"تيسلا" مطالبة ب 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت    "شبكات الكهرباء تحت المجهر".. كيف يصنع استقرار العمود الفقري للطاقة في مصر؟    7 توجيهات من محافظ الوادي الجديد للمسؤولين بعد لقائه عددا من المواطنين    بلومبرج: مكتب التحقيقات الفيدرالي أخفى اسم ترامب في وثائق قضية إبستين    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    سون هيونج يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    مواعيد مباريات اليوم السبت 2 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة    قفلوا الشارع وأصابوا 13 شخصا، لحظة مشاجرة عمال كافتريات على الزبائن في سوهاج (فيديو)    محافظ سوهاج يزور مصابي حريق مطعم ميدان الشبان بالمستشفى ويأمر المسؤولين برفع حالة الطوارئ (صور)    كسروا الشارع وأرعبوا المارة، قرار عاجل من محافظ سوهاج بعد مشاجرة عمال محال تجارية على الزبائن    الهضبة يوجه رسالة خاصة إلى عمرو مصطفى في حفله بالعلمين ومحمد لطفي يقتحم المسرح (فيديو)    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    «خدوا بالكم منه».. إعلان عودة معلول ل الصفاقسي يهز مشاعر جماهير الأهلي    بعد حمدي فتحي.. بيراميدز يصرف النظر عن صفقته الجديدة    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. رابط تسجيل اختبارات كليات الهندسة والحاسبات والتجارة والزراعة (المنهج)    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    بينهم طفل ..إصابة 3 من أسرة واحدة في حادث مروري بالوادي الجديد    إصابة 4 بينهم طفلان في تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    مسلّح يفتح النار داخل حانة بمونتانا ويقتل 4 أشخاص    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    عمرو دياب الأعلى استماعا خلال شهر يوليو على أنغامي (صور)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    روسيا ومدغشقر تبحثان إمكانية إطلاق رحلات جوية بمشاركة شركات طيران إقليمية    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    ترامب: نشرنا غواصتين نوويتين عقب تصريحات ميدفيديف "لإنقاذ الناس"    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية بعد أسوأ جلسة منذ أبريل    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 06 - 2010

الإدمان يضرب شباب الأمة يا عرب‏..‏ مستوي المونديال المسئول عنه خبراء الاقتصاد لا مدربو الكرة‏!‏ لو عند حضرتك سيارة فارهة غالية أو صغيرة رخيصة‏..‏ لا بد أن يكون استخدامك لها وفقا لاشتراطات إن أهملتها انعكس الأمر علي السيارة التي ستجدها يوما باركة علي الأرض لا تستطيع الحركة‏..‏
من الاشتراطات التي لا بد منها أن تبقي السيارة سيارة‏..‏ تغيير الزيوت بعد قطع مسافات محددة وتغيير قطع الغيار وفقا لاشتراطات‏..‏ باختصار تغيير كل ما له عمر افتراضي إن أردت الحفاظ علي السيارة في حالتها لعدة سنوات وقريبة جدا من حالتها فيما بعد طالما الصيانة قائمة‏..‏
معني الكلام أن الإنسان يعرف جيدا أهمية الصيانة والراحة والاهتمام والالتزام بالاشتراطات لكل شيء ولأي شيء اخترعه‏..‏ لأنه ما من شيء ثابت أو يتحرك إلا ويحتاج إلي مراقبة واهتمام وصيانة حتي لا ينتهي‏!.‏ الطرق تحتاج والمباني تحتاج والشواطئ تحتاج والطائرات تحتاج والمصانع تحتاج وكل ما هو حولنا في حياتنا يحتاج إلي اهتمام ومراقبة وصيانة‏..‏
الإنسان اهتم بكل شيء وأي شيء اخترعه وصنعه ونسي الشيء الأهم‏..‏ نسي الإنسان‏...‏
نسي الإنسان نفسه‏..‏ ونسي أن البشر الاستثمار الأعظم علي الإطلاق‏..‏ نسي أن تربية الطفل ورعايته ومراقبته وحمايته إلي أن يكبر ويشتد عوده وينضم إلي القوة المضافة‏..‏ نسي الإنسان أن هذه العملية هي الصناعة الأعظم علي الإطلاق في حياة أي شعب‏...‏
نسي الإنسان نفسه‏..‏ ونسي أن الاهتمام والرقابة والرعاية والصيانة مطلوبة ولا غني عنها للإنسان نفسه‏..‏ وإلا‏!.‏
إلا هذه‏..‏ كلنا يري عواقبها وكلنا غير مكترث بها‏..‏ وهذه حقيقة قائمة وموجودة وهذا مثال لها وعليها‏...‏
كلنا يعرف ويدرك الدمار والهلاك الذي يصيب أي إنسان نتيجة إدمان المخدرات‏..‏
كلنا يري وكلنا يشاهد وبعضنا من ابتلاه الله بهذه الكارثة في أسرته أو معارفه يعايش‏..‏ ومع هذا لم نستشعر الخطر ولم نتحرك وإن تحركنا فكل في اتجاه والطبيعي أن تكون محصلة القوي صفرا لأنها متضادة‏...‏
هذا مثال موجود ويحصد صحة وعافية وعقول خير ما نملك‏..‏ يحصد شبابنا‏..‏ وكلنا يتفرج‏...‏
الإدمان كارثة خطيرة جدا وانتشر بصورة رهيبة جدا ودمر شبابا كثيرا جدا‏..‏ شباب أصبح بقايا بشر لا يقدر علي شيء ولا حتي التحرك مترا واحدا إلا بمخدر‏...‏
لو استمر سقوط الشباب لا قدر الله في الإدمان بنفس المعدل‏..‏ فهذا معناه دمار مستقبل وضياع حاضر وأي مستقبل ننتظره أو حاضر نعيشه وأغلي ما في ثروتنا البشرية‏..‏ مدمن‏!.‏
لا صناعة ولا تجارة ولا تصدير ولا زراعة ولا رياضة ولا أي حاجة يمكن أن ننتظرها من مكان اجتاحه الإدمان وتمكن منه الإدمان‏...‏
الكارثة الحقيقية أن المنطقة العربية كلها لا مصر وحدها‏..‏ يضربها الإدمان‏...‏
المنطقة كلها هدف استراتيجي للإدمان لأجل أن تتحول أمة العرب إلي بقايا بشر لا يمثلون خطرا ولا يقدمون نفعا‏...‏
تعالوا مرة يا عرب نخرج رءوسنا من الرمال لنري الأمور علي حقيقتها‏..‏ والحقيقة أن المنطقة العربية تحولت إلي مستنقع إدمان بعدما أصبحت أحد أكبر الأسواق المستهلكة للمخدرات‏...‏
تعالوا نتفق مرة علي شيء وأظن أن شبابنا أعظم من كل شيء‏...‏
تعالوا نتصارح وننس خلافات المصالح الموجودة‏..‏ نتصارح ونتفق ونتوحد علي هدف إنقاذ شباب أمة العرب‏...‏
أعلم أن الجامعة العربية وأمينها العام السيد عمرو موسي في موقف أظنه الأصعب‏..‏ لأن المشكلة العربية الآن لم تعد مجرد خلافات عربية عابرة إنما باتت أزمة مستحكمة كل الدول العربية أطراف لها‏!.‏ لم تعد خلافات أمة العرب مع عدو واحد هو عدوها لأن الأمور انقلبت والعدو الوحيد نسيناه ومكانه خلقنا أعداء من أنفسنا ضد أنفسنا وهل في أي حركة نضال بالتاريخ سمعنا أن المقاومة انقسمت علي بعضها ووجهت السلاح إلي صدورها وتفخر بوقوع أسري من بينها في أيديها‏..‏ ونشاهد الآن أسري من حماس لدي فتح وأسري من فتح لدي حماس ونسينا أن الصهاينة هم العدو الذي يقود حملة إبادة للشعب الفلسطيني الذي خذله مناضلوه وانقسموا علي بعض بدلا من توحدهم لمواجهة العدو‏!‏
أعلم أن الجامعة العربية وأمينها عندهم جبال مشكلات غير قابلة للحل‏..‏ أعلم كل هذا ولكن‏...‏
كل المشكلات العربية العربية في جانب وحملة تدمير شباب العرب بالإدمان في جانب آخر لأن هذا معناه أمة بلا مستقبل‏...‏
أرجو أن تبادر الجامعة العربية وأن يبادر السيد عمرو موسي بفتح ملف هذه القضية بالغة الخطورة‏...‏
أرجو أن ننسي كل الخلافات لأجل مواجهة حرب الإدمان القائمة من زمن ونحن نعرف لكننا نتظاهر بأننا لا نعرف‏...‏
لا أظن أن هذه المبادرة تحديدا ستواجه باعتراض للبعض أو تشف من البعض أو تحفظات ومزايدات للبعض‏..‏ لا أظن هذا لأننا جميعا في الهم سواء‏...‏
وعلي رأي المثل‏:‏ لا تعايرني ولا أعايرك‏..‏ الهم طايلني وطايلك‏...‏
‏...................................................‏
‏**‏ قضية اهتمام الإنسان بكل ما حوله وإغفاله الاهتمام بنفسه‏..‏ أظنها موجودة وقائمة وواضحة في مونديال جنوب أفريقيا وكانت موجودة فيما سبقه من بطولات كأس عالم وستكون قائمة وتفرض نفسها بقوة علي كل مونديال قادم‏..‏ ما لم يتغير موعد المونديال ليكون في أي وقت إلا وقته الحالي في نهاية الموسم الكروي بالعالم‏!.‏
الإنسان نجده يهتم جدا بسيارته‏..‏ صيانة وراحة ورقابة‏!.‏ يهتم جدا بأن تحصل الأرض علي فترة راحة ما بين زرعة وزرعة وهذه الراحة مطلوبة لتهوية الأرض وتشميسها لاستعادة عافيتها‏!.‏ ويهتم بالحيوان ويهتم بالنبات ويهتم بالطريق ويهتم بالمبني وبكل شيء وأي شيء إلا نفسه‏..‏ وهذا واضح في المونديال‏!.‏
أحد لم يهتم بلاعبي الكرة في المنتخبات ال‏32‏ المشاركة وسأل نفسه‏:‏ هل يمكن للاعب أن يخوض مباريات أكبر بطولة كرة علي الأرض في الوقت الذي كان مفترضا فيه أن يكون علي شاطئ البحر في إجازة وفي راحة سلبية لا مجهود يبذله فيها‏!.‏
قد يقول البعض‏..‏ راحة من ماذا‏..‏ من اللعب؟‏.‏
وأقول أنا‏:‏ يا ريت الكرة والرياضة بقيت مجرد لعب‏!.‏ ليتها بقيت كما أرادها السيد كوبرتان المحامي الفرنسي الذي اخترع الدورات الأوليمبية الحديثة تحت شعار الأقوي والأعلي والأسرع ولا شيء خلاف ذلك‏!.‏ ليت الرياضة بقيت هواية خالصة كما أرادها ونفذها مؤسس الدورات الأوليمبية‏!.‏
الرياضة للأسف عندما دخلتها أموال الاحتراف من الباب‏..‏ خرجت قيمها ومبادئها من الشباك‏!.‏ الرياضة لم تعد لعبا إنما هي الآن اقتصاد وصناعة وفلوس ومليارات الدولارات تدار بعقليات اقتصادية وتدور في سوق الكرة وأظنه الأغني في العالم‏!.‏ اللاعب يقبض عقودا خرافية ومقابلها عليه ضغوط عصبية خرافية‏..‏ وبقدر ما يأخذ مطلوب منه أن يعطي‏..‏ وتلك هي النقطة الفيصل في القضية‏..‏ لأن رياضة البطولة للاعب سقف في عدد المباريات التي يخوضها والذي يحدد هذا خبراء الرياضة وهؤلاء لم يعد لهم كلمة لأن رجال الاقتصاد هم الذين يقودون وهم الذين يطالبون بأكبر عدد من المباريات لأجل أكبر إيراد دون النظر إلي أن اللاعب لقدراته حدود لأنه إنسان‏!.‏ هم لم يلتفتوا لذلك ولا يعنيهم استهلاك النجوم ومن يرحل عشرة مكانه سيظهرون‏..‏ لا يعنيهم شيء إلا أكبر إيرادات‏!.‏ رجال الاقتصاد يتكلمون ويتصورون أن عطاء اللاعب مجرد مجهود بدني والحقيقة غير ذلك تماما لأن أي واحد منا بإمكانه أن يلعب‏90‏ دقيقة كرة يوميا طالما المسألة لعب وتسلية لكن الأمر يختلف جذريا عندما تصبح المسألة مسابقات ونتائج وضغوطا عصبية‏..‏ هنا تصبح لقدرات اللاعب حدود علي لعب المباريات الرسمية‏..‏ بعدها لن تجده‏..‏ تجد شيئا مختلفا تماما في المستوي وفي التركيز وفي العطاء ويبدو أمامنا اللاعب وكأنه نسي الكرة والبعض يتصور أنه يتعالي علي الكرة والحقيقة لا هذا ولا ذاك‏...‏
الحقيقة أن الكرة مع بقية اللعبات لم يعد أمرها مجرد رياضة إنما عمل واحتراف تنفق فيه وعليه فلوس خيالية ولابد أن تجني أموالا أكثر من التي تم إنفاقها والضحية الوحيد لهذه المعادلة اللاعب رغم وجود أطراف كثيرة مهمة مثل المدرب والإداري والطبيب والإدارة والتسويق والإعلام والبث والحقوق إلي آخر هذا الموال‏..‏ إلا أن اللاعب هو الأساس وبدونه لن تقام مباراة ولذلك يعطون للنجوم عقودا كبيرة ويأخذون من النجوم في المقابل أكبر عدد من المباريات عليهم أن يلعبوها لأجل أن يتم تحصيل الإيرادات وتحقيق الفائض المادي‏..‏ وبدون المباراة لن تكون هناك تذاكر ولا إعلانات ملعب ولا حقوق بث تليفزيوني ولا إعلانات في مختلف وسائل الإعلام‏..‏ بدون مباراة لن تكون هناك كل هذه العائدات وبدون اللاعب لن تقام مباراة حتي لو عندنا مليون مدرب وإداري وإدارة وإعلام‏...‏
طيب‏..‏ أين هي المشكلة؟
المشكلة ظهرت بعد تحول الرياضة إلي اقتصاد ولعل كرة القدم الآن أحد أهم وأكبر المشروعات الاقتصادية وبطولة مثل المونديال القائم حاليا تدور فيه عشرات المليارات من الدولارات ما بين عقود بث تليفزيوني وعقود إعلانات وتذاكر مباريات إلي جانب عقود اللاعبين أنفسهم وهي مليارات‏!.‏ عندما أصبحت الكرة اقتصادا تدور فيه مليارات تحولت المسألة اقتصاديا إلي مكسب وخسارة ولكي يتحقق المكسب المادي لابد أن يلعب اللاعب أكبر عدد من المباريات لأجل الإيرادات‏..‏ والأمر لن يكون مشكلة إذا كانت هذه المباريات ودية بدون ضغوط لكنها تصبح كارثة عندما تكون المباريات رسمية ومطلوب من اللاعب بذل كل ما عنده لأجل الفوز‏!.‏
تصبح كارثة لأن النجم الكبير الشهير في العالم كله هو في النهاية إنسان وكل إنسان لقدراته البدنية والنفسية حدود بعدها لا يقدر علي الظهور في مستواه كنجم‏...‏
المشكلة بدأت تظهر وتكبر من فترة وكشفتها بطولات كأس العالم الأربع الأخيرة‏..‏ لأن اللاعب هو أصلا ملك لناديه طوال فترة عقده ومطلوب أن يشارك في المسابقات المحلية ومطلوب منه أن يأتي في مراكز متقدمة لأجل أن يشارك في البطولات القارية للأندية‏..‏ وهذه البطولات تقام سنويا وعائد مبارياتها من الإعلانات والتليفزيون خيالي ومطلوب من اللاعب أن يلعب أدوارها وسط مباريات الموسم المحلي وفي بطولة أوروبا نجد اللاعب يلعب ثلاث مباريات في الأسبوع الواحد‏..‏ أحد وأربعاء وأحد‏..‏ الأحد دوري والأربعاء بطولة أوروبا والجهد البدني كبير جدا والأخطر منه علي اللاعب الجهد والضغط العصبي‏...‏
ورغم زيادة هذا الجهد علي اللاعب فإنه استوعبه وقدر عليه ولم ينطق لأنها في النهاية فلوس منها يحصل علي عقده الكبير ومكافآته الضخمة‏..‏ إلا أن‏!.‏
اللاعب وجد نفسه مطالبا ببطولة أخري ومباريات أكثر وجهود زائدة لأجل البطولات القارية والبعض ينظمها كل سنتين مثل أفريقيا وكأس الأمم الأفريقية والبعض كل أربع سنوات وكأس الأمم الأوروبية مثال لها‏...‏
واللاعب لا يستطيع التخلي عن دوره مع منتخب بلده ويشارك في هذه البطولات القارية ويكون في مستواه أو قريبا منه لأن هذه البطولات تقام في منتصف الموسم عند البعض وبدايته عن البعض‏..‏ ولكن‏!.‏
المشكلة التي بقيت بدون حل هي المونديال لأن توقيته في نهاية موسم وهذا معناه أن اللاعب لن يحصل علي إجازة وراحة ينفصل فيها عن الكرة وضغوطها العصبية والبدنية‏..‏ والنتيجة‏!.‏
نراها في هذا المونديال ورأيناها في بطولة كأس عالم سابقة وسوف نراها في البطولات المقبلة ما بقي نهاية الموسم موعدا للمونديال‏...‏
قد يقول البعض‏:‏ وهل فاتت هذه الحكاية علي الفيفا ولماذا لا يجعل المونديال في منتصف الموسم كل أربع سنوات؟‏.‏
طبعا الحكاية يعرفها الفيفا لكنه لا يستطيع اتخاذ القرار لأن الأندية سوف ترفض وليس تعترض‏..‏ ترفض لأنها هي التي تملك اللاعبين وهي التي تدفع عقودهم ورواتبهم إلي جانب مصاريف هائلة للمدربين والإداريين وجيوش من العاملين في هذا المجال‏..‏ وإقامة المونديال في منتصف الموسم تفيد الفيفا والدول التي لها منتخبات لكنها تقتل الأندية التي تملك اللاعبين الذين سوف يتركونها ويغيبون شهرا في المونديال ونصف شهر قبلها في معسكرات الإعداد وهذا معناه أن الأندية اتوقف حالها لأنه لن يدخل لها دولار واحد خلال هذه الفترة والله وحده الأعلم أي إصابات ستلحق بلاعبيها وهم مع منتخباتهم‏...‏
خلاصة القول إن المونديال الذي يقام كل أربع سنوات في هذا التوقيت الخاطئ‏..‏ يحقق أرباحا خيالية لكنه أبدا لن يشهد مستوي فنيا وبدنيا يتناسب وأسماء النجوم العالمية الموجودة ولا حتي يناسب أكبر بطولة كروية في العالم‏!.‏ لماذا؟‏.‏
لأن النجوم الكبار تم استنزافهم بدنيا وعصبيا في موسم طويل محلي وقاري ولم يحصلوا علي استشفاء ولا راحة ولا إجازة ودخلوا علي أكبر بطولة عالمية ومطلوب منهم أن يكونوا في مستواها‏..‏ وهذا مستحيل لأن هؤلاء النجوم لقدراتهم حدود وهذه القدرات خرجت في موسم طويل ويستحيل استدعاؤها بدون راحة واستجمام لأنهم بشر لهم مشاعر ويشعرون بالتعب وتحملهم للضغوط العصبية له حدود‏...‏
وهنا يدور في الذهن تساؤل طرحه بعض الأخوة المعلقين وقولهم إن موازين القوي الكروية اختلفت‏!.‏ قالوا ذلك بعد مباراة البرازيل وكوريا الشمالية التي فازت بها البرازيل‏1/2‏ بالعافية وقالوا ذلك في الشوط الأول لمباراة البرتغال وكوريا الشمالية الذي انتهي بهدف واحد لمصلحة البرتغال‏...‏
والحقيقة أن الموازين لا انقلبت ولا يحزنون وإجهاد النجوم الكبار السبب بسبب موعد المونديال‏...‏
والحقيقة الثانية أن منتخبا مثل كوريا الشمالية يلعب مع الكبار وليس عنده ما يخسره لأن الدنيا كلها تعلم الفارق وهذه نقطة تعطيه قوة دفع تضاف إلي حوافز أخري ووسائل تحفيز تصل بالأمر إلي الكرامة الوطنية‏..‏ وشيء طيب أن تشحن اللاعبين معنويا لكن الأطيب والأهم أن يبقي هذا الشحن متوازنا مع قدراتهم وإمكاناتهم الفنية حتي لا تتحول الأمور إلي فضيحة مثلما حدث في الشوط الثاني الذي شهد ستة أهداف متتالية في مرمي كوريا الشمالية وهذا حدث عندما انهار المنتخب المشحون ولحظة الانهيار تأتي عندما يشعر اللاعب بأن إمكاناته أقل بكثير من المنافس ومن حجم الشحن الذي حصل عليه‏...‏
تبقي ملاحظة حول الكرة الجديدة التي تلعب بها المنتخبات هذا المونديال‏..‏ وحكاية كرة جديدة في كل مونديال‏..‏ هي في الواقع قرار اقتصادي وليس اختراعا يخدم ويرفع المستوي الفني‏!.‏ الكرة الجديدة حدوتة اقتصادية لأن الشركة المنتجة لهذه الكرة تدفع للفيفا فلوسا كثيرة مقابل اختراع كرة لكل مونديال وهي تدفع كثيرا وتحصل علي مكاسب أكثر لأن العالم كله سيلعب بهذه الكرة لمدة أربع سنوات وفي نهايتها اختراع جديد وكرة جديدة وفلوس كثيرة والضحية اللاعب‏!.‏ وليس مهما أن سرعة الكرة غير العادية ظهرت بوضوح علي التمريرات الخاطئة لأن اللاعب يمرر الكرة بقوة هو يعرفها ويتقنها ليفاجأ بأن الكرة راكبها عفريت فتطيش التمريرة وينعكس الأمر علي الأداء ليزداد تواضعا‏..‏ وهذا كله ليس مهما طالما الأهم الفلوس‏..‏
ولتعيش الفلوس حتي لو كانت علي حساب حراس المرمي الذين ظهر بعضهم بسبب سرعة ارتداد الكرة وكأنهم لم يلمسوا من قبل كرة‏!.‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.