حول كتاب د. سهير القلماوي ألف ليلة وليلة وقضية المطالبة بمصادرة طبعة بولاق التي أثيرت مؤخرا أقامت الهيئة العامة للكتاب ندوة شارك فيها كل من د. جابر عصفور ود. عبد المنعم تليمة وسليمان العطار وجمال الغيطانى. وقد تحولت الندوة لانتفاضة للدفاع عن الكتاب الذي اعتبره الحضور طبعة موثقة للحكايات الأصلية, بدأت ندوة كتاب ألف ليلة وليلة بكلمة الدكتور جابر عصفور, وقال: لم تكن مصادفة أن تحصل امرأة هي سهير القلماوي علي إجازة رسالتها حول حكايات ألف ليلة وليلة كأول امرأة تدرسها لتنقلها من كونها حكايات شعبية متداولة للتسلية إلي مناص الابداع الأدبي, وتضعها في مكانها الصحيح وكأنها الجارية تودد في احدي حكايات السيرة والتي تفوقت علي جميع أدباء وشعراء عصرها بعلمها وثقافتها. وكأن هذا الكتاب يؤكد دور المرأة في الثقافة والأدب وأنها لا تقل أبدا عن الرجل, كما أكدت ذلك شهرزاد لشهريار عبر العديد من الحكايات التي أوردتها علي سمعه لتهذب من شراسته بالحكي, وأنه يعتقد بأنه إذا كان للعرب كتاب يفخرون به, فهو هذا الكتاب الذي يشكل في ذاته قيمة علي مستوي الوعي الإنساني, فلا يناظره أي كتاب في ثقافات أي لغة أخري للشعوب وأورد في كلمته أن تلك الندوة ما هي إلا جزء من دفاع يجب أن تشارك فيه الإنسانية كلها لأن ذلك الكتاب يعد تراثا لها, وليس للعرب فقط. واستكمل عصفور قائلا ان العقلية المتمدنة تتميز بأخلاق التسامح والحوار العقلي والمحافظة علي التراث والحكايات, ومنها انطلقت فكرة التدوين والعلم وألف ليلة وليلة تنتمي لتلك العقلية ونجد أن كلمة شهرزاد كلمة فارسية تعني ابنة المدينة وكلمة شهريار تعني ابن المدينة, وهذا يعني أن تلك الحكايات نشأت في أجوء مدنية فارسية. وألف ليلة وليلة توثق لذلك الانتقال من البداوة إلي المدنية, ومن التخلف إلي العلم وذكر عصفور أن تلك العقلية المنغلقة عادت للظهور مرة أخري ولكن تم التغلب عليها بمنطق التحضر والمدنية وسماحة الإسلام وفي أدبنا العربي الحديث ما يشابه ذلك. وتحدث الدكتور حسين حمودة عن الكتاب أنه لايزال قادرا علي امتاعنا حتي الآن وتذكيرنا بقيمة ألف ليلة وليلة التي ستظل قيمة كبيرة من آثار تراثنا الإنساني وآثارنا الخالدة, وقد ذكر نجيب محفوظ عن هذا الكتاب بأنه موسوعة الحضارة العربية الحقيقية الوحيدة بامتياز وأن من يحوزه سيكون معه دليلا ثقافيا ليطلع علي القيم الجمالية الحقيقية التي تنطوي عليها سيرة ألف ليلة وليلة, والتي لا تعدو فقط مجرد حكايات للتسلية, ويستكمل حمودة أن هذا الكتاب كان رسالة سهير القلماوي في الحصول علي درجة الدكتوراة. أما الكاتب والأديب جمال الغيطاني فقد ذكر أن ألف ليلة وليلة بالرغم من كونها تتحدث عن أجواء فارسية, وتصف بلادا غير البلدان التي يعتقد أنها كتبت فيها إلا أنه يراها تتمثل أمامه بكل أحداثه في القاهرة القديمة حتي في معمارها الذي هو نفس معمار حكاياتها, ولكن اخفاء المكان كان نوعا من التمويه الذي يضفي بعدا ساحرا علي الأعمال الأدبية بشكل معتمد في ذلك الوقت الذي كتبت فيه وتلك الحكايات لها رؤية خاصة تمنح بها الثقافة العربية طابعا يميزها عن باقي الثقافات, وذكر أنه يعتبر الحجر علي تلك الأعمال الخالدة بمثابة ارهاب ثقافي لوأد أهم ما يميز ثقافتنا العربية لإعادتنا إلي عصور من الجهل, وهذا التيار المضاد هو تيار أفرخه التطرف الذي يلجأ إلي استخدام بعض القوانين في رفع قضايا علي المثقفين لاعاقة تقدمهم.