اعتمد التحالف البريطاني الجديد من المحافظين والليبراليين منذ تشكيله علي أن يروج لنفسه بأن يدعو للتغيير, ولكن بعض الأشياء علي ما يبدو تظل كما هي دائما. ففي احدي الفضائح التي ضربت وستمنستر( مقر مجلس العموم البريطاني) بعد انتخابات السادس من مايوالماضي قدم واحد من كبار وزراء الحكومة واكثرهم احتراما استقالته من منصبه أواخر شهر مايوالماضي, بعد الكشف عن كسره القواعد البرلمانية بشأن حصوله علي نفقات غير مبررة, في أول فضيحة كبري يتوجب علي ديفيد كاميرون التعامل معها منذ أن أصبح رئيسا للوزراء. فقد أوردت صحيفة الديلي تلجراف اعتراف ديفيد لاوز وزير الخزانة, الليبرالي الديمقراطي, بأنه أنفق حوالي40 ألف جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب كبدل سكن لصديقه جيمس لوندي, وبرر فعلته تلك بانه كان يريد الحفاظ علي حياته الشخصية وعلاقته بلوندي سرا, وهوما كان سينكشف لوطلب التعويضات التي يحق لنائب ان يحصل عليها, وأكد ايضا انه لم يكن يظن أنه انتهك القانون لانه لم يكن يعيش مع لوندي كزوجين, وبرغم أن الوزير المستقيل أصدر اعتذارا علنيا أكد فيه أنه سيعيد فورا كل تلك المبالغ الي الخزانة العامة إلا انه ومما لا شك فيه أن الحكومة بطرفيها, المحافظ والليبرالي, تشعر بحرج عظيم وعلي أكثر من صعيد, فهي من جهة جعلت محاربة الفساد البرلماني وإصلاح النظام السياسي أحد أهدافها الرئيسية, ومن جهة أخري بدأت في اعتماد خطة تقشف شرسة لتقليص الإنفاق العام والتي بالطبع طالت المواطن البريطاني العادي في كل ما يتعلق بحياته اليومية تقريبا. فضيحة لاوز وإن كانت الأولي في حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلا انها لم تكن الأولي علي الإطلاق في تاريخ مجلس النواب البريطاني الذي احتل منذ منتصف العام الماضي وحتي الآن الصدارة في مسلسل يطلق عليه نزيف مالي مستمر من نواب ووزراء بريطانيين تفننوا في إهدار أموال الضرائب في أغراض شخصية بحتة وأحيانا تافهة! ففي العام الماضي استطاعت صحيفة الديلي تليجراف الكشف عن فضيحة هزت ثقة الناخبين في نوابهم, وإنجرف في تيارها العديد من النواب الذين تقاضوا مبالغ تفوق الخيال, فهناك أربعة وزراء استغلوا نظام النفقات لمصلحة أغراضهم الشخصية مثل قيامهم بشراء شقق باهظة التكاليف وتأثيثها, وكان علي رأسهم وزيرة السياحة باربارا فوليت ووزير الهجرة فيل وولاس ووزير الصحة بن برادشو ووزير خدمات الرعاية فيل هوب, لكن وزيرة السياحة كانت مصيبتها أكبر, فبرغم كونها مليونيرة إلا أنها أصرت علي طلب دوريات أمنية خاصة حول منزلها في لندن بتكلفة25 ألف جنيه إسترليني, لكن هناك نوابا آخرين كانت لديهم بعض القناعة إذ لم ينفقوا أكثر من ثمن حفلات شواء أوتليفزيونات بلازما أوشراء أفلام فيديوللتسلية وأمواس حلاقة! وإذا كنا بصدد الحديث عن فضائح مجلس العموم فلا نستطيع إغفال مايكل مارتن وهو رئيس المجلس الذي دفع هو الآخر ثمن فضيحة إهدار المال العام التي اساءت إلي النظام السياسي في بريطانيا دفعته إلي تقديم استقالته, والسبب هو حملة ضارية شنها ضده زعماء الاحزاب واعضاء البرلمان بسبب تسامحه وتهاونه في استرداد اموال الدولة التي حصل عليها نواب مجلس العموم القادمون من مناطق اخري للإقامة في لندن لحضور جلسات المجلس, حيث تبين حصول هؤلاء النواب علي11 مليونا و600 ألف جنيه استرليني للإقامة والانتقالات, وأنفقوا هذه الأموال علي تصفيف شعر الكلاب وتهذيب أشجار حدائقهم! لقد أعطت الانتخابات السابقة للناخب البريطاني أملا كبيرا في تطهير المجلس من الفساد, ولكن مع فضيحة لاوز الأخيرة والتي ضربت الحكومة البريطانية في مقتل فيبدو أن شهر عسل رئيس الوزراء البريطاني انتهي مبكرا جدا!