أعتقد أن بلوغ الحلم الكامل لمؤسسية الدولة يتطلب مجموعة ضمانات أهمها ضمان أمن المواطن علي حياته وحريته وممتلكاته من خلال شعور بهيبة الدولة وقدرتها علي التصدي لكل ما يعكر الاستقرار وعدم السماح بأي خروج عن الشرعية والنظام مع الفهم الصحيح للديمقراطية والذي يسمح بازدهار دور المؤسسات الشرعية لأن الديمقراطية لا تتحقق بحكم الفرد ولا تستقر بحكم الصفوة المميزة. وليس من شك أنه كلما ترسخت قواعد دولة المؤسسات اتسعت مساحات الحوار وتعددت قنوات التواصل والاتصال فالحوار هو الدليل الذي يعكس حيوية وحرية المجتمع لأن غياب الحوار يعني الخوف محل الأمان والقهر محل الاقتناع, وبالتالي تسود لغة الفرض والإذعان! وأهم من ذلك كله أن تدرك كل القوي الفاعلة في المجتمع أهمية الحرص علي البعد الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية والانحياز إلي الطبقات الكادحة والالتزام برفع المعاناة وتخفيف الأعباء عن محدودي الدخل ودعم الفئات الأقل قدرة ورعاية الأحياء الأكثر ازدحاما والمحافظات الأشد فقرا لأن ذلك هو السبيل للحفاظ علي تماسك وترابط المجتمع بعيدا عن أي صراع أو تناحر وبما يوفر لهذا المجتمع القدرة علي تخطي عقبات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل بروح الإحساس بأن الوحدة الوطنية هي صمام الأمن للوطن وللمواطنين. و لست أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن مؤسسية الدولة تعبر عن نفسها من خلال التزام صارم بمبدأ تكافؤ الفرص وضرب كل أشكال الوساطة والاستثناء التي تتناقض مع طهارة اليد والمسلك. ثم أقول في النهاية: إن الحرية تعني حق إبداء الرأي, ولكنها لا تعني حق التطاول أو توجيه الاتهام بغير دليل دامغ.. وهنا يتحدد الخيط الرفيع بين الحرية التي تؤمن الحوار السليم وبين الفوضي التي تنبت الشقاق والصراع المدمر! ومعظم ما يدور الآن في الساحة السياسية الداخلية من جدل فقهي ودستوري وتشريعي وقانوني ليس بعيدا عما كنت أتحدث فيه من أول سطر إلي آخر سطر!
خير الكلام: رب خطر تتهيبه اليوم قد يصبح غدا خيرا كنت تتمناه! [email protected]