كتب:محمد فؤاد: الرابط بين الرياضة والسياسة خيط رفيع فقد أصبحت كرة القدم بالفعل خليطا بين الإثنين, وقد رأينا كيف أن الشعوب أصبحت تنتقم بالأهداف والهتافات حتي أن هناك مقولات كثيرة تعتبر أن الرياضة ما هي إلا لعبة من لعب السياسة. والأدلة علي ذلك كثيرة ومتنوعة في قارات العالم أجمع, ففي أوروبا مثلا مهد كرة القدم نجد أن الفرنسيين مازالوا ينظرون إلي الألمان بقليل من نظرة أيام الحرب العالمية الثانية ويتذكرون طبعا كيف وصلت الدبابات الألمانية إلي قلب باريس أما الألمان فيتذكرون كيف اقتحموا باريس في وقت قصير بينما لاينسي الفرنسيون نابليون وحروبه في جميع أرجاء أوروبا, ومن هنا تصبح مباريات الفريقين بمثابة البحث عن مجد ضائع وفي المباريات بين اسكتلندا وبريطانيا مثلا نجد الإسكتلنديين يرفعون شعارات حرب الاستقلال وغيرها. ويكفي أنه في مباراة بين انجلترا وأسبانيا في مدريد وكانت مباراة ودية هتف الجمهور جبل طارق لأسبانيا فتوترت أعصاب اللاعبين والجمهور أيضا وانتهت المباراة بالتعادل, وذلك نظرا لأن انجلترا تسيطر علي جبل طارق أما في المباريات بين الصين واليابان فنجد الجمهور الصيني يسب المنتخب الياباني ويذكره بالمذابح التي ارتكبها اليابانيون خلال غزو الصين لكن اليابانيين مازالوا قادرين علي الانتصاروفي أمريكا اللاتينية خاصة في المباريات بين تشيلي وبوليفيا يرفع جمهور بوليفيا لافتات تطالب بحق بلاده في الحصول علي منفذ علي البحر حيث تسيطر تشيلي علي هذا المنفذ ومازالت تلك الحساسية بين الجانبين موجودة حتي الآن أما في المنطقة العربية وفي منطقة الخليج علي سبيل المثال, عندما يلعب فريق ضد الآخر تكون المباراة مباراة حياة أو موت فكل بلد يحاول أن يعطي الانطباع أنه الأقوي. والحقيقة أن امتزاج الرياضة بالسياسة هذه المرة في كأس العالم كان واضحا للغاية فقد وجدنا كثيرا من رؤساء الدول يستقبلون منتخبات بلادهم المشاركة في المونديال, فقد استقبل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا فريق بلاده وكذلك استقبل الرئيس باراك أوباما المنتخب الأمريكي في بادرة لم تحدث من قبل من رئيس أمريكي. ونائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن سيحضر المباراة الاولي لامريكا مع انجلترا في المونديال وبدأ ظهور اهتمام الساسة بالرياضة بشكل جلي في مونديال عام2006 عندما فوجئ الجمهور بالرئيس الامريكي الأسبق بيل كلينتون يجلس في المقاعد الخلفية لمشاهدة المباراة النهائية بين إيطاليا وفرنسا وكان ذلك بمثابة تحول مذهل للأمريكيين حيث لاتمثل لهم كرة القدم اللعبة الشعبية الأولي وامين عام الأممالمتحدة آنذاك كوفي أنان قال إنه يحسد كرة القدم لانها استطاعت ان تجمع العالم علي ما فشلت فيه الأممالمتحدة ففي أوروبا انتهز الرؤساء فرصة الفوز لكسب شعبية ربما لا يمكنهم الحصول عليها من خلال عشرات المحاولات والكلمات وفي استطلاع رأي مثير في المانيا رأينا أن شعبية المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ارتفعت بأكثر من12 في المائة بعد حرصها الدائم علي حضور كل المباريات والاقتراب من الفريق والذهاب لتناول العشاء معهم في مقر اقامتهم ميركل ايضا كانت في منتهي الذكاء حيث نزلت إلي غرفة ملابس اللاعبين بعد خسارة ألمانيا في نصف النهائي أمام إيطاليا لتشجيع اللاعبين وتهنئتهم علي آدائهم. وبنفس الأسلوب سار الرئيس الفرنسي جاك شيراك آنذاك حيث حضر مباريات الفريق الفرنسي في ألمانيا كما حضر مباراة فرنسا ضد البرازيل في ربع النهائي رغم أن الجميع كانوا يتوقعون فوز البرازيل وكذلك تباري المسئولون في إيطاليا علي حضور المباريات بأدوارها الثلاثة لكسب ثقة الناخبين مما يعزز فكرة أن الرياضة والسياسة أصبحت مزيجا صعب الفكاك منه.