محمد عيسي الشرقاوي : أشهر فلاسفة الحرية السياسية, كان عاشقا عظيما. فقد أحب زوجته حبا جما. وكانت تبادله ذلك الحب. والرائع حقا في حياة الفيلسوف جون ستيوارت ميل وزوجته هاريت انهما كانا يتسامران طويلا, ويتجاذبان أطراف الحديث كثيرا حول القضايا الفكرية والفلسفية. وكانت هاريت الجميلة والرصينة مولعة بالقراءة. ويتوهج عقلها بالذكاء, ويتضوع قلبها بعطر الكون. وكان الفيلسوف يحاورها فيما يفكر. ولذلك ظن, من فرط عشقه لها, انها شريكته في مؤلفاته وهذا ما بدا عندما روعته صدمة موتها متأثرة بالتهاب رئوي حاد. وأهدي إليها رائعته الفكرية عن الحرية وقال انها شاركته في كتابة فصول الكتاب. وكان قد نشره عام9581, بعد شهور قلائل من موتها. وذكر في سيرته الذاتية التي نشرها عام3781, انه وهاريت كانا يعتزمان مراجعة عن الحرية ولكن نظرا لانها قد ماتت, فلن تتم أية مراجعة للكتاب. وأشار الفيلسوف إلي أن كل جملة في الكتاب قد كتبتها هاريت معه. وهنا يقول الراوي.. ان قصة حب الفيلسوف وزوجته هي, بكل المعايير, قصة فريدة في اساطير العشق. لكن الفيلسوف أضفي علي هاريت هالة نورانية وجعل منها مفكرة وفيلسوفة. ولم تكن كذلك. إن جون ستيوارت ميل, لم يكن مفكرا عاديا, ولا فيلسوفا تقليديا. لقد نشأ منذ طفولته في بيئة فكرية تعلي من شأن الحرية. فكان والده جيمس ميل مفكرا وصديقا حميما للفيلسوف جيرمي ينتام, الذي وضع أسس الفلسفة النفعية. واستهدف أن تكون محورا للتشريع والحياة. وكان يري أن الهدف الأسمي والمنشود هو تحقيق السعادة لأكبر عدد من البشر. وحرص والده علي رعايته. ووقع الفتي في هوي القراءة.. واوغل في قراءة الفلسفة. ولما صار رجلا انخرط في غمار الحياة السياسية. وتم انتخابه عضوا في مجلس العموم البريطاني عام.5681 ودعا إلي الإصلاح السياسي والاجتماعي وحرية المرأة. وحاول التوفيق بين اصحاب الاتجاه الرديكالي وطبقة العمال الناشئة التي اتجهت إلي الاشتراكية الديمقراطية. لكن محاولته فشلت. ولذلك هزمه منافسه مرشح حزب المحافظين في الانتخابات التالية. وعندئذ آثر العودة إلي كتبه حتي مات عام.3781 وصدقت نبوءة الفيلسوف عن كتابه عن الحرية فقد تنبأ بانه سيكون درة كتبه. وهذا ما حدث وتجاوز تأثيره بريطانيا وأوروبا. واستقر به المقام في مكتبة المفكر المصري أحمد لطفي السيد في مستهل القرن العشرين. وما ان قرأ الكتاب حتي بهرته أفكار الفيلسوف, وتبني فكرته عن الحرية, وطاب له ان يترجمها إلي العربية ب مذهب الحريين. وصارت في مقالاته الصحفية في صحيفة الجريدة الديمقراطية. وإذا كان الفيلسوف البريطاني قد نجح ذات مرة في الانتخابات البرلمانية, فإن محاولة أحمد لطفي السيد باءت بالفشل, فلم يفز حين ترشح في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة9191, ووضع دستور عام.3291 وقد بعث اليه الزعيم سعد زغلول بطل ثورة9191 برقية موحية كان نصها: لئن سقطت في الانتخابات, فلك عطف العقلاء وتبقي الحرية انشودة الحياة الإنسانية.