كلما يتأمل المرء في مظاهر العجز التي تسيطر علي المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني يزداد اليقين بأنه ليس هناك ما يعزز قوة الانتماء الوطني سوي شعور المواطنين علي اختلاف انتماءاتهم بالحرية والآمان. والثقة في قدرتهم علي بناء الوحدة الوطنية ونشر الأجواء النقية التي تسمح بالتفاعل الحي لكل القوي السياسية لاستنهاض وتوظيف الطاقات المجتمعية لخدمة الأهداف العليا للوطن. إن المشهد الراهن يؤكد من جديد أهمية الديمقراطية كصمام أمن وآمان للوطن والمجتمع وسلطته الحاكمة لأنه إذا انتكست الديمقراطية وجري أي تضييق علي الحريات والمنافذ الشرعية للعمل السياسي يبدأ الجسد الوطني في الهزال. إن مستقبل أي وطن يرتهن في المقام الأول بالقدرة علي الحوار وتجنب الانزلاق نحو منحدر اللدد في الخصومة وبما يؤدي إلي اتساع الفجوات وتغييب القواسم المشتركة وتغليب روح العداوة, وفي اعتقادي إن الوقت لم يعد يحتمل أي إبطاء باتجاه التحرك علي طريق استعادة روح الأمل من خلال سد الفجوات وإزالة التناقضات بأحجار الديمقراطية المطعمة بأسمنت العدالة الاجتماعية وذلك يتطلب رؤية مشتركة لمتطلبات الحفاظ علي التوازن المجتمعي بعيدا عن سياسات المزايدة وطرح المستحيلات التي تؤدي لارتفاع درجة الذبذبات المؤذية في المزاج العام نتيجة صعوبة الفرز الدقيق بين بيانات الحكم وانتقادات المعارضة. وإذا كانت الديمقراطية الصحيحة لا تعبر عنها نتائج الصناديق وحدها لكي ينفرد تيار دون غيره بمسئولية العمل الوطني فإن الحرية التي تعني حق إبداء الرأي لا تعني حق المعارضة علي طول الخط لأن الحوار هو الذي يحول دون الفوضي التي تنبت الشقاق والصراع المجتمعي. خير الكلام: عندما تكون في قاع الحفرة يجب أن تكف عن الحفر! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله