كانت الأمور قد بدأت تئول إلي الهدوء والاستقرار النسبي بعد إنتخاب رئيس للجمهورية ومجئء أول حكومة لرئيس منتخب, وكانت الخلافات السياسية قد بدأت تأخذ منحي تقليديا بين أي حكومة ومعارضة, إلي أن قام النظام الحاكم بمغامرة خطيرة لتغيير قواعد اللعبة في صالحه من خلال إعلان دستوري عصف بالسلطة القضائية وبالنائب العام ومكنه من تمرير دستور غير متوافق عليه وبه ما يقلق حول مستقبل الحريات في مرحلة ما بعد الثورة. وبتغيير قواعد اللعبة منفردا ثارت القوي المعارضة وشباب الثورة واندلع العنف وبما لا ينذر بعودة الهدوء مرة أخري قريبا. إلا أن الوقت ليس في صالح الجميع, فالإقتصاد يتهاوي ومؤشراته في تراجع, ولا يوجد ما يوحي باستعادة الإقتصاد لعافيته في غياب الاستقرار السياسي وافتقاد الثقة والآمان لدي الأطراف الاقتصادية المختلفة. وبينما يسعي البعض داخل الحكومة لطمأنة المستثمرين المحليين والأجانب وشركات السياحة من خلال تكثيف اللقاءات, فإن الواقع علي الأرض يعمل في عكس هذا الاتجاه بما في ذلك الأحكام القانونية الصادرة بحق بعض الشركات وقرارات للنائب العام الجديد ضد بعض الشخصيات الاقتصادية, وهو ما يزيد من هروب المستثمرين وتخوف السائحين, فضلا عن عدم رغبة أي موظف أو مسئول حكومي في تحمل مسئولية أي قرار لازم لتسيير النشاط. إن النتيجة الحتمية للتطورات السياسية الحالية مزيد من التدهور في النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة عن مستوياتها المرتفعة حاليا قرب13%, وتفاقم معدلات الفقر, وعدم القدرة علي تلبية طموحات المواطنين خاصة من الشباب في مستوي معيشة أفضل, وهي نتائج ليست في صالح النظام الحاكم أو حتي القوي المعارضة الحالية. إن الوصول إلي نوع من التوافق حول قواعد اللعبة أصبح حتميا ويستلزم في الأساس مزيدا من المرونة وبعض التنازلات من الحزب والجماعة الحاكمة وتجاوب من المعارضة لتسيير الأمور, لأن الوقت ليس في صالح أحد والغضب يمكن أن يعصف بالجميع. المزيد من مقالات ياسر صبحى