وسط حضور عشرات الآلآف من المصلين الذين امتلأت بهم جنبات مسجد عمرو بن العاص, والمنطقة المحيطة به, ألقي الداعية السعودي الدكتور محمد العريفي الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود خطبة تاريخية أمس الجمعة. وذكر فيها آثار مصر وشعبها علي العالم ومناقبها الحضارية والعلمية وريادتها للدنيا داعيا المصريين الي نبذ الخلافات, واستثمار القدرات من أجل العودة الي ريادة العالم من جديد. قال العريفي بصوت متهدج, وفي خطبة استمرت نحو ساعة, إن فضل مصر علي العالم لاينكره أحد واصفا إياها بأنها مصنع الرجال وبلد العلم والغوث والموهوبين وإن مصر لن تقع في فتنة ولا خلافات أهلية أبدا, لأن شعبها موحد, ومصر بلد عافية, وهي مهيأة للريادة في العالم, وليست أقل من تركيا أو ماليزيا. وجدد الداعية السعودي دعوته لمستثمري العالم بصفة عامة ومستثمري الخليج والعرب بصفة خاصة الي استثمار أموالهم في مصر, والاستفادة بإمكاناتها الواعدة, سواء أرض خصبة, أو عمالة متقنة أو عقول مبدعة, وغيرها من الإمكانات, مشيرا الي أن هناك لجانا بدأت في التشكل مؤخرا من أثرياء بالسعودية والخليج لاستثمار أموالهم في العالم. ووسط دموع ترقرت في عيون الحاضرين, دعا العريفي لسوريا وشعبها بالنصر والتغلب علي محنتهم, والتخلص من نظام بشار الأسد, كما دعا للمصريين بالوحدة والنجاح, وللسعودية بالتوفيق ورفع كلمة الاسلام وللشعوب العربية والإسلامية بالريادة والاتحاد. وبدأ الداعية الموهوب خطبته بتأكيد أن مصر هي أرض الأنبياء والعلماء وقد ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم, وأمر النبي صلي الله عليه وسلم بالاحسان الي أهلها الذين هم أحفاد الأنبياء والرسل. وخاطب جموع المصريين قائلا: لقد مدح الله أرضكم في كتابه وطهرها منذ سالف الدهر, وقد أقر الناس بفضلها ولكم فضل علي كل الدول العربية وحتي علي المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين, فأول ما فتحت المدارس في السعودية وكل بلاد الخليج العربي لم يدرس فيها الا المصريون وأول جامعة في السعودية كان مديرها مصريا ولا يوجد أمير أو وزير أو مسئول في الخليج الا وكان له معلم مصري, كما أن المناهج في البلاد العربية كانت مصرية فلما أرادت بعض الدول أن تضع مناهج استعانت بمستشارين مصريين وأول طريق معبد بين جدة ومكة أقامته مصر, والإمامة في الحرمين الشريفين لم تكن لأحد من خارج المملكة العربية السعودية الا للمصريين. وناشد جميع المستثمرين والأثرياء في الدول العربية بضرورة الاستثمار في مصر لأن أهل مصر أحق بأموالهم من بنوك سويسرا وبريطانيا وأمريكا فمصر تمتلك الكثير من المميزات التي تجعلها تتفوق علي كثير من الدول ففيها العمالة المتقنة والارض الخصبة والعقول المبدعة فكم من مليارات خرجت من بلاد العرب وذهبت الي بنوك الدول الغربية ولم نستطع أن نسترجع هذه الأموال مرة ثانية, وخاطب رجال الاعمال العرب قائلا:لماذا نضع أموالنا عند أقوام يستعملولها ضدنا؟ لماذا نترك أهل مصر ولا نضع أموالنا في مشروعات يستفيد منها أهلها؟ هل نسينا وصية النبي صلي الله عليه وسلم عندما قال: استوصوا بأهلها خيرا, وأضاف أنه يعلم أن هناك الكثير من رجال الاعمال والمستثمرين العرب يعقدون العزم علي الاستثمار في مصر فالخير قادم لمصر بإذن الله. وطالب العريفي جميع القوي والتيارات والاحزاب السياسية بضرورة نبذ الفرقة والخلاف ووضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار فالجميع يهدف لرفعة مصر, ولذلك لابد من توحيد الكلمة وعدم استعجال النتائج لأن النعيم يأتي متدرجا, ولايمكن أن ينصلح كل شيء في يوم وليلة, فلابد أن يحرص الجميع علي تحقيق أهداف مصر العليا لأن هناك الكثير من الاعداء الذين يتربصون بمصر, ويسعون لنشر الفوضي والخلاف بين القوي والتيارات السياسية لضرب الثورة المصرية لكن هذا لن يحدث لأن في مصر عقلاء وحكماء لديهم القدرة علي تجاوز المحن والازمات واستنكر ما تقوم به بعض وسائل الاعلام من نشر اخبار غير حقيقية عن مصر وأهلها. وطالب بضرورة التصدي لكل هذه المحاولات من خلال عدم تصديق كل ما يردد لأن هناك أعينا ترصد ما يحدث في مصر, وينتظر المتربصون أن يحدث الخلاف والشقاق بين أبناء مصر, فمن يريد لمصر الريادة والقيادة عليه أن ينتبه لما يحاك لها. وأشار الي أن مصر ستظل قائدة ورائدة كما كانت دائما فالغرباء فيها يكرمون والموهوبون يشجعون فجاء الشافعي من العراق الي مصر فأصبح امام عصره, وجاء محمد الخضر حسين من تونس فأصبح شيخا للأزهر وصلاح الدين الايوبي حرر فلسطين, والعز بن عبد السلام أصبح سطان العلماء, فمصر كانت ومازالت مصنع الرجال والعلماء, يأتي اليها الطلاب صغارا ويخرجونا علماء, وأضاف أن مصر كانت المكان الذي أطعم الناس في عهد سيدنا يوسف عليه السلام, وكذلك في عام الرمادة في عهد سيدنا عمر بن الخطاب عندما أرسل الي عمرو بن العاص أمير مصر يطلب منه المساعدة فكتب له عمرو بن العاص رسالة يقول فيها أرسل لك قافلة أولها عندك وآخرها عندي. شهدت الخطبة هتافات إعجاب رددها بعض رواد المسجد عندما كان العريفي يشير الي أن الخير والنعيم قادم لمصر, وأن مصر كانت صاحبة فضل علي المملكة العربية السعودية ودول الخليج وعندما طالب رجال الاعمال العرب بضرورة الاستثمار في مصر. وقال العريفي ان الرسول صلي الله عليه وسلم اوصي بأهل مصر دون غيرها من أهل الدنيا, مشيرا إلي أن الرسول لم يوص إلا بأقباط مصر دون غيرهم من الاقباط. وأضاف أن مصر حماها الله من سر الفتن مشيرا إلي أن أرض مصر تشير إلي الفردوس بفضل خيراتها. وأشار إلي أن مصر تعد أم العرب لان أبناءها من أحفاد الانبياء وفيها عاش العديد من الانبياء والخلفاء مؤكدا أن أهل مصر هم أهل النصح والارشاد وهم أهل الكرم والعرفان. وأكد الدكتور محمد العريفي في الخطبة أيضا, أن مصر مهيئة لتصبح دولة عظيمة بما تملكه من طاقات وعقول وخبرات في مختلف المجالات كالدينية والاقتصادية والعلمية وهي ليست أقل من كوربا أو ماليزيا أو تركيا, مطالبا بتوحيد صفوف شعبنا وكلمة أهلها وأحزابها وإحترام كرامة الشعب المصري لتعود لمصر قيادتها التي سبق وحكمت العالم بها. وأشار إلي أن مصر كانت رائدة وقائدة للأمة الإسلامية بعلمائها وخبراتها لمدة زادت علي400 عام وكان بها طلاب العلم والمعرفة. كما أشار إلي فضل علماء مصر ودورهم الديني والعلمي بدول الخليج ومنها السعودية, مشيرا إلي أن الشيخ عبدالظاهر أبو السمع من الإسكندرية تولي إمامة الحرم المكي وكان أول من استخدم مكبر صوت به, فيما أم المصلين بالمسجد النبوي الشيخ محمد عبدالراغب حمزة, وشارك الشيخ عبدالمهيمن أبوالسمع عام1463 ه في انشاء رابطة العالم الإسلامي, وكان صاحب أول تسجيل تليفزيوني بين آئمة الحرم المكي.