يبدو أن شعار الشرطة الجديد سيكون هو «الشرطة في خدمة السحل» حيث ستتفرغ الشرطة لسحل المواطنين في كل ربوع المحروسة، بعد أن تخلت الشرطة عن مهامها في حفظ الأمن والقبض علي المجرمين، وتفرغت لشيئين لا ثالث لهما، أولهما حماية السيد الرئيس وحفظ أمن قصوره. . وثانيها سحل المواطنين بعد تعريتهم.. من خلف ومن أمام، مع القيام بالمشهيات المصاحبة للسحل من ركل وسباب.. وبعدها تخرج بياناتها للاعتذار.. ثم بعد ساعات تنكر الشرطة الأمر من أساسه، علي طريقة السيد الرئيس في الإعلان عن الشيء ثم الإعلان عن نقضيه، بعد بضعة ساعات، وتحقيقاً للمثل القائل «إن كان رب البيت بالدف ضارباً».. فالشرطة في مجال نفيها لسحل المواطن «حمادة صابر» قالت إنها إنما كانت تنقذه من أيدي المتظاهرين الذين عروه وسحلوه وأنها بريئة من سحل المواطن «حمادة» براءة الذئب من دم ابن يعقوب. والمواطن المسحول الذي لم تكتف الشرطة بسحله بدنياً.. أكملت سحله معنوياً ليقول إن الشرطة كانت أحن عليه من حنان الأم علي وليدها.. وأنها لم تضرب ولم تسحل، وإنما الثوار ولاد الإيه هم من فعلوا به كل ذلك، حدث ذلك أثناء استضافة الشرطة المواطن «حمادة صابر» للعلاج في مستشفي الشرطة، علي طريقة قتل القتيل ثم المشي في جنازته.. وهكذا أخرجت الشرطة لسانها للجميع لتقول لهم ها قد شهد المواطن المسحول ببراءتها، ودعك من مئات الملايين الذين شاهدوا الواقعة في كل تليفزيونات العالم.. ولدرجة جعلت محطة cnn تضع شريطاً فوق الحدث عند إذاعته تقول إنه ممنوع علي الأطفال ومرضي القلب مشاهدته! دعك من أن المواطن «حمادة صابر» قد غير أقواله حال مغادرة مستشفي الشرطة، ودعك من أن رقبة الشرطة قد أصبحت مثل السمسمة، ولكن المهم أن الشرطة قد قامت بواجبها في سحل المواطن «حمادة» لتؤكد للسيد الرئيس أنها علي العهد باقية، وأنها في القيام بواجب السحل المقدس لا تلتفت لصغائر الأمور مثل كرامة المواطن أو تحقيق الأمن والعدالة، فما يهم هنا هو رضا السيد الرئيس ومكتب الإرشاد.. وجماعة الإخوان، وليحمد المواطن المسحول ربه أن نصيبه من كرم رجال الشرطة لم يكن سوي طلقة خرطوش في قدمه.. في حين أن آخرين في بورسعيد قد نالوا رصاصاً حياً في صدورهم ورؤوسهم! وليست واقعة سحل المواطن «حمادة» هي الأولي من نوعها - حاشا لله - فنحن لم ننس بعد ست البنات التي تمت تعريتها وسحلها من قبل، وإن كانت قد وجدت جندياً يقوم بتغطيتها بعدها، أما الآن فمسألة تغطية المسحول قد صارت نظاماً قديماً.. والعرض الجديد الذي تقدمه الداخلية هو السحل مع تعرية المسحول كما ولدته أمه.. تحقيقاً لمبدأ الشفافية التي بشرنا بها السيد الرئيس في بداية ولايته! فالسيد الرئيس وعدنا بالديمقراطية ولم نر من يومها سوي الديكتاتورية وميليشيات الإخوان وقتل المتظاهرين علي أيديهم في الاتحادية.. والسيد الرئيس وعدنا بالأمن والأمان.. فلم نر منهما سوي طلقات الخرطوش والرصاص الحي من الشرطة علي المتظاهرين.. وبعدها اغتصاب الفتيات في ميدان التحرير من عصابات إجرامية منظمة، تتعمد التحرش بالفتيات وخلع ملابسهن واغتصابهن، كي لا يعدن مرة أخري إلي ميدان التحرير، لإفراغه من الثوار، صبيان وبنات، والفاعل لنا هو المستفيد من قمع الثورة والثوار من خلال البلطجية، والمحرض والممول علي ذلك معلوم للجميع. والسيد الرئيس وعدنا بدستور نزيه وانتخابات حرة، فلم نجد سوي سلق للدستور في منتصف الليل وتزوير فاضح في انتخابات الرئاسة والاستفتاء علي الدستور، ووعود بعدها بتعديل مواد الدستور الخلافية، ولكنها كانت أيضاً وعوداً ليلية، طلع عليها النهار فساحت! والسيد الرئيس وعدنا بحياة حرة كريمة وعدالة اجتماعية، فزاد الفقر في البلاد وحصدت القطارات أرواح الغلابة الأبرياء واستشهد ثمانية عشر مجنداً عند الحدود في إفطار رمضان، والفاعل معلوم دون أن تمتد له يد العدالة، ودون أن تتحقق تلك العدالة الضائعة في سماء المحروسة. والسيد الرئيس وعدنا برخاء اقتصادي عظيم.. فكانت النتيجة أن الحكومة باتت تتسول القروض من خلق الله وصندوق النقد علي طريقة «لله يا محسنين»، ولدرجة وصل معها الدولار لسبعة جنيهات ونصف الجنيه، ولدرجة أن الحكومة تعتزم توزيع ثلاثة أرغفة خبز لكل مواطن. فشكراً للسيد الرئيس المنتخب وحكومته.. ولا أراكم الله مكروهاً في وطن ومواطنين لديكم!!