تأتي الدورة الثالثة والثلاثون للمجلس الأعلي لمجلس التعاون لدول الخليج, والمقرر عقدها في مملكة البحرين يومي24 و25 ديسمبر الجاري, في ظل أوضاع سياسية مضطربة في المنطقة العربية بأكملها, لتناقش العديد من الملفات المهمة والشائكة والتي يأتي علي رأسها تحقيق تطلعات الشعوب الخليجية في الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية, وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك والانجازات التي تحققت وصولا إلي المزيد من التعاون والتواصل والتكامل بما يحقق تطلعات الشعوب الخليجية. وفي الواقع, هناك مجموعة من القضايا سيطرحها قادة دول مجلس التعاون الست( السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان وقطر والبحرين), أمام الرأي العام, ومجموعة أخري من القضايا ستبحث في جلسات مغلقة, وهذا أمر طبيعي ومتوقع في مثل هذه القمم المؤثرة في مسيرة الاتحاد. الجدير بالذكر بأن القمة الخليجية لن تركز علي ملف واحد, وستتطرق إلي الأوضاع السياسية الدولية والإقليمية, والشأن السوري بصفة خاصة. وستحتل الأولوية علي طاولة نقاشات القمة, كالعادة, الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية المترابطة بشكل وثيق ولا يمكن فصلها عن بعضها, وجميعها بذات مستوي الأهمية. فلا يوجد اقتصاد مزدهر في غياب الأمن, ولا أوضاع سياسية مستقرة. ويمكن القول أن الموضوعات التي سيكون لها الأولوية علي أجندة القمة تلك المتعلقة بالشأن الخليجي الداخلي, مثل تلك المتعلقة بامكانية إقامة الاتحاد الخليجي, الذي يساور بعض تطلعات الشعوب الخليجية بعد تلك الأوضاع المضطربة التي شهدتها بعد المملكات الخليجية, مثل البحرين والكويت, وأيضا بعد نجاح تجربة تدخل' درع الجزيرة' في البحرين من العام الماضي لحماية المنشآت الحيوية بطلب من الحكومة البحرين. ومن ثم سيكون موضوع الاتحاد مطروحا في المناقشات التي ستدور في القمة والحديث عنه أو أي نوع من الوحدة مرده الضغوط الإيرانية والفراغ الاستراتيجي الناجم عن انسحاب الأمريكيين من العراق هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية, كيف يمكن مواجهة التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول المنطقة عامة والخليجية علي وجه التحديد, وذلك بعد الصعود اللافت للنفوذ الشيعي في المنطقة, والدخول في دوائر صنع القرار في بعض دول الخليج, فعلي سبيل المثال فاز نحو18 نائبا شيعيا في الانتخابات الكويتية التي جرت مطلع هذا الشهر, لأول مرة في تاريخ الكويت. ومن ناحية ثالثة, ستحتل الأوضاع الاقتصادية لدول الخليجية, أهمية قصوي في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية, فعلي الرغم من أن نصيب الفرد من الناتج المحلي في دول الخليج نحو29.9 ألف دولار من الناتج المحلي الذي بلغ371.7,1 مليار دولار, إلا أن تحقيق التنمية المستدامة في أولوية أجندة قادة وملوك الخليج العربي. وأما القضايا الإقليمية التي ستناقشها القمة, فهي عديدة ومنها علي سبيل المثال: أولا, الأزمة السورية والطرق المختلفة لانقاذ الشعب السوري من القتل يوميا, وكيفية الوقوف بجانب المعارضة السورية, والسبيل الأمثل لمساعدتها, ومستقبل الدولة السورية بعد حكم أسرة الأسد, وأهمية الحفاظ علي وحدتها, لأن أية أضطرابات في سوريا تؤثر بشكل مباشر علي أمن الخليج. ثانيا, الأوضاع في غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليها, وكيفية إعادة الإعمار مرة أخري, وتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية, خاصة بعد حصول السلطة صفة' العضو المراقب' في الجمعية العامة للأمم المتحدة, والذي يعد دفعة قوية لتحقيق هذه المصالحة. ثالثا, الأوضاع في مصر, وكيف يمكن مساندة الاقتصاد المصري في ظل اتهامات مباشرة من النخبة السياسية الجديدة لدول الخليج بأنها متباطئة في تقديم المساعدات المالية والاقتصادية لها. واللافت هنا, أنه كانت هناك اتصالات ومشاورات تجريها دول مجلس التعاون الخليجي حول إمكانية انضمام مصر إلي المجلس كعضو فاعل علي غرار كل من الأردن والمغرب. وذلك إنطلاقا من قناعتها بأن مصر وبما تملكه من إمكانات وما يربطها من علاقات استراتيجية مع دول مجلس التعاون, وكذلك الارتباط التاريخي لأمنها مع أمن الخليج, قادرة علي المساهمة إلي حد بعيد في حفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة. رابعا, ضرورة اخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل, ومحاولة الضغط في المحافل الدولية علي كل من إيران وإسرائيل لكي يلتزموا بالشروط والمعايير الدولية التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية. ونافلة القول, وبغض النظر عن القضايا المطروحة, تبقي آلية التنفيد وامتلاك رؤية خليجية موحدة لكل القضايا هو السبيل الوحيد أمام الدول الخليجية, التي تتحمل مسؤليات خارجية كثيرة, وليس مسئوليات تحقيق الأمن الداخلي لدولها فقط.