صور.. إقبال كبير على البرنامج التثقيفي للطفل بأوقاف الفيوم    نائب عن حزب مستقبل وطن: اتحاد القبائل العربية سيستكمل دوره الوطني مع الدولة المصرية في مواجهة الإرهاب    محافظ مطروح يتابع أعمال تطوير المعهد التكنولوجي العالي    "المصريين": توطين الصناعات الاستراتيجية يسهم بفاعلية في حماية الأمن القومي    «مايلستون» تنطلق بأول مشروعاتها في السوق المصري باستثمارات 6 مليارات جنيه    الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعمار قطاع غزة ما بين 30 إلى 40 مليار دولار    زيزو يقود هجوم الزمالك أمام البنك الأهلي    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    إحالة تجار الأسلحة بالبدرشين للمحاكمة الجنائية    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    وزيرة التضامن تُكرم مؤلف مسلسل "حق عرب" لدوره التوعوى حول الإدمان    بالصور.. كواليس حلقة "مانشيت" من داخل معرض أبوظبي الدولي للكتاب غدًا    نادي الأسير الفلسطيني يعلن استشهاد معتقلين اثنين من غزة بسجون الاحتلال    غسل الأرجل بمياه اللقان ومنع المصافحة والقبلات.. تعرف على أهم الطقوس في «خميس العهد».. «صور»    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    الترجي التونسي يتخذ هذا الاجراء قبل مواجهة الأهلي في نهائي دوري الأبطال    "لا مكان لمعاداة السامية".. بايدن يهاجم طلاب الجامعات الأمريكية بسبب الاحتجاجات    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة فرضت عقوبات ضد 280 كيانا روسيا    السعودية.. حريق هائل بأحد مصانع الأحبار بالمنطقة الصناعية وتحرك عاجل للسلطات    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    للبنات.. تعرف على خريطة المدارس البديلة للثانوية العامة 2024-2025 (تفاصيل وصور)    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    إمام الحسين: كبار السن يلاقون معاملة تليق بهم في مصر    الكشف على 1540 مريضا.. قافلة طبية مجانية غربي الإسكندرية    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    تونس .. بيان مهم من البنك المركزي    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفكر فرنسي يفضح إيديولوجية إسرائيل
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 06 - 2010

الأيديولوجية التي قامت عليها دولة إسرائيل الصهيونية‏,‏ والشكوك حول مصداقيتها‏,‏ واستغلالها لشتي الوسائل من الدين إلي الهولوكوست إلي عداء السامية. وذلك للتغطية علي الجرائم المرتكبة في حق الفلسطينيين‏.. كلها قضايا استعرضها كاتب فرنسي مناضل لحقوق الإنسان وله باع طويل في مناهضة مايقع علي عاتق الأقليات من ظلم لدرجة حمل السلاح من أجل الدفاع عنهم‏.‏
فمن خلال رسالة كتبها الكاتب والمفكر الفرنسي ريجيس دوبريه في‏160‏ صفحة‏,‏ وجهها إلي صديقه سفير إسرائيل السابق بفرنسا ايلي برنافي وهو المتضامن مع الفلسطينيين ألقي باللوم علي السياسة الإسرائيلية في عرقلة السلام وشدد علي أن خلاص إسرائيل الحقيقي والمرجو لن يأتي إلا بقيام الدولة الفلسطينية‏.‏
ففي كتاب رسالة إلي صديقي الإسرائيلي الصادر لتوه في باريس يبدأ ريجيس دبريه بدباجة اعتذارات ليستنهض لدي القارئ ومجازا لدي صديقه الإسرائيلي برنافي متابعة متفهمة لفصول الكتاب السبعة مؤكدا حسن نيته وتقديره للبعد الاخلاقي لمشروع إسرائيل‏.‏
ويحاول دوبريه من خلال الكتاب المقارنة بين الشجاعة في قيام الدولة العبرية وضرورة إعادة النظر في الحقيقة الراهنة‏,‏ ومن حلم الصهيونية المثالي الأول إلي انزلاق الحلم إلي هاوية التعصب الديني‏,‏ وسيطرة الجماعات المتطرفة‏,‏ ومن المشروع الأول الجامع للأخلاقيات المختلفة والمتباينة إلي السقوط المتدرج في العنصرية ضد الفلسطينيين‏,‏ وحتي ضد العرب الإسرائيليين‏,‏ كما يستعرض الكاتب البعد الصهيوني‏,‏ المحرقة‏,‏ معاداة السامية‏,‏ وإسرائيل المزدوجة‏,‏ وخطورة الانطوائية‏.‏
استهل افتتاحيته بإهداء احتفي فيه بدانيال بارنبوم‏,‏ مؤسس الأوركسترا الإسرائيلية العربية‏,‏ الذي يتمتع ببعد النظر حيث أسس دانيال بارنبوم ديوان الشرق والغرب الذي جاب أكثر من دولة أوروبية‏,‏ وعالمية بما فيها إسرائيل‏,‏ للدفاع عن التقارب الفلسطيني الإسرائيلي‏.‏
والكتاب يمنح القضية الفلسطينية بعدا ثقافيا يخلخل الكيان الصهيوني في فرنسا وخارجها‏,‏ ويركز علي الشعور الفوقي التبريري للنرجسية اليهودية التي ترفع شعار تفوق العرق اليهودي باعتباره العرق المختار من الله‏.‏
يتوقف دوبريه في الفصل الرابع عند ذاكرة المحارق وأدائها في استنهاض التراث الانساني لتجميع المسحوقين من اليهود ثم تحولها إلي أداة في ماكينات النفعية السياسية‏.‏
وفي فصل آخر يناقش دوبريه خطر التوحد أي عمي إسرائيل عن الحقائق واستمرار مسيرتها في قوة البطش فيما يدفعها علي الأرجح إلي الهاوية‏.‏
وفي الفصل قبل الأخير‏,‏ يستعرض الكاتب التغيرات والتحويلات العالمية التي تنسحب شيئا فشيئا من تحت أقدام الإسرائيليين‏,‏ فالعالم الجديد الاحادي القوي في أولويات مصالحه لم يعد يري في إسرائيل حبيبته الوحيدة في الشرق وفي موازاة ذلك لم يعد السلوك الإسرائيلي يمثل القيم والافكار الغربية فلماذا تستمر هذه المثاليات للدفاع الأعمي عنه ويخلص الكتاب إلي توصيف إسرائيل بخطين تاركا الأمل في أحدهما‏.‏
وبالرغم من كم الانتقادات للسياسة الصهيونية‏,‏ يأتي رد صديقه برنافي بالموافقة علي مجمل الرسالة بانتقاداتها‏,‏ وجاءت ردود الفعل علي كتاب رسالة إلي صديق إسرائيلي مذهلة في عنفها من جانب من دأبوا علي الدفاع عن السياسة الإسرائيلية مهما كانت‏,‏ حيث حرصت الجوقة المعهودة من كلود لانزمان إلي بيرنار هنري ليفي‏,‏ وأندريه غلوكسمان وآخرين علي اتهام دوبريه بالمعاداة البدائية لإسرائيل‏,‏ ومن الواضح ان مجمل هذه الردود بدت وكأنها لم تقرأ الكتاب‏.‏
ويري إيلي بارنافي أن إسرائيل لها كيانان‏,‏ كيان يعتنقه شخصيا ومتوجه نحو العالم‏,‏ وهو العلماني‏,‏ وكيان آخر وثني متمحور حول أرض مؤلهة وسجينة معتقدات عتيقة تستخلص منها إيديولوجية حديثة‏,‏ الأمر الذي يعده غريبا حتي عن الدين اليهودي الكلاسيكي‏.‏
ويقول ريجيس دوبريه الطامح في ترجمة كتابه إلي العربية علي غرار مؤلفات روجيه جارودي‏,‏ ان الخطر اليوم‏,‏ هو أنه إذا استمرت إسرائيل في الاتجاه نحو الغرب‏,‏ فإن الشرق الإسلامي يدير ظهره لإسرائيل وللغرب‏,‏ إن شركاء إسرائيل الذين أبرمت معهم إسرائيل سلاما باردا مثل مصر والأردن يحجبون في العمق مجتمعات معادية أكثر فأكثر لإسرائيل‏.‏
حتي تركيا‏,‏ الحليف العسكري والسياسي لإسرائيل‏,‏ يبتعد بدوره عنها‏,‏ ويري الكاتب أن الاعتماد علي باراك أوباما للضغط علي إسرائيل يبقي مجرد وهم‏,‏ وإن الخرائط الجغرافية التي تعدها بتأن الأمم المتحدة منذ سنوات تظهر سياسة القضم للأراضي الفلسطينية وانتشار بقع المستعمرات علي مدي واسع‏,‏ الشيء الذي غير الملامح الجغرافية لأرض فلسطين‏,‏ وطرقها ومعالمها‏,‏ إلي درجة أن بعض الشركات شطبت خارطة فلسطين من دلائلها السياحية لتضع مكانها الابتكارات العمرانية الإسرائيلية‏,‏ موضحا إن أوروبا التي تتعرض‏,‏ باستخفاف هي وبعثاتها الدبلوماسية‏,‏ والانسانية والحقوقية للإهانة من قبل إسرائيل‏,‏ ولاتقدر علي الرد علي تصرفات تلك الهمجية وهذه الاهانات‏.‏
ولم تسلم فرنسا من الانتقادات اللاذعة‏,‏ حيث يتهمها ريجيس ضمنيا بازدواجية المعايير في التعامل مع الفرنسيين اليهود الذين اعتبرأنهم مدللو فرنسا مقارنة بالفرنسيين العرب المسلمين‏.‏ فيقول ريجيس‏:‏ في الوقت الذي لا تعترف الجمهورية بأي معتقد أو ديانة‏,‏ إلا أنها عمليا خلقت أفضلية تجاه أماكن العبادة والحفلات الدينية‏,‏ فعند نهاية الصيام اليهودي كيبور مثلا‏,‏ يتسابق العديد من الوزراء وممثلي المعارضة نحو الكنيس الأكبر لباريس‏,‏ غير أن الأعياد المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية‏,‏ والإسلامية بفرنسا لاتحظي نهائيا بنفس الاهتمام‏.‏
ولم يغفل الكاتب الاشارة إلي الفوبيا الراسخة في فرنسا‏,‏ والتي تتجلي في التنديد بالمآذن وتستثني معابد اليهود‏,‏ مبديا استغرابا إلي ما آلت إليه الأمور بحيث إن كلمة‏,‏ العرب‏,‏ أصبحت اليوم بمثابة سبة‏,‏ كما أن النقاشات التافهة حول الهوية الوطنية ركزت علي موضوع وحيد من منطلق الاستياء الفرنسي من النقاب وليس الكيبا‏(‏ الطاقية اليهودية‏).‏
ولم يغفل المفكر والفيلسوف ريجيس دوبريه الإشارة في كتابه إلي مايعانيه الفلسطينيون من المسلمين والمسيحيين من الفقر أوالعيش تحت خط الفقر‏,‏ منددا بطريقة الإذلال التي يتعاملون بها‏,‏ بكونه شاهد عيان ومن منطلق ما راءه بعينه علي أرض الواقع في الأراضي المحتلة‏,‏ حيث الآلاف المؤلفة من البشر ينتظرون منذ الصباح الباكر لتفتح لهم إسرائيل الطرقات والحدود للمرور عبر الجدار الفاصل‏,‏ ويضيف دوبريه‏:‏ إذا كانت البربرية تتحكم بالعالم فبأي معجزة يمكن أن يكون قد نجا الضحايا اليهود من أكبر عملية بربرية‏.‏
الواقع ان مايثيره الكتاب من تداعيات وهزة مدوية بفرنسا مازالت في خطوتها الأولي فلم يتعد تاريخ صدوره أسبوعا‏,‏ ان دوبريه أقدم علي كتابه وهو علي يقين بما ينتظره من انتقادات من الإسرائيليين أو الموالين لها فهو يعلم جيدا قانون معاداة السامية الذي طال الكثير من الكتاب والمثقفين أو الفنانين الذين تجرأوا من قبله بمثل مايشابه هذه المقولات‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.