة أنه مكلف من النقابة بإثبات اضراب المحامين إعمالا لقرار مجلس النقابة الصادر في23 يونيو والذي حدد جزاء علي من يخالف القرار بالوقف لمدة6 أشهر فقامت هيئة المحكمة برفع الجلسة وطلبت الدفاع بغرفة المداولة وقررت المحكمة صراحة بأنه إذا كان هدف الدفاع هو تأجيل الفصل في الدعوي فإن المحكمة تري أن هذه القضية شأنها شأن أي قضية أخري ولا تكون في مجال للتأجيل الآن بعد مرور الإجازة القضائية. وأكد أبوشقة قائلا: ولكنني اقترحت علي المحكمة أن تؤجل القضية إلي يوم الثلاثاء6/29 حتي أقوم بطرح مبادرة علي نقيب المحامين باستثناء قضايا المتهمين المحبوسين, من الاضراب وبالفعل اتصلت بالنقيب حمدي خليفة وعرضت عليه مبادرة فحواها أن نقابة المحامين بما تحمله من رسالة سامية في تاريخها الطويل هو الدفاع عن الحريات إلا أن هذا يتعارض مع الاضراب لأن من يدفع ثمن هذا الاضراب بالنسبة للمتهمين المحبوسين هو العدالة وحرية المتهم التي تدافع عنها نقابة المحامين في المقام الأول فاقتنع بهذه الفكرة وقرر أنها فكرة جيدة إلا أنه لا يستطيع أن يصدر قرارا منفردا ولكن سوف يعرض علي مجلس النقابة وبالفعل دعا مجلس النقابة يوم6/28 مساء إلا أنه حال دون عقد هذا الاجتماع وفاة أحد أعضاء النقابة وهو المرحوم عبدالسلام رزق فتوجه المجلس لتقديم واجب العزاء في الزقازيق وعندما حضرنا يوم6/29 إلي المحكمة لم يكن قد صدر قرار من النقابة باستثناء المتهمين المحبوسين والمبادرة التي قدمتها كانت لجميع المتهمين المحبوسين تحقيقا لمبدأ المساواة الدستوري ولما كان يوم6/29 لم يصدر بعد قرار النقابة حضر أيضا مندوب من النقابة و قرر ان الاضراب مازال ساريا, وفي المداولة تم الاتفاق علي أن يكون التأجيل لشهر سبتمبر, حيث تكون العطلة القضائية قد انتهت.