كتبت : نيرمين قطب: بالرغم من ان صناعة الدواء في مصر لا تنتج في حقيقة الأمر دواء مصريا خالصا فإنها تواجه العديد من التحديات, ولعل أخطرها هو التشكيك الدائم في كفاءة وفاعلية هذا الدواء لصالح نظيره المستورد من الخارج. وهذا التشكيك قد يرجع الي اسباب حقيقية او انه يرتبط بعقدة الخواجة! الغريب في الامر أنه لا يوجد دواء مصري محلي الصنع من الألف الي الياء فغالبا ما تستورد الشركات المصنعة المادة الفاعلة من الخارج ولا يوجد مصانع لهذه المواد علي ارض مصر اللهم الاعددا قد يعد علي أصابع اليد الواحدة وهذا بسبب الاستثمارات والإمكانات المادية والعلمية المهولة التي تحتاجها هذه الصناعة. وتقسم جودة الدواء لدي المواطن وفقا للطريقة التي تم استيراده بها إذ تمثل العقاقير المستوردة بشكل كامل من الخارج رقم واحد في الأفضلية لدي المريض القادر ماديا علي شرائها لأنها غالبا ما تكون مرتفعة الثمن تليها العقاقير التي لم يتم استيرادها بشكل كامل, وهنا يوضح الدكتور عز الدين الدنشاري أستاذ الصيدلة والأدوية والسموم أن الأدوية في السوق المصرية تقسم إلي أنواع الأول ما ذكرناه سابقا إذ يتم استيراد المستحضر معبئا ومغلفا بالكامل من بلد المنشأ وبالطبع لايصل هذا الدواء إلي المستهلك إلا بعد مروره علي الاجهزة الرقابية بوزارة الصحة وتعرضه للعديد من الاختبارات والتحاليل. أما النوع الثاني من الدواء المستورد فهو ما يعرف ب البالك وهو استيراد كميات كبيرة من الحبوب أو الاقراص والكبسولات داخل طرود وتعبأ داخل مصر, وهذا النوع من الاستيراد يمر أيضا بنفس الإجراءات الخاصة بالرقابة, ويفضله البعض لأنه يوفر مبالغ طائلة قد تصل إلي نصف سعر الدواء لايصل المستورد بالكامل. اما الدواء المصنع محليا فيتم استيراد مواده الخام التي تشمل العنصر الفعال والمواد الخاملة من الخارج ولكن الأكثر استيرادا هي المواد الفعالة حيث يوجد في مختلف أنحاء العالم مصانع اختصاصها فقط إنتاج المواد الخام التي تستورد وتبدأ الماكينات في المصانع المحلية في إنتاج الدواء منها علي شكل أقراص أو كبسولات أو حقن أو دواء شرب وكل الخطوات تتم فيها الرقابة والمتابعة للتأكد من صحة التشغيل. ضمان الجودة الدكتور جمال عصمت أستاذ الكبد والجهاز الهضمي يشبه صناعة الدواء بصناعة السيارات في مصر والتي تمثل في حقيقة الأمر تجميعا للقطع المختلفة وتكوين السيارة في النهاية, ولكن يبقي الحد الفاصل بين الدواء ومثيله في ضمان الجودة, فهناك شركات تستورد المادة الفعالة من مصانع ودول ذات سمعة عالمية ومضمونة وهناك شركات تستورده من مصانع مقلدة موجودة في الصين والهند وباكستان وهذا ما يحدث الفرق الكبير في الأسعار. ويشير الدكتور عصمت إلي أنه حتي تتم المقارنة بين فاعلية دواء مصري وآخر مستورد لابد أن تتم بشكل علمي مدروس من خلال التحليل الكيميائي أو الصيدلي, و أن يتم كذلك عدد من الدراسات المقارنة علي المرضي الذين يتناولون هذه الادوية علما بأن مثل هذه الأبحاث والدراسات تحتاج إلي تمويل من شركات الدواء التي غالبا ما تفضل أن تنفق أموالها علي الدعاية للمنتجات وليس الأبحاث. ويتفق معه في هذا الدكتور محمود عبد المقصود أمين عام نقابة الصيادلة, موضحا أن جزءا كبيرا من حملات التشكيك في الدواء المصري وفاعليته يرجع إلي المنافسة الشرسة مع الشركات الأجنبية التي لا تريد النجاح للمنتج المحلي الأرخص في السعر والذي تعتبره الدولة أن له بعدا اجتماعيا أمام المنتج المستورد وكثيرا ما طالبنا الشركات المحلية بأن تطلق حملات لتصحيح هذه الصورة ولتأكيد أن الدواء المصري آمن وفعال لكنها لا تستجيب! الدكتور عبد الرحمن النجار أستاذ الأدوية ورئيس مركز السموم بطب قصر العيني يشير الي أن سوق الدواء بها الكثير من المنافسة الشرسة جدا من شركات الدواء الأجنبية التي لا تريد أن يتمتع المنتج المحلي بالسمعة الطيبة لدي المستهلك, وهناك أيضا أنماط جديدة من التجارة التي تزحف بسرعة علي هذه الصناعة ومنها شركات التول أو التصنيع لدي الغير التي تسمح لغير المتخصصين الهادفين للربح السريع بالوجود في صناعة الدواء.