في اليوم الأخير الذي غادرنا فيه, تعرض الكاتب الكبير محمود السعدني الذي عاش حياته ساخرا من الدنيا والناس لموقف ساخر رحل علي أثره من عالمنا عن عمر يناهز82 عاما. الراحل الكبير الذي ظل يصارع المرض منذ سنوات تعرض أمس لأزمة تنفسية شديدة بعد نفاد أنبوبة الأكسجين الموجودة بالمنزل, وقد سارع نجله أكرم بنقله إلي مستشفي الجيزة الدولي, لكن القدر كان أسرع ليلفظ أنفاسه الأخيرة. السعدني الذي وصف نفسه بأنه الولد الشقي ووصفه النقاد ب الحكاء العظيم, وصاحب خفة دم غير مسبوقة ولد في نوفمبر1927, وتعود أصوله إلي محافظة المنوفية, لكنه ارتبط بشكل حميم بالجيزة التي عاش فيها الشطر الأكبر من حياته, لدرجة أن اسم الجيزة وحكاياتها وقهاويها وناسها تتردد دائما في كتاباته. عمل السعدني في بداية حياته الصحفية في عدد من الجرائد والمجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة, وهو يصف تلك الجرائد بأنها كانت مأوي لعدد كبير من النصابين والأفاقين, ثم انتقل بعد ذلك إلي مجلة الكشكول التي أصدرها مأمون الشناوي, إلي أن أغلقت أبوابها ليعمل بعد ذلك في جريدتي المصري, والهلال وغيرهما. وفي بداية ثورة يوليو1952, عمل السعدني في جرائدها, كمجلة التحرير, وجريدة الجمهورية, ثم انتقل إلي روز اليوسف, وصباح الخير التي ترأس تحريرها. واستقر السعدني في لندن عدة سنوات بعد خلافات مع الرئيس السادات, كما تنقل في عدد من الدول العربية, إلي أن عاد إلي مصر في بداية حكم الرئيس حسني مبارك عام1982, حيث أسهم بمقالاته في العديد من الصحف والجرائد. ولم يكتف السعدني بالكتابة في الصحف فقط, بل أصدر العديد من الكتب أشهرها الولد الشقي الذي يحكي فيه سيرته الذاتية, ويعد من أروع ما كتب في أدب السيرة الذاتية, وصدر في عدة أجزاء, ومن مؤلفاته الأخري مسافر علي الرصيف و السعلوكي في بلاد الأمريكي ورحلات ابن عطوطة و أمريكا يا ويكا و مصر من تاني. جنازة الولد الشقي سوف تشيع بعد ظهر اليوم من مسجد الحامدية الشاذلية علي أن تقام التعزية غدا في المسجد نفسه.