هذه الآية الكريمة خالدة إلي يوم الدين ومعناها خالد إلي يوم الدين, وستبقي مصر واحة الآمان مهما اعتراها من الفتن, لأن الارادة الإلهية قد قضت أن تكون مصر في رباط إلي يوم القيامة, لأن جندها خير أجناد أهل الأرض, وأن الذي حدث من محاولة التخريب والعدوان من بعض الفئات الآثمة ليس من أبنائها البررة الشرعيين بل من الآثمين الغاشمين, أما أبناء مصر البررة فقد حرسوها ولم يناموا وظلوا في لجانهم الشعبية ساهرين علي حراسها مرددين قول الرسول صلي الله عليه وسلم: ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. وننادي جميع العلماء, والدعاة والكتاب والمفكرين وجميع قادة الرأي, والفكر وجميع أطياف المجتمع أن ينهضوا برسالتهم في هذه الآونة, حتي لايتفاقم الخطر. وكل من يمد يده أو يقدم رأيه من جميع شرائح المجتمع رغبة في حماية أرض الكنانة فمرحبا به كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لايسألونني خطة تعظم فيها الحرمات إلا أعطيتهم إياها. وقد اتضح من هذه الشدة التي مرت بها مصر افراز بعض الظواهر السلبية الآثمة التي ارتكبها بعض العاطلين والآثمين ومن اندسوا في صفوف المتظاهرين وأحرقوا أقسام الشرطة وسلبوا معداتهم, وأحرقوا أحد مجمعات المحاكم, واعتدوا حتي علي مستشفي السرطان للأطفال, واعتدوا علي البيوت والمحلات بالسلب والنهب لايراعون حرمة الأنفس ولا الأموال ولا الأعراض, ولا يخافون الله, ولايوفون للوطن بذمة ولا دين, بل سعوا في الأرض فسادا, بالإحراق والتدمير, والسرقة والعدوان وهؤلاء نمط من المفسدين في الأرض الذين لايأمنهم الناس علي دمائهم ولا علي أموالهم ولا علي أعراضهم لأنهم ليسوا مؤمنين, فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده, والمؤمن من أمنه الناس علي دمائهم وأموالهم وأعراضهم). وفي مقابل هذا ظهر الوجه الإيجابي الوفي المخلص من أبناء مصر الشرفاء, ومن شباب مصر الأوفياء, الذين قاموا بحراسة الوطن وتركوا مخادعهم ومنازلهم, وانطلقوا يحرسون الشارع المصري, ويدافعون عن أبناء المجتمع فنظموا بأنفسهم حركة المرور, وكانوا عيونا ساهرة في حراسة المجتمع من الظالمين, والمجرمين, ومع أنهم ليس معهم امكانات ولكنهم بالأمور الميسرة لهم وبفضل الله تعالي وفضل إخلاصهم تمكنوا من حراسة المجتمع, ومن التعاون مع رجال الأمن وأبناء القوات المسلحة, وهكذا تظهر الشدائد المعادن الأصيلة وتفرز المخلصين من غيرهم وبالشدائد عرفنا العدو من الصديق, والمخلص من المنافق جري الله الشدائد كل خير ولو أدت إلي حرج وضيق وما مدحي لها حبا ولكن عرفت بها عدوي من صديقي وإن واجبنا في هذه المرحلة يتمثل فيما يأتي أولا: أن نتوب إلي الله من الذنوب والمعاصي وأن نرجع إليه, وأن ندعوه بإخلاص, لانه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولايكشف إلا بالتوبة النصوح والرجوع إلي الله تعالي. ثانيا: أن نتعاون فيما بيننا علي أن نأخذ علي أيدي الظالمين والمخربين وأن نردعهم عن افسادهم, حتي نؤمن الوطن, فإنهم حين يحرقون الوطن ويخربون فيه يعم بلاؤهم الجميع كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا علي سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها, فكان الذين في أسفلها اذا استقوا الماء مروا علي من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا علي أيديهم نجوا ونجوا جميعا, ولقد كان لشباب مصر موفقه المشرف حين وقفوا في الشوارع ليحموا الناس والمنازل من سطو المخربين والمجرمين وظهر في هذه الشدة معدنهم الأصيل. ثالثا: علي المجتمع بكل المستويات أن يأخذوا حذرهم وأن يستمر المواطنون في أخذ حذرهم, كما قال الله تعالي,( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) وعليهم أن يوحدوا صفوفهم وأن يتناصحوا فيما بينهم وبين غيرهم كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( ان الله تعالي يرضي لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال, وكثرة السؤال واضاعة المال) رواه مسلم. رابعا: علي أبناء الوطن التثبت وعدم الاستجابة إلي الشائعات المطلقة التي يروج لها أهل الشغب وأصحاب الأهواء المشبوهة, وعلي من يسمع بشائعة ألا يصدقها بمجرد سماعها إلا بعد التثبت منها, كما قال الله سبحانه: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم وقال أيضا( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين). خامسا: أن نتواصي بالحق وبالصبر, وبالعدل والمساواة ورفع كل أسباب المعاناة التي يستثمرها أصحاب الأهواء المشبوهة. وندعو الله تعالي أن يحرس بعنايته مصرنا الغالية من كل سوء, وأن يجعل الله مصر سخاء رخاء, آمنة مستقرة, وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنا في أوطاننا, وول أمورنا خيارنا يارب العالمين.