المساواة بين الرجل والمرأة لاتزال هي الهدف الذي تسعي النساء لتحقيقه في مجتمعاتنا الشرقية بصفة خاصة, وهذا ما تناوله مؤتمر أقامته بالقاهرة رابطة المرأة العربية. برئاسة د.هدي بدران بالتعاون مع مركز قضايا المرأة برئاسة عزة سليمان ومؤسسة كير واستعرض المشاركون فيه التجربة المغربية من أجل تغيير قوانين الأحوال الشخصية والتي جاءت كثمرة لنضال نسائي استمر سنوات طويلة ولم يكن الطريق مفروشا بالورود. المحامية المغربية زاهية أعمومو عضو الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الانسان والمحامية بهيئة الدارالبيضاء استعرضت التجربة المغربية في تغيير مدونة الأحوال الشخصية وقالت إنها مرت بثلاث مراحل, بدأت أول مرحلة منها في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات عندما أدركت الجمعيات النسائية بالمغرب ضرورة توحيد جهودها من أجل السعي وراء اصدار مدونة شخصية تحمي حقوق النساء.. فكانت المبادرة الأولي هي مبادرة( المليوني توقيع) علي مذكرة تطرح ستة مطالب اساسية هي: 1 منع تعدد الزوجات. 2 إلغاء الولاية. 3 تحديد سن الزواج بما لايقل عن18 سنة. 4 جعل الطلاق بيد القضاء. 5 إعادة النظر في حضانة الأطفال بعد الطلاق. 6 حق بيت الزوجية للأم الحاضنة. وقالت إنه بمجرد طرح هذه الفكرة اشتعل الصراع في المغرب بين مؤيدين ومعارضين للمذكرة حتي تدخل الملك الراحل الحسن الثاني لفض هذا الصراع باستدعائه لمجموعة من النساء ليعرض عليهن المقترحات المقدمة. وجاءت المرحلة الثانية بين عامي1993 و2002 حيث تم تأسيس جبهة وطنية من أجل حقوق المرأة ضمت كل الجمعيات النسائية والحقوق والنقابات والأحزاب السياسية والشباب والفنانين والشخصيات البارزة المهتمة بقضايا المرأة. أما المرحلة الثالثة والأخيرة ما بين2002 و2003 فتمثلت في تأسيس اللجنة الملكية من أجل مراجعة المدونة, حيث تضمنت قضاة وعلماء دين وأساتذة جامعيين ونساء مهتمات بالقضية وبالتوازي مع اللجنة الملكية تكونت ما تم تسميته( ربيع المساواة) وهي مؤسسة تضم9 جمعيات أهلية عملت علي تدوين واقعية مطالب النساء المعنفات, وفضح النصوص القانونية التي تحمي العنف داخل الأسرة,, أثمر كل ذلك عن خروج مدونة جديدة بفلسفتها المبنية علي المساواة والانصاف وتجاوز النظرة الذكورية التي تغلف كل نصوصها. ولعل أهم تغيير حققته الحركة النسائية هو رفع القدسية عن المدونة واعتبارها قانونا وضعيا. وتحدثت القاضية المغربية سناء كميل بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان عن فضل جلالة الملك محمد السادس الذي أسس اللجنة الاستشارية الملكية لإصلاح مدونة الأحوال الشخصية التي جاءت لتشكيل الإصلاح الأكثر عمقا في المجتمع المغربي ضد الاستقلال, لانه ينطلق من فلسفة انسانية تقوم علي الديمقراطية وتستند إلي ثلاثة أهداف كبري هي المساواة بين الزوجين, وتوازن الأسرة وحماية الطفل, حيث جعلت الأسرة, تحت مسئولية الزوجين, والولاية للمرأة الراشدة ومنع تعدد الزوجات, كما جعلت الطلاق يمارس من قبل الزوج والزوجة كل حسب شروطه وبمراقبة القضاء, كما حافظت هذه المدونة علي حقوق الطفل بإدراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية. هذه بعض ملامح التجربة المغربية لتغيير مدونة الأحوال الشخصية التي تم عرضها في القاهرة مؤخرا. وقد قامت رابطة المرأة العربية بتنظيم عدة لقاءات للوفد المغربي لعدد من المسئولين في مصر وصناع القرار لتبادل الخبرات والتشاور حول التعديلات المطروحة لقانون الأحوال الشخصية المصري.