سكة السلامة واضحة لا تخطئها الحكمة والعقل, تلزم أهل الحكم بضرورة العمل الجاد من أجل إنجاز مصالحة وطنية شاملة تقضي علي الفتنة, وتنهي حالة الاستقطاب الحاد في المجتمع, وترسم خريطة طريق جديدة للقوي السياسية تنهض علي المشاركة الحقة, والالتزام بحكم القانون, واحترام استقلال السلطة القضائية, وتقود حتما إلي الأمن والاستقرار, وحشد كل قوي المجتمع للخروج من عنق الزجاجة والمضي قدما علي طريق النهضة, وكذلك سكة الندامة واضحة لا تخطئها العين, تقوم علي التسلط والاستحواذ واعتقاد فريق واحد أنه وحده صاحب الحق الإلهي في تمثيل الشعب, والمتحدث باسمه, وتحديد مصالحه ورسم دستوره وقوانينه دون اعتبار للآخرين! وإذا كانت سكة السلامة تقود الي الأمن والاستقرار وتوسيع مساحة الرضا لتظلل كل فئات المجتمع, فإن سكة الندامة تقود إلي الفرقة والصراع والمزيد من انهيار الدولة وغياب سلطة القانون, وتنتهي في الأغلب إلي دولة فاشية تكمم الأفواه وترهب المعارضين, وتكفر خصومها السياسيين, وتعادي كل من يسأل أو يفكر أو يشكك, وتستنزف جهود الجميع في صراع بلا طائل يمزق أوصال الوطن والأمة, وما يزيد من خطورة هذه الحالة أنها تباعد بين الحكم والقوي الأكثر فاعلية وتأثيرا في المجتمع, التي تتمثل في نخبته الفكرية, التي تضم المفكرين والمثقفين وأهل الرأي وأصحاب الفنون, الذين يرقون بمشاعر الأمة, كما تزيد من عوامل القلق داخل نخبة المجتمع الاقتصادية, التي تتمثل في رجال الأعمال والمستثمرين والرأسمالية الوطنية, التي لا تجد أمامها سوي الهرب خارج البلاد, ويتكرر الأمر نفسه مع نخبة المجتمع المهنية, التي تمثل قوة الرشد والمعرفة, والتي تجد نفسها في حالة قهر مستمر لغياب الأمل في تقدم البلاد!, والأنكي من ذلك أن المجتمع المنقسم علي نفسه طولا إلي فسطاطين متواجهين فسطاط الدولة المدنية وفسطاط الدولة الدينية التي تشق قلوب الناس وتصدر إحكام التكفير, يعود فينقسم عرضا ليقسم شبابه إلي معسكرين متضادين يتقاذفان بالحجارة, يدمي بعضهم بعضا بدلا من أن يتوحد للنهوض بالأمة, وتكون النتيجة في الأغلب صراعا أهليا مدمرا تغيب فيه الدولة والقانون يأخذ البلاد إلي حافة الحرب الأهلية! هذان هما الخياران الأساسيان اللذان يواجهان مصر الآن, لا ثالث لهما, تقع مسئولية المفاضلة بينهما علي أهل الحكم أولا لأنهم أصحاب السلطة والقرار, وعلي قوي المعارضة ثانيا التي ينبغي ألا تعطي ظهرها لأي فرصة للحوار. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد