مرة اخرى يخلط تنظيم القاعدة فى اليمن كل الاوراق الامنية بعودة قوية الى ساحة المواجهات المسلحة فى محافظة أبين جنوب البلاد و التى خلفت الى الان اكثر من 40 قتيلا من افراد الجيش و عناصر التنظيم و المدنيين. هذه المرة يعود التنظيم مدعوما بجهاديين تسللوا من المحافظات الجبلية المجاورة مثل مأرب و الجوف و شبوة , و مسنودا كذلك بعناصر مسلحة من الحراك الجنوبى الداعى الى فك الارتباط بين شمال اليمن عن جنوبه ويبدو المشهد الأمني في البلاد متأرجحا بين التقليل من تأثير القاعدة في عملياتها الأخيرة وهو نهج تتبعه السلطات اليمنية وبين التضخيم من قوة التنظيم وخطورته وهو النهج الذي تتبعه الولاياتالمتحدة. التي أطلق مسئولون أمنيون فيها علي مدار الأسبوع الماضي زخات من التصريحات تعتبر معارك اليمن أخطر من باكستان وتدعو إلي زيادة التدخل العسكري الصريح في اليمن لمحاربة القاعدة. فقد استقبلت صنعاء بكثير من القلق تصريحات خبراء الإرهاب في واشنطن بشأن تزايد خطر القاعدة في اليمن والذي قد يؤدي إلي تكثيف عمليات السي آي ايه في البلاد بما في ذلك عبر هجمات طائرات بدون طيار. حيث سارع مصدر يمني مسئول إلي التأكيد علي تمسك بلاده بأن مكافحة الإرهاب في اليمن ستظل مسئولية أجهزة الأمن اليمنية. ونفي المصدر صحة التسريبات في بعض وسائل الإعلام الأمريكية والغربية التي تضخم من حجم عناصر القاعدة والخطر الذي تمثله علي استقرار اليمن وأمنه وعلي مصالح الدول الشقيقة والصديقة. واعتبر المصدر حملة التسريبات الأخيرة بأنها قد تكون مرتبطة بأجواء الانتخابات النصفية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبالتالي لن تؤثر علي سياسة الحكومة في مكافحة الإرهاب أو علي التعاون مع المجتمع الدولي في مواجهته ودون المساس بسيادة اليمن ودستورها وقوانينها. وتعد محافظة أبين من أكثر المحافظات اليمنية احتضانا للجماعات الجهادية المتشددة والتي ينتشر أفرادها بأسلحتهم في بعض المدن بصورة علنية. ويري الدكتور عبد الله الفقيه أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء أن مدينة لودر بمحافظة أبين وهي ساحة المواجهات الرئيسية حاليا هي مجرد جيب من جيوب القاعدة في اليمن وان الحكومة اليمنية قد دخلت في حالة مواجهة مفتوحة مع القاعدة قد تستمر لأشهر. أما عن قدرة اليمن علي كسب المعركة مع القاعدة فيري الفقيه أن تحقيق ذلك مرهون بأمرين: الأول النية الصادقة والمخلصة من الحكومة اليمنية في المضي في هذا الأمر إلي النهاية والثاني دعم المجتمع الدولي لتلك الجهود. ومن جانبه يؤكد طارق الشامي رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن وجود تنظيم القاعدة في اليمن ليس كما يتم تصويره في وسائل الإعلام معتبرا إن هناك وجودا لبعض العناصر اليمنية أو التي وفدت من خارج اليمن لكن الحكومة عملت علي متابعة تلك العناصر وتحجيمها. وأضاف الشامي أنه خلال السنوات الماضية نفذت الأجهزة الأمنية عدة عمليات ضد عناصر القاعدة لكن الإشكالية في مواجهة عناصر القاعدة تكمن في أن المنتمين ل(القاعدة) ليس لديهم مواقع معينة معروفة فهم يتنقلون بين منطقة وأخري والدولة اتخذت الإجراءات القانونية كافة لمتابعة هذه العناصر ومطالبتهم بتسليم أنفسهم إلي السلطات بالإضافة إلي مطالبة القيادات الاجتماعية في المناطق التي يوجدون بها بتسليمهم وعدم السماح لهم بالوجود بين المواطنين وعندما يستدعي الأمر توجيه ضربات للحيلولة دون تنفيذ تلك العناصر عملياتها الإرهابية فإن الدولة تبادر بتوجيه ضربات استباقية للعناصر أينما وجدت. ويستفيد تنظيم القاعدة من حالة الإضطرابات في محافظات اليمن الجنوبية علي خلفية نشاط الحراك الجنوبي ولهذا تركزت أغلب عمليات القاعدة في الشهور الثلاثة الأخيرة علي المحافظات الجنوبية حيث قتل في19 يونيو الماضي11 موظفا بينهم8 عسكريين في هجوم علي مقر الأمن السياسي في عدن. وتوالت عمليات القاعدة في محافظات اليمن الجنوبية حيث قتل خمسة جنود وأصيب آخر في عتق بشبوة ببنادق رشاشة في22 يوليو. ومطلع شهر أغسطس وقع هجوم انتحاري بدراجة مفخخة علي مقر الأمن العام بالضالع أصاب ثمانية جنود ولقي منفذ العملية مصرعه كما قتل3 جنود وأصيب رابع في هجوم بقنابل يدوية علي دوريتهم في زنجبار. وفي منتصف أغسطس استمرت عمليات القاعدة تحصد جنديين وتصيب ثلاثة في هجوم علي دوريتهم في لودر وفي ظل تفاقم الأوضاع الأمنية وإحتدام المواجهات المسلحة مع القاعدة يبدو التعاون اليمني الأمريكي وصيغه المختلفة محل جدل في الفترة القادمة فصنعاء تؤكد مقدرتها علي المواجهة والحسم ولا تنسي التذكير بإحتياجها الشديد للدعم المالي والفني علي إعتبار أن الإرهاب آفة عالمية وتتعامل بحساسية مفرطة مع التسريبات الأمريكية التي لا تتفهم برأيها خصائص وطبيعة المجتمع اليمني والتداخلات المعقدة فيه ورفضه المطلق لأن تكون واشنطن لاعبا صريحا في الملعب اليمني. أما الولاياتالمتحدة والتي تستضيف الشهر القادم مؤتمرا لأصدقاء اليمن للبحث في دعم مواجهة القاعدة وتحسين التنمية فيبدو أن شهيتها للتدخل العسكري والأمني الصريح باتت تشكل بالنسبة إليها قضية أساسية وجوهرية لملاقاة تنظيم القاعدة قبل أن يستفحل خطره في هذه المنطقة.