وزير الأوقاف: نصطف خلف رمزنا الجليل فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر    جداول الترم الثاني «أبناؤنا في الخارج» لجميع الصفوف    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    وزير الخارجية يشارك في افتتاح المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    سعر الدولار اليوم يتراجع في 10 بنوك بنهاية تعاملات الاثنين    وزير الاتصالات يغادر إلى طوكيو للمشاركة في فعاليات مؤتمر "سوشي تك"    «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» يشارك في معرض أبو ظبي للكتاب    البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 75 مليار جنيه وسعر الفائدة يصل إلي 26.62%    منتدى الأعمال العُماني الروسي يوقع اتفاقيات تعزيز فرص التعاون التجاري والاستثماري    بن غفير: المساعدة الوحيدة التي يجب أن تدخل إلى غزة هي الهجرة الطوعية    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    وزيرا خارجية قطر والعراق يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية    مؤتمر إنزاجي: لاوتارو لم يتدرب مع الفريق.. وأخطاء الذهاب كلفتنا 3 أهداف    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول موقف الأهلي من قيد صفقاته قبل مونديال الأندية    أشرف نصار: اسم طارق مصطفى ارتبط بالزمالك منذ تواجده في البنك.. ومعنديش لاعب استخرج تأشيرة أمريكا    تطورات مفاوضات الزمالك لضم المغربي كريم البركاوي    رئيس الاتحاد الدولي للترايثلون: مصر تستحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية    فريق ملاكمة الناشئين بأسيوط يحصد فضيتين وبرونزيتين في بطولة الجمهورية بالإسكندرية    مراجعات نهائية لطلاب الشهادة الإعدادية بتعليم الوادي الجديد قبل الامتحانات    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 32 درجة غدا    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    كأنه هو، أحد تلاميذ الطبلاوي يحاكيه في ذكرى رحيله الخامسة بمدفنه (فيديو وصور)    أفضل الخروجات لموعد غرامي.. هذه الأبراج تفضل الأماكن المفتوحة    الشارقة القرائي للطفل يشهد تكريم الفائزين في مسابقة فارس الشعر 2025    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    شام الذهبي: الغُناء بالنسبة لي طاقة وليس احتراف أو توجه مهني    مدير التأمين الصحي بالقليوبية توجه بالمتابعة وتطبيق المعايير بشكل صحيح لتحسين بيئة العمل    محافظ الجيزة يوجه بصيانة مصعد فرع التأمين الصحي ب6 أكتوبر    "الغرف التجارية": إصلاحات الدولة تحفز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة    الإغاثة الطبية بغزة: وفاة 57 طفلا نتيجة سوء التغذية والجوع فى القطاع    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى وبلدات جنوب مدينة نابلس    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    كارول سماحة تقيم عزاء ثانيا لزوجها وليد مصطفى فى لبنان الخميس المقبل    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «الصحة» تنظم دورات تدريبية للتعامل مع التغييرات المناخية وعلاج الدرن    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    "دينية النواب" تناقش تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    بكام الشعير والأبيض؟.. أسعار الأرز اليوم الإثنين 5 مايو 2025 في أسواق الشرقية    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج من الصندوق وتحرير الاقتصاد
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 12 - 2012

كل أنواع الاقتصاد الحديث يتم التخطيط لها وطبيعة النخب المسيطرة تحدد نوع الاقتصاد‏ والخيار المطروح هو إسناد تخطيط الاقتصاد للحكومة المنتخبة أو إسناده للقطاع البنكي المصدر للائتمان والمتحالف بطبيعته مع نخب رجال الأعمال‏ والمملوك بدرجات متفاوتة ملكية خاصة وإسناده للقطاع البنكي يعني ترك الاقتصاد في يد مجموعة مصالح غير منتخبة قد لاتتطابق مصالحها مع المصلحة العامة, خصوصا في دولة نامية كمصر.
ومع ازدياد حجم المؤسسات المالية في العصر الحديث وتمركزها في مراكز مثل نيويورك ولندن وباريس, تبين أن للتخطيط المالي والنقدي المركزي( الحر) كل عيوب التخطيط المركزي الحكومي وهو يميل لتفضيل الفوائد العاجلة والمصلحة الخاصة علي المصلحة العامة طويلة الأجل وهو لهذا يفضل تركيز نشاط الإقراض في أكبر مجالين هما مجال العقارات والأراضي والمرافق المخصخصة ومجال تكوين الاحتكارات الصناعية والتجارية, وهو يفضل الاحتكارات لسهولة التعامل مع نخب أقل عددا. وقبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية عام1944, اجتمع ممثلو44 دولة من الحلفاء في بريتون وودز بالولايات المتحدة الأمريكية لوضع أسس النظام الاقتصادي المالي العالمي لمصلحة المنتصرين في فترة مابعد الحرب, وأنشأوا مؤسسات للإشراف علي تطبيق هذا النظام منها صندوق النقد. وكان إسهام الدول الضعيفة في وضع النظام انعكاسا لضعفها بما تسبب في معاناتها المتكررة من النظام الذي وضعه الأقوياء لمصلحتهم. وخير مثال لهذا هو أزمة ديون العالم الثالث في ثمانينات القرن الماضي التي وأدت التنميه فيه وأرغمته تحت ضغوط الصندوق علي تقليص دور الحكومات في رعاية وتنمية أوطانها, وعلي خصخصة المرافق والخدمات العامة والثروات القومية لمصلحة النخب المحلية والعالمية بتطبيق ماعرف بتوافق واشنطن. ولم نسمع أنه حدث تغير في توجه الصندوق ليصبح راعيا للعدالة الاجتماعية والتنمية المحلية, أو أنه اعترف بالدمار الذي سببه لكل الدول النامية التي اتبعت تعليماته طيلة تاريخه, أو أن وصفاته نجحت ولو مرة واحدة في تنمية أي دولة فقيرة, بل استنزف اقتصادها جميعا لمصلحة النخب المحلية والغربية.
وتحويل الاقتصاد إلي اقتصاد ريعي يستلزم أولا التضييق علي حرية البنك المركزي في إصدار نقود غير مقترضة وغير محملة بالفوائد, فلا يبقي لتمويل التنمية سوي البنوك التجارية الخاصة والعامة التي يجري الضغط علي الحكومات لخصخصتها بحجة العلمية والتقدم ورفع الكفاءة ثم خصخصة الأصول والإنتاج والخدمات التي يتم تمويل الاستحواذ عليها بالقروض المحملة بالفوائد وعندها يتحول الاقتصاد تماما إلي اقتصاد مستنزف منتج للريع, تضخ ثروته وناتج عمله للخارج إما بواسطة البنوك الأجنبية أو تحويلات الشركات أو ألاعيب بورصة التداول.
وهكذا يتم إعاقة البنك المركزي عن تسييل عجز الموازنة الحكومية بادعاء أن عجز الموازنة شيء ضار وأن قيام البنك المركزي بتسييل هذا العجز يسبب التضخم, بالرغم من أن هذا هو الدور الذي من أجله تم إنشاء البنوك المركزية, ولأن زيادة الثروة القومية والنمو وزيادة عدد السكان وزيادة المدخرات يستلزم زيادة الأصول النقدية والمحتوي النقدي للوفاء بحاجة المجتمع للتعامل والادخار.وهنا تضطر الحكومة لتغطية بنود خطتها وأنشطتها إما بالاقتراض من البنوك التجارية, مما يثقل أعباءها لخدمة هذه الديون وسدادها, أو تضطر إلي الشراكة مع القطاع الخاص الذي يقترض تمويله,بما يسبب التضخم ويعني أيضا خصخصة الأنشطة الحكومية الجديدة. وهذا كله يزيد الأعباء وتكلفة السلع والخدمات لعموم الناس, ويفرض علي الحكومة التقشف لخفض الإنفاق ولخدمة الديون وسدادها, ويخفض من النقود المتاحة للإنفاق والاستثمار, مما يؤدي لانكماش الاقتصاد ككل ويدخله في حلقة مفرغة تضطر الحكومة معه لخصخصة الممتلكات العامة القديمة, وهكذا يتحول الاقتصاد برمته إلي اقتصاد ريعي.
وقد يفرض علي الحكومة أيضا باقة مكملة من الإجراءات التقشفية بحجة ضبط عجز الموازنة منها زيادة الضرائب وزيادة أسعار السلع بخفض الدعم بحجة ترشيده وتوصيله إلي مستحقيه, وبحجة الأسعار العالمية,وكل هذا لتدبير مايكفي لسداد القروض الجديدة, ومنع الحكومة من التخطيط المستقل وإبقاء الاقتصاد الوطني في القفص. والقضية هنا أننا بدلا من تسييل العجز الحكومي بالعملة المحلية, وضبط الأنشطة التي تستنزف أرصدة العملات الأجنبية, فإننا نقوم بخفض النقود المحلية المتداولة في الاقتصاد( بزيادة الضرائب ورفع الأسعار) بما يؤدي إلي الكساد. ونتيجة هذه السياسة العجيبة في كل الأحوال هي وضع قيود علي النمو الاقتصادي المحلي بدلا من تنشيطه بتسييل العجز الحكومي بواسطة البنك المركزي وتوجيه هذه السيولة إلي الأنشطة الإنتاجية. ونكون بهذا كمن يدخل طواعية في الصندوق.
وعندما يتعامل رجال الأعمال معا, يكونون علي حذر; لأن كل طرف يعرف أن الآخر يسعي لمصلحته بما قد يفوت مصلحته هو أويضره. في حين أن المراقب للمفاوض المصري مع المؤسسات الدولية يخرج بانطباع أن هناك ثقة لايؤيدها دليل في أن توصياتهم( التي تستهدف مصلحتهم) تحتمها القوانين الصارمة لعلم الاقتصاد الدقيق كالكيمياء. بالرغم من نظم علم الاقتصاد منذ نشأته مصممة لتحقيق مصالح واضعيه واستلزم تحقيق هذا الاستسلام العجيب تلقين أجيال من الاقتصاديين بصورة تعطل لديهم ملكة التمحيص والنقد, وتجعلهم يقبلون توصيات واشتراطات المؤسسات المالية الغربية علي أنها علمية محايدة تستهدف الإصلاح.
المزيد من مقالات د. صلاح عبد الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.