قال خبراء اقتصاديون إن الغموض يسيطر على مستقبل الاقتصاد المصري خلال المرحلة الحالية، خاصة بعد قرار المجلس العسكري الحاكم في مصر بحل البرلمان تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب وتجدد المظاهرات اعتراضاً على قرار حل البرلمان. وأكدوا في تصريحات خاصة ل"العربية نت"، أن الحديث عن نسب نمو في الوقت الحالي مجرد "تخاريف" خاصة بعد عودة التظاهرات إلى الميادين اعتراضاً على حل البرلمان ودخول البلاد مرحلة صعبة تشير إلى عودة الأمور إلى المربع "صفر". وعلى عكس توقعات الاقتصاديين التي بدت متشائمة، أعلن وزير المالية في مصر، ممتاز السعيد، أمس، أن مؤشرات أداء الموازنة العامة والاقتصاد المصري تشير بوضوح إلى تعافي الاقتصاد من أزمته الأخيرة وأنه مؤهل خلال الفترة المقبلة للانطلاق واستعادة معدلات نموّه الطبيعية. وأكد أن الإقبال المتزايد على مراكز الاقتراع ربما يفوق معدلات تصويت المرحلة الأولى، وهو ما يبشر بأن مصر بعد انتخاب الرئيس الجديد، ستستعيد جزءاً كبيراً من الاستقرار، وهو العامل الحاسم في النشاط الاقتصادي. لكن الخبير الاقتصادي الدكتور عماد كمال قال إن المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد المصري ربما يعود إلى النقطة "صفر" خاصة بعد الاعتراضات التي بدأت تظهر من قبل القوى والتيارات السياسية والتي تشير إلى أزمة وشيكة بين التيارات الإسلامية والمجلس العسكري الحاكم في مصر بعد قرار حل البرلمان. وأكد كمال أن الأزمة الكبيرة التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي هي عدم الاستقرار السياسي الذي يصاحبه انفلاتاً أمنيا يؤدي إلى هروب الاستثمارات بكثافة، خاصة وأن القلق مازال يسيطر على المستثمرين العرب والأجانب في ظل هذه الأجواء السيئة والاضطرابات والمشاكل المتوقعة بين القوى السياسية والتنفيذية في مصر. وربط كمال بين عودة التعافي للاقتصاد المصري وعودة الاستقرار والأمن إلى الشارع، خاصة وأن هناك مؤشرات بدأت تظهر وتؤكد أن مصر في طريقها الصحيح نحو التحول الديمقراطي الذي يعمل على جذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، حيث توقف نزيف الاحتياطي النقدي وبدأت السياحة تعود بشكل تدريجي. وأوضح كمال أن الأحداث السلبية نتج عنها الكثير من الأزمات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية، مثل ارتفاع معدلات التضخم وانتشار البطالة والفقر، ما أدى إلى تراجع معدلات النمو حتى بدأنا نحقق نمواً سلبياً، وكل هذه المعطيات دفعت كثير من المستثمرين إلى العزوف عن العمل في السوق المحلي بل إن بعض المستثمرين فكر في البحث عن أسواق بديلة وخاصة المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن الأسواق والبلدان التي تتمتع بالاستقرار والأمان ويحققون فيها أعلى معدلات ربحية. أما وزير السياحة، منير فخري عبد النور، فكان قد أكد أمس أن انتخاب رئيس وعودة الاستقرار والأمن سيساعد على عودة السياحة مجدداً، خاصة وأن الأمن والاستقرار وهدوء الشارع هو شرط أساسي لعودة السياحة لمكانتها، فالأمل معقود أن يعم الهدوء بعد الانتخابات وتعود السياحة. وتوقع عبدالنور أن تشهد الأشهر الستة القادمة نموا كبيرا وملموسا في الحركة السياحية . ولفت إلى أن السياحة لا يستطيع أي حاكم أو حزب سياسي أن يؤثر سلبا عليها أو أن يتخذ قرارات تؤثر عليها ، لأنها تمثل 11% من الناتج المحلي، والمصدر الثاني للعملات الأجنبية، ويعمل في هذا القطاع أكثر من 5.4 مليون مصري ومصرية. وأوضح أن احتمالات مضاعفة الإيراد الناتج عن هذا القطاع كبيرة جدا، ووزارة السياحة لديها خطة لمضاعفة عدد الوافدين لمصر خلال خمس السنوات القادمة بحيث يتوفر إيراد قدره 25 مليار دولار سنويا من هذا القطاع. المؤشرات الإيجابية التي بدأت تظهر ربما دفعت البنك الدولي إلى أن يؤكد في تقرير أصدره مؤخراً أن يحقق الاقتصاد المصري نموا خلال العام الحالي بنحو 1.4%، وأعلن البنك الدولي عن تفاؤله بمواصلة الصعود ليصل معدل النمو في 2014 إلى 4.6%. وقال عضو نقابة رجال الأعمال، أشرف القاضي، إن تولي رئيس منتخب في مصر رئاسة البلاد، وحدوث توافق شعبي عليه، يؤكد أن مصر سوف تستعيد الأمن والاستقرار، وسوف تتحول إلى أكثر الدول الجاذبة للمستثمرين في أغلب القطاعات، خاصة في قطاع الصناعة والإنشاءات لكن في ظل الوضع الحالي وفي ظل اعتراض القوى والتيارات السياسية على نتائج الانتخابات مسبقاً وعلى قرار المحكمة بحل البرلمان لا يوجد ما يدعو إلى التفاؤل. ولفت القاضي إلى أن هناك استثمارات عربية وأجنبية تنتظر عودة الاستقرار الأمني والسياسي لمصر، خاصة وأن المؤشرات تؤكد أن السوق المصري سوف يكون سوقاً واعداً ويتمكن المستثمرون الذين يعملون فيه من تحقيق معدلات أرباح جيدة مقارنة بما يحققه المستثمرون في دول أخرى بمجرد عودة الاستقرار الأمني والسياسي للشارع. وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت قبل أيام عن وجود توقعات قوية بأن يرتفع معدل النمو الاقتصادي لمصر بنسبة تصل إلى ما يقرب من 4.5 %، وذلك في ظل ثبات البنية التحتية للاقتصاد المصري دون وجود خلل أثر عليه في الفترة الماضية. وأشارت الحكومة في التصريحات التي أعلنتها وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، فايزة أبو النجا، إلى ارتفاع حجم الصادرات بنسبة 16% وزيادة معدل التدفق السياحي بنسبة وصلت إلى ما يقرب من 10.2 %، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولي وضع مصر بين 4 دول توقع أن تحقق أعلى نسب نمو في عام 2017.