تختلف الثورة السورية اختلافا جذريا عن ثورات الربيع العربي وتتميز بخصوصية فريدة أدت إلي طول فترتها الزمنية وما نتج عن ذلك من قتل وتشريد ودمار في بنية الدولة ومؤسساتها. فالشعوب العربية المنتفضة ثارت ضد أنظمة دكتاتورية وضعت كراسيها علي دماء شعوبها وآثرت السلطة علي تطلعات الشعوب في الحرية وأبقت قبضاتها الأمنية أقوي من حاجات الشعوب. أما في سوريا, فالنظام الذي جثم علي صدور السوريين خمسة عقود متتالية ليس دكتاتورا فحسب, بل هو نظام طائفي ومناطقي من الطراز الرفيع, حيث عمل علي تكوين بنية طائفية حاقده في هيكلية الدولة من أصغر مؤسساتها وصولا إلي أعلي إداراتها بقصد ابقائه حتي اللانهاية في موقع الرئاسة. كما أن سوريا بموقعها الجغرافي وتعددها الطائفي أعطت النظام اوراقا قوية لم يكن ليمتلكها بذكائه أو حنكته السياسية كما يعتقد مؤيدوه. فملف الأكراد الذي بقي ساخنا لعقدين من الزمن والذي أوصل العلاقة السورية التركية إلي شفير الهاوية في وقت ما هو نفسه الملف الذي جعل علاقة الجارين أخوية في الفترة التي سبقت الثورة بأيام. كما أن لبنان الذي خرج الجيش السوري منه في عام2005 بقي ملفا غنيا وسهلا يحركه النظام ويهدد به أني يشاء ذلك. وقد اتضح هذا جليا في أحداث جبل محسن في لبنان. ويعتبر حزب الله دولة النظام السوري في لبنان وهو ملف شائك ومتشعب جدا لم يدخره النظام السوري يوما في مثل هذه الظروف. أضف إلي كل ذلك ملف الجولان المحتل وملف أمن اسرائيل الذي لم يعد يخفي دور النظام السوري فيه, والذي تم تأكيده علي وسائل الاعلام الاسرائيلية من قبل حكومة اسرائيل نفسها اكثر من مره بشكل مباشر او غير مباشر. ويجب ألا نتغافل عن ملف القضية الفلسطينية وبعض اجنحتها السياسية والعسكرية والتي ارتبطت منذ أمد طويل بالنظام السوري. هذا فضلا عن ملف النفوذ الايراني في المنطقة والذي يدعمه الأسد بكل الأساليب الممكنة. كل هذه العوامل مشتركة جعلت المجتمع الدولي أكثر حذرا في التعاطي مع الثورة السورية وساعدها في ذلك ضعف المعارضة وعدم قدرتها علي تمثيل أطياف الشعب السوري أو تحريك المجتمع الدولي. وذلك لكونها معارضة غير ناضجة سياسيا. ولا تمتلك الخبرة الإدارية للتعاطي مع حدث كهذا, كما أن ظهور المتشددين في ساحات المعركة وأصحاب الصرخات الطائفية أدي بدوره إلي نأي العالم عن الثورة السورية وتخوفهم من نتائجها. رغم كل ذلك يصر الشعب السوري والجيش السوري الحر علي استمرار الثورة حتي اسقاط النظام واعادة بناء دولة الحرية تحت شعار الوطن للجميع.