حمل مشهدا وداع شهيدي مصر بالدقهلية كل معاني المسئولية والانتماء وحب الوطن.. الأول من قرية الاتحاد مركز ميت سلسيل والثاني من قرية الكردي مركز منية النصر. فلقد امتزجت فيهما مشاعر خاصة تظهر دائما عندما يفاجئنا الموت مع الواجب, والرحيل مع المسئولية, والحزن مع الشجن. فوداع الجنديين الشهيدين أحمد سليمان ومحمود أبوالليل الذين استشهدا وهما يؤديان واجبهما في دارفور غرب السودان اختلطت فيه دموع الناس وأحزانهم مع فرحة الاستشهاد وأداء الواجب, ففي تلك اللحظات الإنسانية الصعبة يصعب التمييز بين الحزن والشجن والاعتزاز, فتختلط الأمور ويظهر نوع جديد من المشاعر الإنسانية يستطيع الفلاحون المصريون دائما تجسيده, فهم خير تعبير عن الإنسانية عندما تتألم وعن الواجب عندما يتجسد. فالجندية وشرف العسكرية يريان في الموت فخرا واعتزازا, بل هو الحياة في عزة وكرامة, ولكن أمام رهبة ومشاعر فراق الأهل والأصدقاء لشباب يتفتح ويستعد للتأهل وبناء أسرة, فإنك لا تستطيع إلا أن تشاركهم ألم الفراق. قلوبنا اهتزت مع الأم والأب والإخوة وهم يتألمون ويبكون علي فراق الجنود الذين ذهبوا ليس إلي حرب, ولكن إلي السلام للوئام والمحبة بين السودانيين والجمع بين الأشقاء لحماية أرض السودان ووحدتها. فمصر.. أرض الخير والباحثة عن السلام لبلادها ولمنطقتها تشارك في صنعه وتحقيقه لأشقائها, ودورها في السودان لا يقتصر علي السياسة وجمع السودانيين علي طاولة المفاوضات وتجميعهم في الشمال والجنوب والغرب.. ولكنها اليوم أكثر الدول في العالم مساهمة بجنود لحفظ السلام. دور مصر في السودان واضح وعملي, فالجنديان المصريان الشهيدان كانا ضمن أربعة آلاف مصري يشاركون في حفظ السلام والأمن في دارفور, والشيء الذي يجب أن نعلمه هو أن مصر من أكثر5 دول في عالمنا مشاركة في قوات حفظ السلام في جنوب السودان وغربه, بل إن امتداد الالتزام المصري بالسلام جعلها الأكثر مشاركة في إفريقيا, فقواتها موجودة ضمن قوات الأممالمتحدة في الكونجو والصحراء الغربية وتشاد وإفريقيا الوسطي وليبيريا وبوروندي أقول هذا للذين يسألون عن الدور المصري في إفريقيا, فنحن معهم لمواجهة الانقسام والحروب الأهلية والاضطرابات, فأبناؤنا وجنودنا يتقدمون الصفوف جنودا وضباطا ومراقبين عسكريين حتي في القوات المشتركة بين الجيش والشرطة لحفظ الأمن والاستقرار.. أبناؤنا البواسل موجودون وسط الصراعات والاضطرابات ليصنعوا السلام والاستقرار, فمصر التي عرفت الحروب وآثارها ومخاطرها علي الحياة الإنسانية هي الأكثر إدراكا لمفهوم السلام والأمن للشعوب العربية والإفريقية, ولذلك هي الأكثر وجودا وعملا لتحقيقه علي الصعيد السياسي وعلي الصعيد العملي الذي تترجمه بوجودها في قوات حفظ السلام. نحن في مصر نعتز بأبنائنا وخبراتنا ودورنا في قوات حفظ السلام. ونعتز بشهدائنا وضحايانا, فهم رموز لبقية أبنائنا ودليل حي علي إخلاصنا وعملنا من أجل أشقائنا العرب والأفارقة. وستظل مصر تعمل من أجل السلام والتنمية في إفريقيا خاصة في دول حوض النيل, وتسعي إلي التنمية واستقرار الإقليم.. ولن تستسلم لرغبات ودعاوي إثارة الاضطرابات وافتعال المشاكل, حيث يجمعنا الحب والعمل من أجل إفريقيا والنيل علي أساس لا يمكن أن يهتز. ومازلت أتذكر كلمات الرئيس حسني مبارك في وداع قواتنا لحفظ السلام يوم15 أغسطس2009 والتي تجسد مشاعر الإعزاز والتقدير لجنود مصر ورجال قواتها المسلحة التي حازت بخبراتها وأدائها وكفاءتها وانضباطها رصيدا مشرفا وضع مصر في مرتبة متقدمة بين الدول المشاركة في عمليات حفظ السلام حين قال: أتحدث إليكم وأنتم تستعدون لمغادرة أرض الوطن.. وتتأهبون للمشاركة في سبع من عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام. إنكم تتوجهون لمواقع انتشاركم في السودان شمالا وجنوبا وغربا ممثلين لقواتنا المسلحة الباسلة.. حاملين معكم تقاليدها العريقة والراسخة. وتؤكدون دور مصر المهم في تحقيق السلم والأمن.. علي اتساع العالم.. وفي إفريقيا علي وجه الخصوص. تضيفون إلي الرصيد المشرف.. لمشاركة أبناء مصر في عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام.. منذ العملية الأولي في الكونغو عام1960. رصيد مشرف..حازته قواتنا المسلحة بخبراتها وأدائها وكفاءتها وانضباطها.. اكتسب ثقة الأممالمتحدة والعالم.. ووضع مصر في مرتبة متقدمة بين الدول المشاركة في عمليات حفظ السلام. [email protected] المزيد من مقالات أسامه سرايا