دعا علماء الأزهر الشريف, جميع المصريين إلي ضبط النفس وحقن الدماء والحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة, والعودة إلي مائدة الحوار حتي تعبر مصر أزمتها بسلام. واستنكر علماء الدين ظهور جماعات تحت مسميات مختلفة مثل بلاك بلوك و مسلمون تستبيح الدماء والممتلكات العامة وأكد العلماء ان حرمة الدماء في الإسلام أشد حرمة عند الله من حرمة الكعبة المشرفة, وأن حقن الدماء يعد فريضة علي الجميع حكاما ومحكومين, محذرين في الوقت نفسه من ان هذا التنازع والتناحر سيؤدي إلي الفشل وذهاب قوة الأمة في وقت نحن أمس الحاجة فيه الي التعاون والتكاتف جنبا إلي جنب حتي نستطيع بناء دولتنا علي أسس قوية ومتينة نحيا فيها جميعا بعزة وكرامة. وحذر علماء الدين من تفشي موجات العنف في المجتمع مؤكدين أن الأسرة هي المسئول الأول عن مواجهة تلك الظاهرة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع. وأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر الشريف, أن المسئولية الدينية والوطنية تفرض علي الجميع ضبط النفس ومراعاة حرمة الدماء.وان العنف وإراقة الدماء والعدوان علي الممتلكات العامة والخاصة غير مشروع بأي حال من الأحوال وتحت أي مبرر. وناشد الجميع; قيادة, وحكومة, قوي سياسية, وشباب مصر الشرفاء, بتحمل مسئولياتهم أمام الله وأمام الوطن بسرعة احتواء الموقف والحفاظ علي الأرواح ومراعاة عصمة الدماء. كما نعي الأزهر الشريف إلي مصر وشعبها فقدان العديد من أبناء مص, ورجال الشرطة الشرفاء ضحايا الأحداث المؤسفة التي لا تليق بذكري مولد النبي الشريف, صلي الله عليه و سلم- والذكري الثانية لثورة مصر في الخامس والعشرين من يناير. من جانبها طالبت وزارة الأوقاف بضرورة احترام أحكام القضاء والشريعة والديمقراطية التي إرتضاها الجميع كمنطلق للفترة المقبلة, وعبرت عن أسفها لما يحدث بين أبناء الوطن الواحد في محافظتي بورسعيد والسويس, وناشدت العقلاء من المؤيدين والمعارضين بضرورة نبذ العنف والعمل علي منع إراقة الدماء. وناشدت الوزارة أئمة ودعاة محافظتي السويس وبورسعيد بضرورة فتح المساجد طوال اليوم لتكون مكانا لعلاج المصابين وملاذا للخائفين, والتكبير في مكبرات الصوت بالمساجد لبث الطمأنينة بين المواطنين ولتكون أصوات التكبير أعلي من أصوات النيران. كما طالبت جميع أبناء الشعب المصري بضرورة حماية الممتلكات العامة والخاصة, لأن هذه مسئولية وطنية ودينية, وعدم الانسياق وراء من يسعون لرسم صورة مغلوطة ومضللة لنشر الفرقة والخلاف بين أبناء الوطن الواحد, واتخاذ الحوار وسيلة لتحقيق الأهداف وبناء المؤسسات, وأن تسعي المعارضة لكسب ثقة المواطنين بالعمل والاجتهاد, لأن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق المنافسة الحقيقية وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع. وأكدت الوزارة حرمة دماء جميع المصريين, فكل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم, كما أن حرمة الدم أعظم عند الله من هدم الكعبة, وطالبت الوزارة الجميع بالدعاء والتضرع إلي الله بأن يحفظ مصر ويجمع أهلها ولا يفرقهم. وقال الدكتور نصر فريد واصل, مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر, إن حرمة دم المسلم أشد حرمة عند الله من البيت الحرام, واستدل علي ذلك بما جاء في القرآن الكريم من الآيات التي تؤكد حرمة الاعتداء علي النفس الإنسانية مثل قول المولي عز وجل: أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. ودعا إلي ضرورة الحفاظ علي وحدة الصف لبناء المجتمع والدولة المدنية الحديثة,ولمواجهة التحديات الراهنة مستدلا بقول المولي عز وجل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. وحذر من التشتت والانقسام, بقول المولي عز وجل: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين مشددا علي ضرورة الانتباه إلي المخاطر التي تواجه الدولة في الوقت الراهن, خاصة في المستوي الاقتصادي الذي وصل إلي مرحلة خطيرة, ودعا إلي ضرورة الحفاظ علي أمن المجتمع والابتعاد عن عمليات التخريب. القصاص بيد ولي الأمر من جانبه أكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء أن توصيات خطبة الوداع جاءت بحرمة سفك الدماء بغير حق, وإقرار العدالة والمساواة بين الحاكم والمحكوم, كما بين صلي الله عليه وسلم أن كل دم كان في الجاهلية موضوع فقال:... وأن المسلمين إخوة, فلا يحل لامريء مال أخيه إلا عن طيب نفس منه, فلا تظلموا أنفسكم, وستلقون ربكم فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.. وبذلك قضي علي عادة الثأر دون الرجوع لولي الأمر كما كان الحال في الجاهلية,إلي أن جاء الإسلام فنظم القصاص, وجعل له ضوابط في ظل محاكمة عادلة وشرع له بدائل كالدية والعفو إذا رضي ولي الدم بذلك. استقرار الوطن ويقول الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية إن ما حدث في الآونة الأخيرة علي أرض مصر ومازال يحدث حتي الآن يدمي قلب كل إنسان مخلص لبلده محب لها, ذلك أن الفتن التي تستهدف مصلحة واستقرار الوطن أنتجت مفعولها وأدت إلي سيلان الدماء في عدد من المناطق في مصر, وهذا لا يعد عملا مخلصا لمصلحة مصر أو شعبها, وإنما هي فتن تثار من أشخاص بحسن نية أو بسوئها. وناشد المصريين جميعا أن يتبينوا أمرهم وطريقهم ليتأكدوا من صحة المسيرة, وهل بذلك نسير في الطريق السليم, وهل هذا الاحتجاج يؤدي إلي نتيجة أم يؤدي إلي إسالة الدماء, كما يجب علينا كمعارضة وأغلبية أن نفكر جيدا قبل أي خطوة وهل هي في مصلحة مصر لنسير خلفها أم لا فنبتعد عنها, ولكن في كل الأحوال فإهدار دماء المصريين أمر مرفوض تماما, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار). الانفلات الأخلاقي ويري الدكتور محمد المختار المهدي, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, إن الانفلات الأخلاقي والضعف والاهتزاز في العقيدة, وتغليب المصالح الشخصية دون النظر لمصلحة البلاد, سبب الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد, وناشد الإعلام البعد عن الشائعات والأكاذيب المغرضة, التي تثير الفوضي والفتن, والتحقق من كل خبر أو معلومة قبل نشرها لأنه حتي لو تم تكذيبها بعد ذلك, فتكون قد تركت آثارها في الشحن وتوجيه الشعب إلي اتجاه معين يضر بأمن واستقرار الوطن. وشدد الدكتور عبدالفتاح عاشور أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر علي أن تعظيم حرمة دم المسلم مبدأ إسلامي, وهذا المبدأ هو ما حفظ علي المسلمين وحدتهم وقوتهم, والتخلي عن هذا المبدأ أو الاستهانة به عبر التاريخ كان سبب تخلف وهوان المسلمين وتحكم غيرهم فيهم والاعتداء عليهم, والنبي صلي الله عليه وسلم حذر أشد التحذير من أن يستهين المسلم بالمسلم في دمه أو ماله أو عرضه, وهذا أمر ينطبق علي كل من استهان بالدماء المسلمة سواء صدر من الحاكم أم من المحكوم, والخلاف في الرأي والنزوع إلي التغيير حين يتنكب الطريق السلمي فإنه يدمر ولا يعمر, يضعف ولا يقوي, يفرق ولا يجمع, والأمثلة علي هذا كثيرة قديما وحديثا,لمن أراد ان يعتبر او يتعظ أو يتعلم. وقال ان الحوار بين الحكام والمحكومين هو الطريق لحل النزاعات أو لعلاج الخلافات, وان إطار هذا الحوار هو التناصح بالرأي السديد, لا التصارع بالنار والحديد, ولهذا قال صلي الله عليه وسلم: الدين النصيحة, قلنا لمن يا رسول الله, قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فالحاكم يتناصح مع المحكوم, والمحكوم أيضا يتناصح مع الحاكم, والجميع يلتقون في الحوار الموضوعي للتغيير السلمي علي كلمة سواء مفادها قوة الحجة لا قوة الرصاص والخرطوش والتراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف. العنف الأسري كما دعا علماء الدين الي إعلاء وإحياء ونشر منظومة القيم والأخلاق الفاضلة بين أفراد المجتمع للقضاء علي هذه الظاهرة الخطيرة,وطالبوا الأئمة والدعاة ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية عبر مراحلها المتنوعة بالاهتمام بنشر ثقافة التعايش الأسري ونبذ العنف القائمة علي المبادئ والأطر التي شرعها وسنها الدين الإسلامي الحنيف باعتبارها ضرورة شرعية لعدم تكرار مثل هذه الظاهرة,محذرين في الوقت نفسه من خطر انتشارها علي سلامة وأمن المجتمع. وقال الدكتور أحمد عمر هاشم ان غياب الوازع الديني والاخلاقي بين أفراد الأسرة يعد من ابرز الأسباب التي تؤدي إلي تلك الظاهرة,مؤكدا ان العلاقات الأسرية يجب ان تقوم علي اسس متينة قوامها الأوامر الإلهية والتوجيهات النبوية الشريفة,وقد كانت سيرة وحياة النبي صلي الله عليه وسلم مملوءة بالدروس والمواقف التي يمكن الاستفادة منها في معالجة وحل كثير من المشكلات والخلافات الأسرية في وقتنا الراهن قبل أن تتفاقم وتتعقد وتتحول إلي جرائم نشاهدها ونسمع عنها في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة. وأوضح أن طغيان الحياة المادية ومظاهرها أثر كثيرا بالسلب في العلاقات الأسرية سواء بين الأب والأبناء,او بين الرجل وزوجته,وبالإجمال بين جميع أفراد العائلة,هذا بالإضافة الي تدني نوعية التعليم والثقافة العامة والدينية لدي بعض أفراد طبقات المجتمع,مما ينعكس علي المعاملة والتعامل مع المشكلات بطريقة تؤدي إلي زيادة تعقيدها أكثر مما هي عليه,مشيرا الي أن زيادة متطلبات الحياة من ارتفاع في الأسعار في مختلف السلع وحاجات الأسر,مع ضعف الدخل المادي للأسر,أديا إلي وقوع كثير من الناس تحت ضغوط عصبية ونفسية شديدة نتج عنها صور العنف والقتل البشعة التي نراها حاليا.