في أقل من24 ساعة تغيرت الصورة بالكامل ليصبح المعتدي معتدي عليه, والعكس بالعكس, ففي اليوم السابق لحادثة سحل المواطن حمادة, أول فبراير الحالي, كان هناك تعاطف شعبي مع رجال الشرطة نظرا لسقوط ضابط ومجند كشهداء يوم26 يناير بعد النطق بالحكم في قضية مجزرة بورسعيد وجهة نظري التي لا أخفيها أن كسر شوكة رجال الشرطة لن تعطيهم القدرة الكاملة علي حماية المواطن والمنشآت التي هي من صلب واجباتهم والتي نحن جميعا في حاجة إليها لنحمي أنفسنا وأبناءنا من البلطجية الذين تجاوزوا كل الحدود. وكرجل تربي في ظل مناخ احترام القانون والنظام العام كنت أحيانا أذهب إلي الصورة التي بقيت في ذاكرتي في الأربعينيات والخمسينيات حينما كان يعتدي مواطن علي شرطي فيمزق جزءا ولو بسيطا من ملابسه ولو زرار الجاكتة...!!, وكيف كان الجزاء رادعا لحماية صورة ممثل هيبة الدولة. و جاء يوم سحل المواطن حمادة صابرأول فبراير أمام الاتحادية في الصورة التي انتشرت في مصر والعالم كله لينقلب المواطن ضد الشرطة, وما سمي بالقسوة والتجاوزات وهنا كان من الطبيعي أن أغير عنوان هذا المقال الذي كان في البداية: رد اعتبار الشرطة ليصبح رد اعتبار الشرطة والمواطن... لأضع في مخيلتي صدمة الرأي العام وهو يشاهد عملية السحل والاعتداء علي المواطن حمادة. وبطبيعة الحال لن ننسي أيضا مقتل38 مواطنا في يوم واحد في بورسعيد. إذن اليوم نريد رد اعتبار الشرطة والمواطنين ولكن نريد قبل كل ذلك أن تنتهي تحقيقات النيابة وقضاة التحقيق لنعرف من قتل المواطنين في بورسعيد ومن قتل شهداء الشرطة. ولكن من أجل الموضوعية أقول إن وزارة الداخلية قامت بجزء كبير من واجبها في واقعة سحل الشاب أمام الاتحادية من خلال الاعتذار الرسمي لوزير الداخلية وإحالة المتهمين من رجال الشرطة إلي النيابة العامة وإدارة التفتيش.أما عن تضارب أقوال حمادة فإن مرجع ذلك في رأيي إلي البؤس والبطالة التي عاشها لعدة أشهر كان يبحث خلالها عن أي فرصة عمل. ومع ذلك فإن الخطأ الجسيم لخمسة من رجال الشرطة لا يعطينا الحق في تعميم الحكم علي عليهم جميعا. مرة أخري ليتنا نلتزم جميعا بقاعدة عدم خلط الأوراق, وأن نستعين برجال الأمن الوطني للبحث عن الوسائل والطرق التي تساعد عند الصدامات للتفرقة بين المتظاهرين والخارجين علي القانون وأعترف بأنه ليس من السهل حتي علي رجال الشرطة اكتشاف الفرق بينهم. كما أرجو ألا يحاول البعض في مؤسسة الحكم أن يقوم بتصفية حسابات قديمة مع البوليس والشرطة. إلي أين نحن ذاهبون؟ ما هو المخرج من المأزق الدرامي الذي نعيشه؟ هل لدينا الوعي بأن اقتصادنا وانتاجنا يمر بأزمة لم يمر بها من قبل؟ هل يعلم الجميع أن المجموعة الأوروبية لم تقبل أن تنفذ ما وعدت به من قروض ومعونات لأنها غير راضية عن حالة القلاقل والصراعات السياسية في بلادنا؟ هل نمي إلي علمنا أن مستشارة ألمانيا لم تنفذ ما وعدت به حكومتها للتنازل عن بعض القروض التي أعطتها بلادها إلينا؟ أما عن المأزق الدرامي الذي نعيشه الآن فله حل قلته من قبل: إن البداية للحل الذي لايوجد غيره هو عودة الأمن والاستقرار حتي لو كان الثمن هو مزيدا من الحزم والحسم من جانب المسئولين عن الضبط والربط من الشرطة والجيش. فالأمن والاستقرار هو السبيل الوحيد لإنعاش الاقتصاد, والإنتاج, وعودة السياح إلي بلادنا الذين كانوا مصدر الخير والبركة لدعم ميزانية الدولة بمليارات أغنتنا خلال أعوام طويلة عن أن نمد أيدينا لصندوق النقد الدولي والدول العربية التي تحبنا أحيانا. المزيد من مقالات د. على السمان