طارق الشيخ الإنسان والحفاظ عليه والارتقاء به وتحقيق رفاهيته تكاد تكون المحور الرئيسي لكل ماتسعي إليه العلوم والقوانين والآداب والفنون في كل وقت وزمان.وقبل إنتهاء عام2011 تجاوز تعداد سكان العالم من البشر ال7 مليارات نسمة ومن المتوقع أن يتخطي تعدادهم9 مليار نسمة بحلول عام.2050 وقبل بداية عام2013 ببضعة شهور عكف الخبراء علي إتمام دراسة إحصائية بهدف الإجابة عن السؤال المحدد التالي: ما أفضل دولة يمكن أن يولد فيها الطفل خلال عام2013 ؟. وقد تصدت وحدة تبادل المعلومات التابعة للإيكونوميست البريطانية( وهي تابعة لمجلة الإيكونوميست)للإجابة عن السؤال بطريقة علمية موضوعية. وبوجه عام يتزايد النمو السكاني بشدة في أفقر البلدان, حيث يبلغ تفضيل الخصوبة والإنجاب أعلي مستوي له,بينما تفتقر الحكومات في تلك الدول للموارد اللازمة لتلبية مطالب المواليد الجدد المتزايدة علي الخدمات ومرافق البني الأساسية.وفي تلك الحالة لايتواكب نمو فرص العمل المتاحة مع نمو أعداد المواليد الجدد القادمين إلي سوق العمل مما يولد البطالة المصحوبة بالصعوبة المتدرجة في الحصول علي الخدمات. وقد توصل الخبراء الي أن أفضل دولة يمكن أن يولد فيها الطفل خلال عام2013 هي سويسرا ثم أستراليا والنرويج والسويد والدنمارك وسنغافورة ونيوزيلاندا وهولندا وكندا وهونج كونج.أما الولاياتالمتحدة والمانيا فقد اشتركتا في المركز ال16 واليابان في المركز25 وبريطانيا27, وجاءت مصر في المركز ال60 من بين80 دولة وتلتها كل من بلغاريا والفلبين والهند والمغرب وفيتنام والأردن وأندونيسيا وروسيا وباكستان وأنجولا وأوكرانيا وكينيا ونيجيريا. وقد إعتمد الخبراء في تحديد أفضل مكان يمكن أن يولد فيه الإنسان خلال عام2013 علي العديد من المعايير.وكان المعيار الأبرز هو معيار الرضا الشخصي عن الحياة في دولة من الدول مقارنة بالدول الأخري إستنادا لجودة الحياة في الدولة المعنية. فقد بحث الخبراء عن الدولة التي يمكنها أن تقدم للمولود الجديد,الذي رأي نور الحياة علي أرضها في عام2013, أفضل الفرص لحياة صحية,أمنة,ومرفهة خلال السنوات المقبلة. ولم يكن معيار الثروة المالية ومستوي الغني هو الأمر الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه بل كانت هناك أمور أخري مصاحبة. فحتي يتحول المولود الجديد إلي رجل سعيد ناجح ومنتج في المستقبل يجب أن تراعي البيئة التي يتم تنشئته فيها أمورا إضافية أخري مثل معدلات الجريمة ومقدار الثقة في المؤسسات العامة ومستوي استقرار الحياة الأسرية. وباختصار إعتمد التصنيف علي11 مؤشرا واضحا من الناحية الإحصائية.وكان منها مؤشرات تتسم بثبات عناصرها, مثل الجغرافيا, بينما اتسمت أخري بالتغير البطيء بمرور الزمن مثل الديمغرافيا والكثير من السمات الاجتماعية والثقافية. واعتمدت بعض العناصر علي السياسات التي تتبناها الدول وحالة الإقتصاد العالمي. وخلال عمليات التنبؤ تم الاعتماد علي التنبؤ بما سيكون الحال عليه في الدولة المعنية بعد مرور ما يقرب من17سنة علي تاريخ الميلاد في عام.2013 فبعد تلك السنوات سيكون الطفل قد أصبح شابا وبدأ يطرق أبواب الحياة العملية معتمدا علي نفسه. وتمت الإستعانة بمعدل العمر المتوقع عند الولادة والذي يمثل متوسط عدد سنوات العمر المتوقع لفئة معينة من الناس الذين سيخضعون طوال حياتهم لنفس معدل العمر المتوقع خلال فترة معينة. وهناك معيار جودة الحياة الأسرية الذي يعتمد علي معدلات الطلاق والزواج في المجتمع.وفيما يتعلق بالجوانب السياسية فقد تم اللجوء لمعيار حالة الحرية السياسية. وبالنسبة للمستقبل العملي تم اللجوء إلي معيار التوظف الآمن الذي يعتمد علي معدل البطالة.وتمت الإستعانة بمعدلات سقوط الأمطار ومتوسط درجات الحرارة خلال العام لبيان الحالة المناخية للدولة المعنية. وفيما يتعلق بالأمن والأمان الشخصي فقد تم اللجوء إلي معدلات الجريمة وحوادث القتل والإرهاب.أما الحياة الاجتماعية للإنسان في الدولة فقد تم التوصل إليه عبر معيار جودة الحياة الاجتماعية والذي يقاس من خلال رصد حجم العضوية في المنظمات الاجتماعية المختلفة. وتم قياس مستوي الحكم الرشيد عبر معدلات الفساد بينما قيس مستوي المساواة بين الرجل والمرأة داخل المجتمع من خلال تحديد نصيب المرأة من مقاعد البرلمان. وفي إحصائيات سابقة كانت تضاف عنصر عدم الاستنارة( الفقر المعرفي والثقافي) وعنصر الم ويقصد به حالة الملل التي تصيب حياة سكان الدولة علي الرغم من تفوقها في مجالات مختلفة. وعلي غير المتوقع لاحظ الخبراء أن التقدم العلمي والاقتصادي الذي تحظي به بعض الدول المتقدمة لم يمنع وجود مؤثرات سلبية علي الرضا الشخصي عن الحياة لدي الأفراد في تلك الدول. فالدمار الذي يلحق بالمؤسسات الاجتماعية التقليدية يمكن ملاحظته في تراجع التمسك بالدين وانهيار دور الاتحادات التجارية وارتفاع معدلات الجريمة وإدمان الخمور والمخدرات وتراجع المشاركة السياسية وانحسار الثقة في السلطات العامة بالإضافة لتآكل مؤسسات الأسرة والزواج.. وفي نهاية الأمر يعترف الخبراء بأن الثروة الحقيقية هي رضا النفس وأن السعادة الحقيقية لايصنعها المال أوالتقدم العلمي بشكل منفرد.