إزاء قرارات وزارة المالية التي صدرت أخيرا بضرورة قيام كل من يعمل في مؤسسة حكومية بإصدار بطاقة بنكية يتمكن بها من صرف مستحقاته المالية من البنك الأهلي المصري أو ماكينة الصرف الآلية, سيكون من جراء تطبيق هذا النظام الذي سيتم تطبيقه فعليا في غضون أسابيع قليلة أن تختفي مهنة الصراف في المصلحة الحكومية, بالاضافة الي ظهور مشاكل عديدة منها: (1) كثير من العاملين بالمصالح الحكومية لا يعلمون كيفية التعامل مع البطاقات البنكية, وبالتالي سيدخلون في العديد من المشاكل ويتعرضون للعديد من عمليات النصب والاحتيال من محترفي الجرائم. (2) إذا حاول العاملون تجنب استخدام ماكينات الصرف الآلي, فالبديل هو الذهاب الي البنك لصرف المرتبات والمكافآت والمستحقات, وبذلك سيتركون أعمالهم, فمن أين يتحقق الانضباط في العمل؟ (3) كان للصراف في المصلحة الحكومية دور اجتماعي لا يمكن انكاره, حيث كان يجمع العاملين من جميع القطاعات, وفي فترة الاعياد يقوم بصرف أوراق مالية جديدة تدخل البهجة والسرور في نفوس الأطفال الصغار بأسر العاملين, بالاضافة الي المساعدة في حل بعض المشاكل المالية عند عدد كبير من العاملين, إذ يكفي التعامل مع إنسان يفكر ويتكلم ويتفاعل لا مع آلة صماء لا يمكن التجاوب معها. (4) إزاء الضغط الهائل امام ماكينات الصرف الآلية, الأموال المودعة بداخل ماكينة الصرف لن تتحمل هذا الكم من الضغط, وبذلك تحدث مشكلة أن الماكينة ستكون بصفة دائمة خارج الخدمة. (5) من يحل مشكلة البطاقات البنكية التي يتعثر اخراجها من ماكينة الصرف الآلي؟ (6) لا تقوم ماكينة الصرف الآلي بصرف مبالغ مفردات العشرين جنيها, فكيف يتم التصرف في أمثال هذه الحالات؟ إذ لن يتمكن الموظف من الحصول علي مرتبه بالكامل من ماكينة الصرف. إن الأسباب الخفية من وراء اصدار أمثال هذه القرارات المتسرعة هي الاستفادة من هذه الأموال في مصلحة الحكومة لتدويرها والحصول علي الفوائد الناتجة من هذا التدوير.. وهنا أقول ليست كل النظم الأجنبية تناسبنا, ولا كل الملابس الأجنبية تتماشي مع طبيعتنا, وليس كل ما هو أجنبي هو حسن, انها عقدة الأجنبي التي لن نتخلص منها, كل هذا بدون ثقافة حقيقية لن يأتي بالنتائج المرجوة بل بالعكس سيأتي بنتائج عكسية. إننا نعاني من التقليد الأعمي, فلكل مشروع شروط معينة لتحقيقه, والشرط الأساسي الذي ينبغي ان يتوافر في كل مشروع وكل سياسة وكل خطة وكل تنظيم هو الثقافة الواعية مع الفكر المستنير, وبدون ثقافة لن ينصلح حالنا. د. مينا بديع عبدالملك رئيس قسم الرياضيات بهندسة الاسكندرية