بعد ان كانت المشادات اللفظية والمعاكسات ممنوعة داخل أروقة الجامعة تحولت الآن إلي اشتباكات ومعارك وتعاطي مخدرات ثم تفاقمت ووصلت إلي حمل الأسلحة البيضاء وإطلاق أعيرة نارية, و في احدي الوقائع راح ضحيتها بعض الطلاب وبعضها أدي إلي ترويع الطلبة وكانت أخراها ما حدث في جامعة المنيا بعد وقوع مشاجرة بين الطلاب أمام كلية العلوم, داخل الحرم الجامعي, أطلق خلالها شاب عيارا ناريا, دون أن يتدخل مسئولو أمن الجامعة, أو القيام بضبطه وتسليمه لأجهزة الأمن مماتسبب في تعريض حياة الطلاب للخطر, وأحدث حالة من الذعر داخل الجامعة. والسؤال الآن هل أصبحت الجامعات أماكن للفوضي والعبث والبلطجة والمشاهد المخزية والمهازل الأخلاقية؟ الإجابة نرصدها في هذا التحقيق. الكثيرون يرون أن السبب الرئيسي هو غياب الأمن, وأن عدم إدراك قيمة وقدسية الحرم الجامعي وراء هذه الفوضي والاستهتار في البداية يقول د.أحمد سعد أستاذ القانون كلية الحقوق ببني سويف يتساءل لو حدثت مشادة بين الطلاب بالأسلحة فمن يستطيع فك الاشتباك بينهم؟ في الحقيقة بداية من رئيس الجامعة حتي أصغر موظف لن يستطيعوا منع هذا الاعتداء, وإذا حاولوا فما الوسائل التي سوف يستعملونها لو حاولوا ذلك وهم أساتذة علم فقط؟ إذن فنحن في حاجة إلي رجال أمن للحيلولة بين ارتكاب الجريمة ابتداء وبين اكتشافها بعد ارتكابها وعدم ضياع معالمها. ويوضح أن هناك خلطا بين أمرين وجود الشرطة كجهاز أمني وبين حرية الحرم الجامعي بما يشمله وعناصره من أساتذة وطلاب وإداريين وقد هتف الجميع بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بإلغاء الحرس الجامعي تحت دعوي أن ذلك يعد انتهاكا لحرمة الجامعة من هنا يجب عدم الخلط بين قدسية أو حرمة الجامعة وبين وجوب حمايتها فكان يجب ألا نعالج الخطأ بخطأ بمعني أنني كنت أتمني أن يظل الحرس الجامعي لأن السوابق أثبتت أنه لا يتدخل في شئون إدارة الجامعة أو علاقة أساتذة الجامعة بعضهم ببعض أو الطلاب والبديل لهم هو الفوضي. وكان يجب أن نعرف أن حقيقية دور حرس الجامعة وقائي وهدفه حماية هذا الكيان القانوني بمحتوياته وعناصره من طلاب وأساتذة إلي غير ذلك, ولابد أن نسلم بأن هناك إجراءات وقائية أو حمائية تستلزم وجود الشرطة ولعل الحكم الصادر كان قد صادفه صحيح القانون لو كان أثبت في حيثياته أن وجود الحرس الجامعي هو قيد علي حرية أعضاء الجامعة ولا يمكن الحكم علي حرس الجامعة بأن عدم قبولهم تحت مزاعم أنهم يكتبون تقارير للجهات الأمنية فالتقارير لا تحتاج لتواجد الشرطة بزيها المعروف, كما لا يمكن القول بأن حرس الجامعة يتدخل في المدرج أو في الأيديلوجيات أو الميول السياسية أو العقائدية للطلبة ولكني أقول إن حرس الجامعة ضرورة لابد منها لحماية الأعراض والأنفس والمال وحياة الموجودين بهذا الصرح العلمي لغة العنف ويضيف الدكتور أحمد سعد أنه لابد أن ندرك أن التغييرات السياسية التي نالت المجتمع المصري واختلاف الايديولوجيات وغياب الأمن ووجود فراغ سياسي واجتماعي وأسري واقتصادي كلها عوامل تؤدي إلي خروج الحوار عن مجراه الطبيعي وتحوله إلي لغة العنف الذي يمكن أن يصحبه استعمال وسائل مادية للاعتداء علي حياة وممتلكات الاخرين داخل الجامعة وظهور كثير من صور البلطجة مثل تكسير السيارات والاعتداء اللفظي والمادي علي الأساتذة وكوادر هيئات التدريس لمجرد الاختلاف في الرأي. وأثبتت التجربة في الحادث الأخير كما يوضح د.أحمد سعد أنه عندما يفلت الزمام ويخرج من إطار المناقشة العلمية أو البحثية العادية ويتحول النقاش أو الاختلاف الأيديولوجي أو الاختلافات السياسية ويحل محلها إطلاق الأعيرة النارية فهذا يوضح لنا مدي الحاجة إلي حرس الجامعة الذي حل محله موظفون إداريون ليسوا محترفين ويعملون وحافزهم الأول والأخير هو حافز مادي بحت ليس حماية الأفراد في هذا العمل لذا فنحن في حاجة إلي شرطة متخصصة مع الأخذ في الاعتبار طبيعة المكان وطبيعة التعامل, وعلينا أن نقرر أمنا وقائيا لهذا التجمع الشبابي الذي يجمع بين كل الأيديولوجيات فلابد من اتخاذ إجراءات وتدابير لحمايته. أمن تكنولوجي وبشري وعن حماية الجامعات في الدول الأخري يقول الدكتور أحمد سعد في بلاد العالم الأول في الحريات نجد أن لديها وسائل الأمن التكنولوجي والبشري وضوابط لحماية الأفراد والأموال أكثر منا ولم يقل أحد ان ذلك قيد علي حرية الرأي فضلا عن أن الطالب هناك لديه الوعي الكافي والادراك والشعور بالانتماء وهذا غائب لدينا خاصة بعد ثورة25 يناير والذي يحتاج إصلاحه إلي سنوات طويلة. ولابد من نشر الوعي بأن الحرية الشخصية لا تتعارض مع وسائل تأمين هذه الحرية بمعني أن التفتيش الشخصي والحقائب ليس اعتداء علي الحرية الشخصية ولكنه تأمين طالب العلم من الأسلحة والقنابل وطالب بحظر حمل السلاح داخل حرم الجامعة سواء كان مرخصا أو غير مرخص والقبض علي من يقوم بهذا الفعل, واتخاذ كل الاجراءات القانونية ضد من يحمل سلاحا بدونا ترخيص أو يقوم بترويع زملائه لأن الترويع والبلطجة يقومان علي الجريمة الاحتمالية لأن هناك خطرا وشيكا من الممكن أن يحدث, فإن مكان العلم له قدسيته وأشبه بأماكن العبادة والعلم أوصت به الأديان السماوية كلها ويجب اتخاذ إجراءات حاسمة لتأمين الجامعات حتي لو كان ذلك يكمن في عودة الشرطة وهو ما يستلزم حكم محكمة أو قرارا جديدا من وزير الداخلية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء أو وزير التعليم. التحكم في الدخول للجامعة ويري د.سعيد جبر أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة القاهرة ووكيل الكلية سابقا ان الجامعة خلية من خلايا المجتمع ويحدث فيها ما يحدث في المجتمع من بلطجة وانفلات أمني وللأسف رجال الأمن من المدنيين الذين يقومون بتأمين الجامعة عبارة عن موظفين غير مسلحين وليس لهم صفة تسمح لهم باستعمال القوة. ولهذا كما يقول د.سعيد جبر إنه لا سبيل لنا إلا بعودة الشرطة إلي الجامعة لأنها تضم رجال أمن محترفين ولهم سلطة الضبطية وكانوا في أثناء حراستهم للجامعة فيما مضي يخلصوننا من هذه الظواهر, وإذا كان قد صدر حكم بإلغاء الحرس في الجامعة بعد أن طالب البعض باستبعاد الأمن من الجامعة بحجة أنه يتجسس علي الأساتذة ويتدخل في انتخابات اتحاد الطلبة, فأقول لهم ان الأمور تغيرت كثيرا بعد ثورة25 يناير فلم تعد الشرطة بمثل هذه الامور ولا داعي لمثل هذه المخاوف الآن. أما عن حمل السلاح داخل الجامعة فيقول إن حمل السلاح دون ترخيص يعتبر جريمة حتي وان كان سلاحا أبيض وإطلاق الرصاص في المدن ممنوع حتي لو تعبيرا عن الفرحة, كما أن حمل السلاحا بترخيص لا يستعمل إلا في حالة الدفاع عن النفس وتحت قيود وشروط محددة, ومن يحمل سلاحا داخل حرم الجامعة من الممكن أن يصدر قرار بسحبه منه والتحقيق معه وتوقيع عقوبة عليه, كما يجب وضع تشريعات جديدة تجرم بعض الأفعال التي مازالت لا تعتبر جريمة حتي الآن مع تشديد العقوبة علي الأفعال التي يتم تجريمها. المناخ العلمي ويطالب. محمد اسماعيل أستاذ التشريعات الاجتماعية بحقوق بني سويف بتوفير المناخ العلمي داخل الجامعات بشكل ملائم ولا يوجد فيه ما يعكر الأمن والاستقرار والمناخ الحيادي لتلقي العلم ومباشرة النشاط الطلابي, أما تلك الظواهر الجديدة علي المجتمع الجامعي فلا يصح أن تترك دون إجراءات أو تدابير جادة لمواجهتها, فالجامعة مؤسسة عريقة تحتاج إلي جهاز أمني قادر علي ضبط الأمن والاستقرار داخل الجامعة لذلك لابد أن نسارع في اتخاذ تدابير حازمة تضبط الأمن بشكل كامل داخل الحرم الجامعي وإذا كانت الجامعات قد أنهت وجود الحرس الجامعي وشكلت أمنا خاصا لكل جامعة كما يقول د. محمد اسماعيل فهذا الأمن لابد أن يكون مؤهلا ومدربا علي مواجهة هذه الظواهر ولا يقف الأمر عند تعيين موظف في الأمن فقط, بل لابد أن يتعين أيضا أفراد من الأمن المحترف لأنها وظيفة يجب أن تضمن الأمن والاستقرار داخل محيط المؤسسة التعليمية سواء داخل الحرم الجامعي أو الكليات, ومن الممكن أن يتم هذا بالتنسيق مع وزارة الداخلية فتقوم بتدريب وتأهيل رجال الأمن ليصبح لديها جهاز أمني قوي مدرب يمنع دخول الغرباء والسلاح.