كالعادة..المسئولون في بلادنا لا يسمعون ولا يتحركون إلا متأخرا.. صرخات أستاذ جامعي ظلت طيلة17 عاما متصلة لم يتوقف خلالها عن طرق أبواب المسئولين الواحد تلو الآخر من الوزير الي الخفير. وأوراقه ظلت حبيسة الأدراج أو تعامل معها موظف صغير بإستخفاف, وظل الأستاذ الذي شارف علي الستين من عمره يلاحق بأوراقه4 محافظين وعندما فشل تقدم بعدة بلاغات معتقدا أنها السبيل الوحيد الذي سينقذ أهل بلده في الصعيد, من كارثة ستضرب قنا عاجلا أم أجلا. بصوت منفعل وقف الدكتور محمود عارف الأستاذ المتفرغ بقسم الجيولوجيا بجامعة جنوبالوادي يشرح لنا داخل مدينة قناالجديدة كيف أنه لايزال يتذكر ما أصاب قنا قبل17 عاما في سيول عام96 وهو ما يجعله ينتفض ويرتعش بعدما شاهد الدمار يضرب قريتين ويدمر80% منهما, وزاد صراخه بعدما أكد أن الدولة بدلا من أن تحتاط لتلك الكارثة وضعت ما يزيد حجم الدمار أضعاف أضعاف ما حدث في عام.96 فالكارثة حسب كلامه, ستأتي لتلحق بالأخضر قبل اليابس وأشار في بداية حديثه إلي بربخ مدينة قناالجديدة والذي قال إنه سوف يحمل130 مترا من المياه التي ليس لها تصريف في الترع والمصارف لأن حده الأقصي لا يتجاوز30 مترا, وقال إنه لم ينس ولو لحظة آثار تدمير السيول لقريتي المعنا وعزبة قرقار. أمام24 فتحة أسفل بربخ مدينة قناالجديدة وقف الاستاذ الجامعي ليقول في هذا المكان تتجمع هنا مياه السيول التي تتساقط علي جبال البحر الأحمر, ثم تنجرف لتمر الي ترعة الكلابية لكن الكارثة الجديدة ان سيل96 الذي اغرق قريتين في قنا الآن في حال تساقط السيول فإن مدينة قنا بالكامل معرضة للغرق والدمار, ويشرح لنا بحرقة شديدة استبقها قائلا حسبنا الله ونعم الوكيل في عام96 كانت فتحات بربخ السكك الحديد48 مترا وكان اتساع الترعة من خلال الفتحات لا يستوعب اكثر من30 مترا وقد تسببت ال18 مترا الفائض بين الترعة وفتحات بربخ السكك الحديد في إغراق المعنا وعزبة قرقار ومناطق أخري الآن نجد اتساع فتحات بربخ مدينة قناالجديدة185 مترا تمر من خلال24 فتحة في حين ان الترعة ذاتها لم تتغير ولاتزال تستوعب30 مترا تمر من خلال ترعة الكلابية, أي أن127 مترا من المياه الجارفة اصبحت في مضمار انجراف السيول التي لا ترحم, ونجد ان بربخ السكك الحديدية أضيف له8 فتحات فقط فما بالنا الآن ب16 فتحة وهنا يصرخ الاستاذ الجامعي لم اترك منذ عام97 بعد نشر مقال لي في صحيفة الأهرام باب مسئول إلا وطرقته وتوالي علي4 محافظين وذات الصرخة أطلقها لكن دون أي استجابة باستثناء مقالة في الاهرام الذي احدث ارتباكا للمسئولين وقتها واتصلوا به للتنسيق لكن التنسيق والحلول لم تعرض عليهم حتي الآن. ويضيف في عهد محافظ قنا الاسبق صفوت شاكر طالبت بأن تفتح ترعة الكلابية للتصريف علي النيل من خلال ممر اوسع علي كورنيش النيل لكي يستوعب النيل الفائض من المياه لكنه رفض وكذلك كل المسئولين الذين تبعوه, ولك ان تتصور انني لم اتوان في مخاطبة جميع المسئولين وقدم لنا الدكتور عارف ما يفيد من أوراق بذلك بعضها مؤشر من وزير النقل والبعض الآخر من محافظين سابقين لمحافظته, وامام بربخ السكك الحديدية شرح لنا كيف أن الفتحات ال16 سوف تغرق مدينة قنا إذا ما هطلت السيول بشكل مفاجئ ووقف وسط احدها ليقول دخلت المياه من هنا في عام96 ولأن قوة المياه كانت هائلة فقد حطمت خط السكك الحديدية وجرفت معها الفلنكات. وأمام كوبري المعنا الجديد وقف الدكتور محمود عارف يشرح لنا كيف ان كوبري المعنا كان أملا لكل أهل قنا وقرية المعنا وذلك لما يحدثه من سيولة مرورية لكنه فجر مفاجأة جديدة وهي أن الكوبري ضيق الحيز الاستيعابي لترعة الكلابية وأن الخرسانة التي يقوم عليها الكوبري والأعمدة الاسمنتية زرعت داخل الترعة مما يؤكد أن هذا سيكون علي حساب القدرة الاستيعابية للترعة التي تستوعب مياه السيول وتتجمع فيها. وقال إن كل هذا سجله في أوراق بحثية وأرسلها الي وزراء النقل والري عاما بعد أخر وتناقلتها سكرتارية المحافظين أيضا وأحدا تلو الآخر والمحصلة أن الكارثة ماضية في سبيلها ولا أحد من المسئولين يأبه بذلك. أما ما يتعجب له الدكتور محمود عارف فهو عملية التكاسي الاسمنتية لمجري السيل والتي قال انها غير مطابقة للمواصفات واضاف: أنا جيولوجي وأعرف هذا جيدا فأقل تحرك للسيل سوف يجرف كتلا معه في طريقه, وكان لابد من أمرين: الأول هو زيادة حجم الأسمنت في عملية التكاسي لتتماسك جيدا وتكون حائط صد والأمر الثاني هو تعليتها4 أمتار بذات ارتفاع الترع وتكون بذات مستوي خط السكك الحديدية الذي جرفته السيول قبل سنوات بعدما لم تستطع السيول العاتية أن تمر من أسفل فتحاته وكانت كالطوفان أخذت في وجهها القضبان والفلنكات, بل إن الأخطر والكلام علي لسانه هي مدينة قناالجديدة التي لن تكون هي الأخري بعيدة عن مجري السيل إضافة الي أنها تربطها شبكة من الاسفلت التي تعد هي احدي وسائل تحويل مجري السيل قبل أن نغادر المكان تركنا الاستاذ الجامعي وهو في طريقه للنيابة العامة لتقديم بلاغ بحجم ما يري انه كارثة تهدد مدينة قنا مسقط رأسه.