في الثلاثينيات من القرن الماضي انتشرت في مصر ظاهرة جديدة هي إنشاء تشكيلات شبه عسكرية تابعة للأحزاب والأطراف السياسية المتصارعة, متأثرة بسيطرة النظم الفاشية علي المانيا وإيطاليا. فشكلت مصر الفتاة فرق القمصان الخضراء ورد شباب الوفد بتشكيل القمصان الزرقاء وتبعتهما جماعة الإخوان المسلمين بتشكيل الكشافة ثم الجهاز السري أو النظام الخاص بقيادة عبد الرحمن السندي, ونتيجة الصراع السياسي اشتبك اصحاب القمصان الخضراء والزرقاء في معارك كثيرة, وخرجت عناصر عديدة منهم عن سيطرة الأحزاب التي ينتمون إليها, ووصل الأمر إلي حد استخدام هؤلاء لتصفية حسابات بين قيادات الحزب الواحد. أما الجهاز السري للإخوان فقد تحولت مهمته من قتال أعداء البلاد إلي التنكيل بمعارضي الإخوان من المصريين, فقام باغتيال القاضي أحمد الخازندار في مارس1948, واغتيال محمود فهمي النقراشي في ديسمبر من العام نفسه ومحاولة نسف غرفة الأرشيف بمحكمة الاستئناف في يناير1949 وغيرها. ثم انقلب السحر علي الساحر وعندما حاول حسن الهضيبي المرشد العام الثاني للإخوان السيطرة علي ممارسات النظام الخاص, احتل السندي وبعض أنصاره المركز العام للجماعة وذهبوا إلي منزل الهضيبي وأساءوا اليه, واجتمعت هيئة مكتب الارشاد والهيئة التأسيسية وقررت فصل السندي, وبعدها بسنوات سلم السندي جميع أوراق النظام الخاص إلي جمال عبد الناصر فاضحا كل أسرار الجماعة. هذه بعض دروس التاريخ لمن يحاولون الآن إعادة انتاج الظاهرة نفسه, ناسين أنهم أول من سيدفع الثمن. عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا التقي المسلمان بسيفيهما, فالقاتل والمقتول في النار متفق عليه. المزيد من أعمدة فتحي محمود