سيطرت القضية النووية الإيرانية كما كان متوقعاً على أعمال مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووى بعد المواجهة بين الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى اليوم الأول للمؤتمر. و لم يصرف التركيز عن تلك القضية سوى كشف الوزيرة الأمريكية عن مبادرة خاصة لمضاعفة الإسهامات الآمريكية بغرض دعم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية على حساب نظيرتها العسكرية. كانت هيلاري كلينتون قد كشفت عن مبادرة أمريكية مؤلفة من عدة عناصر لإظهار جدية الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الحد من الخطر النووي وإقناع القيادة الإيرانية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن اليورانيوم المخصب في أراضيها. وشنت وزيرة الخارجية الآمريكية هجوما عنيفا علي الرئيس الإيراني, مؤكدة أنه يروج لأكاذيب ومغالطات ضد بلادها في الوقت الذي تعتبر إيران هي الدولة الوحيدة المنتهكة لأحكام المعاهدة بإصرارها علي تطوير قدراتها النووية بعيدا عن الرقابة الدولية وفقا لتقارير الوكالة الدولية. وقالت إن إيران تضع نظام حظر الإنتشار النووي في خطر. وأعلنت كلينتون في كلمتها أمام المؤتمر أن المبادرة التي تتبناها إدارة الرئيس أوباما تشمل الإفصاح عن القدرات النووية في الترسانة الأمريكية بهدف تطبيق مبدأ الشفافية في المجال النووي من أجل زيادة ثقة دول العالم في جدية الإدارة الآمريكية بهذا الشأن. و بالفعل تزامنت كلمة هيلاري مع إعلان غير مسبوق لوزارة الدفاع الآمريكية البنتاجون, كشفت فيه عن حيازة واشنطن لحوالي3115 رأسا نوويا, بالإضافة إلي عدد من الرؤوس النووية القديمة التي يجب تدميرها. و وفقا للحجم الذي تم الكشف عنه, فأن الترسانة النووية الأمريكية قد تراجعت بنسبة48% عن قمة اكتمال الترسانة النووية عام1967, عندما بلغت حينها أكثر من13 ألف رأس نووي. كما تتضمن المبادرة الجديدة, وفقا لهيلاري, إنشاء صندوق بقيمة100 مليون دولار لدعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في برنامج يهدف إلي تطوير عملها في مجال الطاقة النووية السلمية, علي أن تتكفل الولاياتالمتحدة وحدها بدفع مبلغ50 مليون دولار في دعم هذا الصندوق وبدء حملة لجمع مساهمات من الدول المختلفة بغرض تغطية القسم المتبقي من المبلغ. كما تشمل المبادرة سعي الإدارة الآمريكية لتمرير الاتفاقيات الخاصة بإنشاء مناطق منزوعة للأسلحة النووية في أفريقيا وجنوب المحيط الهادي, داخل مجلس الشيوخ الأمريكي وهو ما يعني ضمان عدم شن الولاياتالمتحدة لهجوم نووي علي الدول في تلك المنطقتين. وذلك وفقا للاستراتيجية النووية الجديدة للولايات المتحدة و التي تنص علي حذر استخدام واشنطن اسلحتها النووية ضد أي دولة لا تملك سلاحا نوويا. وأبدت الوزيرة الأمريكية إستعداد الولاياتالمتحدة لمساندة اجراءات عملية لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط في ضوء إحراز تقدم في عملية السلام. و أكدت هيلاري أن عددا من دول المنطقة فشلت في تأكيد إلتزامها بنصوص معاهدة الحد من إنتشار الأسلحة النووية. ولكن الوزيرة تجنبت الإشارة إلي القدرات النووية الإسرائيلية. و مع هذه المبادرات الإيجابية, شنت هيلاري هجوما مضادا ضد نجاد الذي سبقها في كلمته أمام المؤتمر و الذي هاجم فيها الولاياتالمتحدة و السياسات الغربية. أكدت الوزيرة أن الطموحات النووية لإيران تشكل تهديدا للعالم, ودعت المجتمع الدولي إلي إخضاعها للمساءلة. وقالت أن طهران ستفعل كل ما في قدراتها لجذب الإنتباه بعيدا عن سجلها النووي, مشيرة إلي أن إيران تعد الدولة الوحيدة في القاعة, في إشارة إلي مكان انعقاد المؤتمر, التي لا تلتزم بمتطلبات السلامة النووية. وفي مؤتمر صحفي عقب كلمتها, قالت هيلاري أن نجاد لم يأت للتوصل إلي حلول وسط للأزمة النووية في بلاده وإن واشنطن تأمل في إحراز تقدم بشأن العقوبات ضد طهران في مجلس الأمن. وقالت هيلاري إن أمريكا وروسيا تعيان المسئولية عن المخزونات النووية وهما تملكان95% من الأسلحة النووية في العالم وهو ما يكفي لتدمير العالم عدة مرات. وكان الرئيس الإيراني قد شن في كلمته هجوما حادا علي المعايير المزدوجة التي تروج لها الولاياتالمتحدة والدول الغربية فيما يتعلق بقضية الإنتشار النووي وطريقة التعامل مع البرنامج النووي لبلاده وهو ما ردت وفود أمريكا وفرنسا وبريطاني عليه بالإنسحاب أثناء إلقاه لكلمته في اليوم الأول للمؤتمر. و اقترح نجاد في كلمته خطوات محددة لمعالجة فشل سياسات منع الانتشار النووي منها: تقوية معاهدة منع الإنتشار وقيادتها للجهود الدولية في هذا الإتجاه وتشكيل مجموعة دولية لوضع معايير نزع الأسلحة وطرق الالتزام بالحد من التسلح النووي وفقا لبنود المعاهدة. من جانبها, دعت حركة عدم الانحياز, التي ترأسها مصر حاليا, المجتمع الدولي إلي دفع اسرائيل إلي توقيع معاهدة حظر الاسلحة النووية. ووجهت الحركة تحذيرا شديد اللجهة من تعرض منطقة الشرق الاوسط لخطر السلاح النووي بسبب رفض اسرائيل التوقيع علي معاهدة عدم الانتشار النووي وقال ان دول الحركة, بما فيهم ايران يؤكدون ان استخدام الطاقة النووية السلمية حق لا يجب أن يخضع للتمييز.