رحم الله الشيخ أحمد أبو متولي. كان اذا دب خلاف بين عائلتين سرعان مايدعوهم لمجلسه في منزله المنضرة أو أحد منازل القرية يستعرض الطرفان ماحدث ومايجيش في صدورهم ويتناول الجميع طعام الغداء. ليعلن هذا الرجل أن جميع الأطراف متساوية ومن أخطأ فعليه الاعتذار وليسامحه المخطأ في حقه.. وتمضي مسيرة القرية العامرة بأهلها ومعظمهم من حملة القرآن, دون أن يتكرر الشجار مرة أخري. كانت قريتنا بيدف مركز العياط لها شهرة بين القري المجاورة في العلم وفي اصلاح المتخاصمين ولو ألمت مشكلة في الصباح يتم التوفيق أو الاتفاق علي الصلح في المساء وليكن المبدأ السائد المسامح كريم ومن عفا وأصلح فأجره علي الله. ورحل الشيخ أحمد أبو متولي وأمثاله فقد كانت طبيعتهم طبيعة الرجال في حقبة معينة من الزمن ليست ببعيدة فقد عاصرتها أنا وجيلي منذ نحو25 عاما وبالطبع من سبقونا. آه وألف آه مما حدث بالأمس القريب من كارثة قروية بعد أن تلوث هواء قريتنا بالكراهية.. وسري ماء الحقد بين عروق من فيها.. وضاعت القيم والمباديء والأصول.. وأصبح نهش الأعراض وأكل الحرام بين فريق منهم ومن هنا جاء الحصاد بالأمس3 قتلي من أجل حفنة من التراب متنازع علي ملكيتها وقبل عامين كان قد سقط قتيل!! يالها من حسرة عندما يقابلك شخص وأنت غاضب فبدلا من أن يطيب خاطرك إذا به يسدي لك النصح, من وجهة نظره, بأن ترد الصاع صاعين وليكن الانتقام طريقك والخسة والنذالة منهجك!! ألم تكن الفترة الماضية كافية لمن يطلقون علي أنفسهم أنهم كبار القرية لإصلاح مابين المتخاصمين لتجنب ماحدث بالأمس القريب وهو ماينذر بأنه لايحمد عقباه.. واستمرار لمسلسل الثأر اللعين. وهل صدأت القلوب كما يصدأ الحديد وتحجرت الآذان واصبنا جميعا بغشاوة. أم أن ماحدث هو انذار لناقوس الخطر لتذويب الخلافات اليومية والتي نعتقد أنها بسيطة ولكن الحقيقة أن معظم النار من مستصغر الشرر. أم بموت الشيخ أحمد أبو متولي وأمثاله في اصلاح بين المتخاصمين يكون قد رحل الرجال!! انها صرخة يجب أن تعلوها صيحة والا فقل علي الدنيا السلامة.. وعلي قريتنا الحسرة والندامة!!