لم تكن الأجهزة الأمنية اليمنية بحاجة إلي كثير من الجهد لتأكيد أن عملية السبت التي إستهدفت مبني المخابرات اليمنية في عدن تحمل بصمات القاعدة وليس خصوما آخرين. فالعملية تحمل من المؤشرات ما يجعل المواجهات مع عناصر التنظيم في الفترة القادمة مفتوحة الاحتمالات علي كل التكهنات في ظل تقارب يمني أمريكي لمواجهة الإرهاب وتعقيدات داخلية عديدة عملية عدن التي راح ضحيتها11 شخصا أغلبهم عناصر من الأمن اليمني كانت رسالة واضحة وقوية من القاعدة إلي الحكومة اليمنية بعد يوم واحد من رسالة تحذير أطلقها التنظيم مفادها أنه قادر علي الوصول إلي أهم معاقل الكيان الأمني وأعلاه وهوجهاز المخابرات العامة وأيضا في عدن التي كانت بعيدة إلي حد كبير عن عمليات القاعدة منذ ما يزيد علي عشر سنوات تقريبا حيث ركزت القاعدة عملياتها في ساحاتها المفضلة في مثلث مأرب الجوف شبوة والتي تتوافر فيها بعض أنماط الدعم القبلي مسنودة بتضاريس صعبة وضعف في سيطرة الدولة عليها. وكانت عدن قد شهدت في أكتوبر عام2000 أكبر عملية للقاعدة عندما فجرت عناصر إنتحارية المدمرة الأمريكية كول وذهب ضحية العملية نحو17 عنصرا من المارينز الأمريكي. ويبدي المحلل السياسي اليمني ووكيل أول نقابة الصحفيين سعيد ثابت إستغرابه مما اعتبره ثغرات أمنية مكنت القاعدة من استهداف مقار أمنية حيوية وتنفيذ تهديدات ومؤشرات ورسائل سابقة لم تقرأها الأجهزة الأمنية بشكل صحيح. وقال ثابت إن وقوع حادث الهجوم علي مبني الاستخبارات في مدينة التواهي بعد48 ساعة فقط من إعلان وزارة الداخلية عن فرار عناصر تنظيم القاعدة في مأرب إلي محافظات مجاورة أمر يدعوللغرابة. وأضاف ثابت إن حادث اقتحام مبني الاستخبارات سبقته ثلاث حوادث كانت بمثابة مؤشرات علي وجود عملية كبيرة تلحق تلك الحوادث لكن يبدوأن الأجهزة الأمنية قد فشلت في قراءة وفهم تلك المؤشرات وهي مقتل العقيد عبد الله الثريا مدير الأمن السياسي في مديريتي المعلا والتواهي متأثرا بإصابته من جراء انفجار وقع في يوم9 مايوالماضي في محيط حديقة وبجانب مبني الإذاعة والتلفزيون المحاذي لمبني الأمن السياسي الذي تعرض إلي الهجوم أخيرا والمؤشر الآخر التصريح الذي نشرته وزارة الداخلية علي موقعها الإلكتروني يوم17 يونيوالجاري ونصه' إن عناصر من تنظيم القاعدة فرت إلي محافظات مجاورة اثر ضربات موجعة وجهتها أجهزة الأمن لكافة أوكار التنظيم الإرهابي بمحافظة مأرب' مشيرة إلي' إجبار تلك العناصر الإرهابية علي الخروج والفرار من الأماكن والمناطق التي كانت تتحصن فيها'. وأما المؤشر الثالث حسب سعيد ثابت فهوما تم ترويجه من تسجيل صوتي منسوب لأحد قيادات القاعدة قبل يوم واحد من عملية عدن وفيه يتوعد السلطات بالثأر والانتقام منها بسبب ما قال إنها جرائم ضد النساء والأطفال في وادي عبيدة بمأرب. ويري سعيد ثابت أن الأهداف الأساسية من العملية ربما تكون إحداث صدمة وهزة عنيفة في السلطة اليمنية ورجالها وثانيها: إثبات وجود التنظيم كرد علي ما تقوله السلطة أنها نجحت في تحجيم وضرب وتجفيف منابع التنظيم وثالثها: تنفيذ تهديدات بالانتقام من عمليات الضربات الأمنية التي تعرض لها التنظيم مؤخرا خاصة الضربات الجوية التي استهدفتهم لكن معظمها لم يصب الهدف. أما الخبير في شئون تنظيم القاعدة باليمن محمد الجمحي فيعتقد ان حادث الاعتداء علي مبني الأمن السياسي بعدن أكثر حادث يمكن التأكيد أن منفذه هوتنظيم القاعدة وأنه لايحمل بصماتها فحسب وإنما ختمها وتوقيعها حد تعبيره. وقال أن القاعدة أرادت بهذه العملية خلط الأوراق علي السلطات اليمنية وإثبات حالة من القدرة علي الاستمرار وعدم الضعف الذي توصف به لاسيما بعد الضربة الجوية التي قيل إنها استهدقت عناصر من القاعدة وراح ضحيتها أمين عام محلي مأرب جابر الشبواني. ويؤكد الجمحي أن هذه العملية جاءت لتقول إن القاعدة قادرة علي الوصول إلي أقوي وأبعد الأماكن التي لم يكن في حساب السلطة وصول القاعدة إليها لافتا إلي أن العملية تأتي في إطار إستراتيجية القاعدة المتعددة الدرجات التي تستهدف في المقام الأول كافة المصالح الأجنبية في اليمن وكل مايأتي تحت مدلول' الصهيوصليبية' حسب فكر التنظيم. وتتوقع الأوساط اليمنية أن تنعكس عملية عدن علي العديد من النشاطات في جنوب اليمن, خصوصا أنها جاءت قبل شهور من إستعداد اليمن لتنظيم خليجي20 في نوفمبر القادم والذي تحتضنه بدرجة رئيسية محافظتي عدن وأبين حيث كانت كثير من دول الخليج أبدت تحفظها علي احتضان اليمن للفعالية الرياضية لأسباب تتعلق بالأجواء الأمنية. ويري مدير مكتب الشباب والرياضة في محافظة عدن جمال اليماني أن الاعتداء الذي حدث سيؤثر علي سمعة اليمن, خصوصا فيما يخص الاستعدادات لاستضافة خليجي عشرين غير أنه أكد إن ذلك لن يثنيهم عن بذل مزيد من الجهود لإنجاح البطولة الخليجية ومزيد من العمل فيما يتعلق بالميادين والفنادق, واستقبال أحداث خليجي عشرين, كاشفا عن أن السلطات المحلية قامت بتجهيز ستة ملاعب تدريبية خاصة بالبطولة, اثنان منها ينقصهما التيار الكهربائي فقط', مشيرا إلي أن السلطات علي وشك الانتهاء من تجهيزات ملعب22 مايوالرئيسي في مدينة الشيخ عثمان, كما أكد أن مدينة عدن تشهد هذه الأيام حركة دءوبا في مجال توسيع الطرقات والجولات والشوارع, وأن العمل يجري في وتيرة غير عادية. ومن جانبه أكد حزب المؤتمر الشعبي العام'الحاكم أن هجوم عدن جاء بعد توجيه ضربات ناجحة للعناصر الإرهابية ودك أوكارها وهويؤكد حقيقة المخاطر التي تتهدد امن واستقرار المجتمع واليمن بشكل عام من جراء التعبئة الفكرية الخاطئة وثقافة القتل والتدمير من قبل عناصر الإرهاب التي تشوه الدين الإسلامي وقيمه السمحاء. وتبدوعملية عدن حلقة من حلقات متاعب اليمن في السنوات الأخيرة وسط ما يشبه التجاهل الغربي والإقليمي أوما يمكن وصفه بالتباطؤ في إنقاذ هذا البلد العربي من تركة ثقيلة من المشاكل والتحديات تزداد وطأتها يوما بعد آخر وتهدد أمنه وإستقراره ووحدته في الوقت الذي لايزال الغرب يدرس ويتعمق في الدراسة بشأن أحوال اليمن في إطار مجموعة أصدقاء اليمن. وفي الأخير فإن إنتعاش القاعدة في اليمن لم ينثر التراب علي ملفات أخري حساسة وصعبة سواء حرب صعدة التي لا تريد أن تنتهي أوالحراك الجنوبي الذي يستفحل خطره يوما بعد آخر أوحتي متاعب الإقتصاد اليمني الذي يواجه حاليا خيارات صعبة أهونها تراجع عائدات النفط والإستثمارات والقرصنة البحرية وتدفق اللاجئين من القرن الأفريقي وشح الموارد.