مايزال المشهد العراقي غارقا في تطوراته اليومية الدموية وتشابكاته السياسية التي تزداد يوما بعد يوم تعقيدا, فالعراق الان وبعد اكثر من عشرة أيام علي بدء الجلسة الأولي المفتوحه لاتزال أزمته السياسية تراوح مكانها ولامخرج قريبا لها بسبب التمسك بالسلطة ورفض الأطراف السياسية أي تسوية. وفي المقابل تدور عجلة العنف والقتل والتفجير حاصدة ارواح عشرات القتلي من الابرياء العراقيين والتي كان اخرها مقتل اكثر من20 شخصا واصابه70 اخرين في تفجيرين انتحاريين استهدفا بنكا ومقرا لاستخراج الهويات المدنية في منطقة المنصور غربي بغداد. هذا بالطبع بخلاف عمليات القتل والتفجير والاغتيال والتي سجلت معدلا مرتفعا خلال الايام العشرة الماضيه بلغ5 قتلي و16جريحا كمتوسط يومي في بغداد وحدها, ناهيك عن باقي المدن والمحافظات الاخري خاصة نينوي وديالي والانبار والحلة, والامر المؤكد ومن خلال التجارب السابقة انه كلما ازداد الصراع والتناقض زادت العمليات التفجيرية في العراق. وزاد من تعقيدات المشهد العراقي قدوم فصل الصيف المعروف بارتفاع حرارته في بلاد الرافدين التي تصل فيه درجة الحرارة في بغداد الي اكثر من60 درجة مئوية, أما البصرة التي تقع في الجنوب فإن حرارتها مضرب الامثال يضاعف منها معدلات الرطوبة العالية التي تصل الي90%, ولعل هذا ما دفع اهالي البصرة الي التظاهر ضد مجلس المحافظة الذي ينتمي الي نفس الحزب الذي يتزعمه المالكي( حزب الدعوة) احتجاجا علي غياب الكهرباء وقسوة الطبيعة ليسقط6 اشخاص بين قتيل وجريح برصاص قوات الامن العراقية, ولسنا هنا بصدد البحث في ملابسات الحادث بقدر ما نحن بصدد تقييم اداء حكومة علي مستوي الخدمات من مياه وكهرباء ومجاري, وهوالامر الذي لم تقدم فيه الحكومة العراقية الكثير, وإذا كانت الحكومة تقول ان العراقيين قد تزايد استهلاكهم للكهرباء بعد سقوط النظام فإن العراقيين هنا يتساءلون عن ميزانية العراق البالغة312 مليار دولار خلال الاربع سنوات الماضية وعن مصير17 مليار دولار خصصت لقطاع الكهرباء فقط, ويرون ان الفساد هوالسبب. علي أي الأحوال فإن ملف الخدمات في العراق بات أمرا معروفا للجميع, والعراقيون لاينتظرون أي تغيير من جميع الساسة المتعاركين علي السلطة. وبالعودة الي الملف السياسي فإن الجميع متمسك كل بموقفه وزيارة مساعد وزير الخارجية الامريكية الاخيرة لبغداد لم تغير أي شيء حسب أحد المصادر الذي قال إن امريكا تريد من يضمن مصالحها فقط بغض النظر عن الأسماء أوالتصريحات الاعلامية, ويهمها الكثير من الأمور التي يعرفها الكثيرون, ويؤكد المصدر أن مسالة الصراعات السياسية بين القادة العراقيين والإعلان من قبل رئيس القائمة العراقية اياد علاوي عن محاولة اغتياله تصب في اطار محاولات كسب الأسهم اقليميا ولا يخفي المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه مخاوفه من جديه محاولات اغتيال علاوي واخرين. أما الاكراد فان ما يهمهم هوبقاء الصيغة الحالية علي ما هي عليه مع الاستحواذ علي كركوك والوفد الكردي الذي يفاوض الان لديه حزمة من المطالب هي اساس لاي تحالف مع اي طرف, وفي المقابل فإن الائتلاف الوطني الذي أعلن مؤخرا برئاسة ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي السابق مازالت خياراته ومرشحوه غير محسومين بالنسبه لمنصب رئيس الوزراء الجديد, وهوما اكده المالكي عقب لقائه مع الرئيس العراقي جلال طالباني بقوله: إن التحالف الوطني لم يقدم مرشحه لحد الآن والأفكار المطروحة حاليا لم تصل إلي درجة الاتفاق علي الآليات ولكن هناك إصرارا علي ضرورة حسم هذا الموضوع, ويجب أن يكون للتحالف الوطني مرشح واحد بل إن هناك من يضيف ان الخلافات لاتقتصر علي منصب رئيس الوزراء فقط بل تتجاوزها الي منصبي رئيس الجمهورية والبرلمان وتوزيع الوزارات علي الاطراف السياسية المختلفة. معروف أن الملف الأمني في بغداد والمدن العراقية الأخري يدار بعد انسحاب الجيش الأمريكي من قبل قيادات عمليات تسيطر علي عمل الجيش والشرطة في تلك المحافظات ويشرف عليها بشكل مباشر مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق فاروق الاعرجي وبموجب الدستور العراقي فان رئيس الوزراء يعد القائد العام للقوات المسلحة فيما يعد وزير الدفاع نائبا له, ولدي العراق حاليا أكثر من800 ألف عنصر امني في الجيش والشرطة حيث يتكون الجيش العراقي الحالي من14 فرقة عسكرية موزعة علي ثلاث قيادات( برية وجوية وبحرية) لكن أغلبها فرق مشاة يقدر عديد أفرادها بأكثر من300 ألف كما يقدر عدد منتسبي وزارة الداخلية بحوالي نصف مليون منتسب يتوزعون علي عدة تشكيلات أمنية هي الشرطة الاتحادية, وهي قوة عسكرية تتكون من ثلاث فرق تضم كل واحدة منها عشرة آلاف جندي مجهزة بلواء مدرع فضلا عن أفواج الطوارئ ولواء الرد السريع, كما يتكون جهاز مكافحة الإرهاب المرتبط بمكتب رئيس الوزراء العراقي من عشرة آلاف جندي, وهوجهاز يضم عددا من الوحدات الخاصة القادرة علي مكافحة التمرد, هذا بالطبع بخلاف عدد من الاجهزة الامنية الاخري غير المعلن عنها ويتداول العراقيون اسماؤها فيما بينهم, علي أي الاحوال تبقي الامور مفتوحة لجميع السيناريوهات في العراق في ظل الجمود السياسي والتردي الامني والانهيار الخدماتي الذي يمكن أن يجر العراق الي مرحلة جديدة من الارهاب والعنف مالم تحسم الامور خلال الاسابيع القليلة القادمة.