ذكرى 30 يونيو| الشعب الجمهوري بالقليوبية يُكرم أسر الشهداء    محلل سياسي: المصريون انتفضوا فى ثورة 30 يونيو ضد جرائم الإخوان    وزير الخارجية والهجرة يلتقي بالسفراء المنقولين للعمل بالبعثات المصرية في الخارج    «المركزية للانتخابات» بحزب المؤتمر تعقد اجتماعات مع أمانات المحافظات    بحضور محافظي القاهرة والقليوبية.. «الشعب الجمهوري» يُكرم أسر الشهداء في ذكرى 30 يونيو    الزناتي: تصعيد الشباب وضخ دماء جديدة يقود نقابة المعلمين نحو التطوير    كيف تساهم منصة اليخوت في تعزيز السياحة البحرية؟    مطار برج العرب الدولي: انطلاقة جديدة و قصة نجاح وطنية    هيئة الدواء تشارك في مؤتمر الاستثمار الأول في الرعاية الصحية بإفريقيا    الرئيس السيسي يوجه بالاستمرار في تطوير المطارات المصرية من خلال شراكات دولية    "التأمين الشامل" توقّع بروتوكول تعاون مع بنك الشفاء لدعم غير القادرين    مجموعة السبع تتفق على إعفاء الشركات الأمريكية من الضريبة الدنيا العالمية    ترامب: نقل مخزون اليورانيوم خطير جداً ولم تكن إيران على علم بضرباتنا    خاص| كيف يمكن مقاضاة إسرائيل دوليًا بعد تحقيق صحيفة «هآرتس»؟.. خبير يوضح    أحمد موسى عن حادث "إقليمي المنوفية": لن يمر بسهولة.. ومصر كلها زعلانة    وزير الخارجية: المياه قضية مصر الوجودية.. لا يمكن أن نفرط في هذا الملف (فيديو)    انطلاق مباراة بنفيكا وتشيلسي في كأس العالم للأندية 2025    إليوت يقود تشكيل منتخب إنجلترا ضد ألمانيا في نهائي كأس أمم أوروبا تحت 21 عامًا    قياسات بدنية للاعبي منتخب تحت 17 عامًا قبل انطلاق المعسكر    4 أندية محلية تطلب ضم مهاجم الزمالك    علاء المني يضع خارطة طريق الأوليمبي قبل بدء فترة الإعداد استعدادا للموسم الجديد    ياسمين صبري تنعي ضحايا حادث الإقليمي.. ربنا يصبر الأهل والأحباب    إخماد حريق داخل شقة سكنية بمنطقة فيصل    صرخة أم في حادث المنوفية: "3 من بناتي ماتوا.. استلفنا نعوشًا من بلد تاني"    خطر على المارة.. إزالة أجزاء من عقار على كورنيش الإسكندرية| صور    بث مباشر.. حفل شيرين عبد الوهاب في ختام «مهرجان موازين»    لميس الحديدي معلقة على حادث فتيات إقليمي المنوفية: لازم حد يتحمل المسؤولية    هل سيدنا الخضر نبي أم ولي؟.. الدكتور عالم أزهري يفجر مفاجأة    انطلاق الحملة القومية للتبرع بالدم بالإسكندرية    الموسيقى قبل النوم: قد تخلصك من الأرق    محافظ القليوبية يتفقد مركز الدم المتنقل بشبرا الخيمة - صور    النيابة العامة: نلتزم بكشف ملابسات حادث إقليمى المنوفية تحقيقا للردع العام    لمدة 15 يومًا.. فتح باب التظلمات لطلاب الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    الاحتفاء بمسيرة أحمد الباسوسي في أمسية بقصر الإبداع الفني بأكتوبر    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    بنفيكا يخطط لإنقاذ جواو فيليكس من دكة تشيلسي    أحمد حلمي ينعى ضحايا الحادث الإقليمي    مجلة «جون أفريك» تكشف كواليس مطاردات الموساد لعناصر حزب الله في أفريقيا    انطلاق منتدى مصر الدولى للتعدين 15 يوليو المقبل    خلال احتفالية بذكرى 30 يونيو.. «الثقافة» تطلق مشروع توثيق تراث فرقة رضا    خبير: ترامب سبب فشل تحجيم إيران نوويًا والوكالة الذرية أداة فى يد واشنطن    فى ذكرى ميلاده.. أبرز مؤلفات عباس العقاد    «عايزين يفجروا أزمة ويضربوا استقرار الأهلي».. إبراهيم المنيسي يفتح النار على عضو مجلس الزمالك    الجيش الروسي يحرر بلدة تشيرفونا زيركا في دونيتسك    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    مصر وتركيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في قطاع الصناعات المعدنية    قائمة الأجانب تهدد مصير مفاوضات الأهلي مع مدافع الأفريقي التونسي    خلال أسبوع.. تحرير أكثر من 330 محضر مخالفات تموينية بمحافظة بني سويف    أحمد السقا يشوق الجمهور لفيلمه الجديد مع أحمد فهمي "أحمد وأحمد"    وزير التعليم العالي ومحافظ دمياط ورئيس جامعة دمياط يفتتحون ويتفقدون عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة دمياط    مديرية الصحة في شمال سيناء تطلق حملة لتعزيز الوعي بأهمية وفوائد نقل الدم    الاتحاد الإفريقي يرحب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    منظمة «OECD» تُطلق تقرير سياسات المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا أيها النكد‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 06 - 2010

ما أكثر الأشياء التي تنكد علينا حياتنا اليومية‏,‏ وتفسد متعة أيامنا وتسجننا خلف أسلاك شائكة من الشك والألم والعذاب‏,‏ لا أتحدث عن معاناتنا في الشارع أو المستشفي العام أو في التعليم أو في الانتخابات أو في الإصلاح السياسي أو في الأخبار السيئة التي تطاردنا عن الفساد والمفسدين‏,‏ وإنما أتحدث عن علاقتنا المهمة مثل الحب والزواج والصداقة والعمل‏,‏ وهي العلاقات التي تمثل لنا قارب النجاة أو جسر الأمل للعبور من قاع الوحدة والغربة والحيرة والحزن الي الانتماء والمشاركة والتحقق والإحساس بالسعادة‏.‏
وقليلة هي الكتب التي تقتحم حياتنا الخاصة‏,‏ وتمس مشكلاتنا اليومية التي ترهق اعصابنا وتصيبنا بالأرق وتدفعنا دفعا الي أحضان المنومات والمهدئات وأشياء أخري‏,‏ بديلا عن أحضان من نحب ونرتاح إليهم‏,‏ فنفضفض للأقراص بما لا نقدر أن نفضفض للبشر‏.‏
ولهذا عندما وقع في يدي كتاب تنكيد المعنويات عنف الانحراف في الحياة اليومية لمؤلفته ماري فرانس هيريجوين‏,‏ قررت أن أشارككم متعة معلوماته‏,‏ صحيح أن اسمه صعب والمقصود به هو كيفية صناعة النكد المعنوي في حياتنا الخاصة‏,‏ بالتلميحات الكلامية والإشارات والملاحظات المنطلقة من سوء النية والكذب‏,‏ والإهانات الناعمة التي تتلون بين الجد والهزل‏,‏ وكلها عدوان مستتر خفي هدفه الهجوم علي هوية الآخر وشخصيته وسحب كل ما يتمتع به من فردية وتفرد‏,‏ أي تنغيص الحياة علي الطرف الآخر بمهارة فائقة دون جلبة أو ضجيج‏,‏ ودون أثر دال عليه‏,‏ وأحيانا نجعله يشعر بالذنب من جراء ما حدث له‏.‏
وماري فرانس طبيبة فرنسية متخصصة في علاج ضحايا النكد‏,‏ وتنقل لنا تجاربها معهم‏,‏ لعلها تفيد في تجنب الوقوع في فخ هؤلاء الاشخاص البارعين في التنكيد علينا‏,‏ وهم يلبسون أقنعة المحبين أو المهتمين‏,‏ مستغلين حبنا لهم واحتياجنا إليهم وثقتنا بهم‏,‏ وقدرتنا عي التساهل والتسامح معهم‏.‏
وقبل أن نبدأ يجب أن نعرف أننا جميعا بلا استثناء يمكن ان نمارس فن تنكيد الحياة ضد احبائنا‏,‏ لكن هذه الممارسة تكون وقتية وبشكل عابر‏,‏ وفي ظروف معينة من حالات الغضب والثورة‏,‏ ولا تكتسب أبدا صفة الدوام والتكرار والتقارب الزمني‏,‏ وإلا كنا منحرفين نسعي إلي التحطيم والهدم‏.‏
ويجب أن نعرف ايضا أن هناك صفات مشتركة للضحايا وهي أنهم جميعا من حمال الأسية بينما الجاني في الغالب من الذين لا يقبلون النقد والشك فيما يعمل‏,‏ ولا يستطيع أن يعيش إلا عبر كسر الآخر والحط من شأنه‏.‏
وتستهل ماري فرانس كتابها ب العلاقة الزوجية وتضرب مثلا بالزوج النرجسي‏,‏ فهو يدفع شريكته في الحياة الي وضع غائم ملئ بالشك وعدم التأكد‏,‏ يتيح له الاحتفاظ بها علي مسافة منه دون أن يسمح لها بغزو عالمه‏,‏ ويجعلها رهن تصرفه وجاهز ة للاستعمال وقتما يشاء‏,‏ والوسيلة هنا هي استمرار الهجوم عليها والانتقاص من شأنها بشكل نمطي‏,‏ بينما هي تتسامح معه في كل أفعاله‏,‏ كنوع من الوفاء والاستقامة العائلية‏,‏ أو تكرار لتجربة حدثت في عائلتها وهي صغيرة‏.‏
وتروي ماري فرانس نماذج مثل الزوج الذي ينقلب بعد الزواج‏,‏ فلا يكترث بزوجته ولا يظهر لها مشاعر الحب والحنان‏,‏ ويسخر منها أمام الناس‏,‏ أو يلومها علي إنفاقها لشراء ملابس جديدة مع أنها تعمل وتدفع الثمن من جيبها‏,‏ وحين تسأله عن أسباب تغيره‏,‏ يرد بإهمال‏,‏ مرة أخري سنعود الي نفس الاسطوانة‏.‏
أو قصة الزوجة النكدية‏,‏ التي تحمل زوجها كل أسباب الإحباط في حياتها حتي لو كانت أزمة المرور في الشارع المجاور‏..‏
أما التنكيد في العمل فهو دوما من الرؤساء المتسلطين‏,‏ والضحايا من المرءوسين‏,‏ الذين يبدون مقاومة للتسلط والرافضين وضع أنفسهم في خدمة مآرب هؤلاء الرؤساء‏,‏ والمدهش في هذا الأمر ليس في إصرار رئيس العمل المنحرف علي التحقير من ضحيته‏,‏ وإنما في قبول الجماعة المحيطة‏(‏ من الموظفين‏)‏ هذا التحقير لزميلهم‏,‏ وأحيانا تدعيم هذا النوع من السلوك‏,‏ مع أن خطر ملاحقة أي منهم بنفس التصرف من الرئيس وارد ومحتمل جدا‏!!‏
وأولي حملات الهجوم من الرئيس المتسلط هي تحميل الضحية نتائج الخلاف في العمل‏,‏ وعدم القدرة علي التكيف مع ظروف الشغل‏.‏
وأحيانا ينبع التنكيد من وجود رجل بين مجموعة من النساء‏,‏ أو امرأة بين مجموعة من الرجال‏,‏ أو تمييز عنصري أو ديني أو اجتماعي‏,‏ وفي هذه الحالات تظهر نكات ومزاح ثقيل العيار‏,‏ وحركات مسيئة واحتقار ورفض لكل ما يصدر عن الضحية من سلوك وأعمال وأقوال‏.‏
وأحيانا أخري تنشأ صناعة النكد من الحسد والرغبة في حصار ضحية تتمتع بالجمال أو الشباب أو الغني أو المهارات الفذة‏,‏ كأن يصطاد مدير قديم شابا حديث التخرج معه شهادات علمية لم يحصل عليها هذا المدير أو ترصد مديرة سيئة الذوق موظفة لديها شياكة وحس راق في اختيار الملابس‏.‏
أما التحرش الجنسي فهو نهج الرئيس المنحرف ضد المرأة فهو يتصور أن أي موظفة لديه لا تستطيع أن تقاوم سحره وجاذبيته‏,‏ كما لو أنه يكتسب صفات منصبه أو أن منصبه يفيض عليه صفات يستحيل أن تقاومها امرأة‏.‏
عموما‏:‏ أيا كان نوع التنكيد‏.‏ كيف نتصرف معه؟
بالقطع يصعب الإفلات من شخص منحرف‏,‏ والبديل هو اكتساب معرفة جديدة بالذات تقي ضحايا التنكيد من السقوط في براثن الأمراض النفسية أو الجسدية‏,‏ واكتساب المعرفة هو أهم خط دفاع عن النفس‏,‏ وأول خطوة هي ملاحظة سلوك صانع النكد وهو يحاول أن يحملنا مسئولية أي خلاف في العائلة أو العمل‏,‏ ثم تحليل هذا السلوك بترو وهدوء‏,‏ حتي نتجنب الشعور بالذنب أو إرهاق أنفسنا بمتاعب فشل علاقات لسنا السبب في فشلها‏,‏ والأهم ألا يكون الضحية جزءا من لعبة الجاني أو ينحرف بدوره الي سلسلة من المناورات التي يتصور أنها قد تحميه‏,‏ فهذا هو ما يسعي إليه صانع النكد‏,‏ فالنصر الحقيقي هو عدم السماح لهذا المنحرف من تنفيذ غرضه‏,‏ بتنغيص حياتنا‏,‏ بالعمل علي إحباط الطرق العدوانية التي يلجأ إليها‏,‏ وكذلك بطلب المعاونة من شخص يثق فيه أو اللجوء الي تدخل القضاء والقانون‏,‏ وفي حالات الزواج يتطلب الأمر إيجاد طرف ثالث وقت حدوث الاعتداءات ليشهد عليها‏,‏ وفي العمل يجب علي الشخص الذي يتعرض للعدوان النفسي أن يدون ويسجل كل شكل من أشكال الاستفزاز‏.‏
اللهم احمنا من النكد والمنكدين علينا‏!!‏
المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة