هذه ايام السكاكين الطويلة المسنونة المشهرة لقطع ألسنة السياسيين البريطانيين الذين لايسلمون بدعم اسرائيل بالحق والباطل في موسم الانتخابات. لاحقت هذه السكاكين, ولاتزال كل مرشح تأخذه الشجاعة الي التفكير بشكل مختلف عن اللوبي الاسرائيلي في بريطانيا.فرغم ان قضايا السياسة الخارجية ليست ضمن الاولويات المتقدمة للحملات لمرشحي الاحزاب الثلاثة الرئيسية فانها خاصة الصراع العربي الاسرائيلي كانت سببا لملاحقات دائمة من جانب انصار اسرائيل هدفها الرئيسي حزب الديمقراطيين الاحرار وزعيمه نيك كيلج, النجم الصاعد في سماء السياسة البريطانية. الذنب الذي اقترفه كليج, من وجهة نظر مجلس المندوبين اليهودي, اقوي لوبي اسرائيلي في المملكة المتحدة, هو قناعته بضرورة مراجعة سياسة بريطانيا الخارجية تجاه اسرائيل. قضايا العرب هي قضايانا يقول كليج الذي دعا في مقال كتبه لصحيفة الجارديان الي فرض حظر توريد الاسلحة او مكوناتها لاسرائيل. وقد صدم هذا الرأي اليهود المؤيدين لاسرائيل في بريطانيا وأحد اسباب الصدمة الرئيسية هو ان مؤسسة بلومبيرج اليهودية الشهيرة مولت, واستضافت في مقرها في لندن, اعلان برنامج حزب الديمقراطيين الاحرار. فبعد ارتفاع شعبية الحزب, عقب المناظرة الاولي في الخامس عشر من ابريل بين زعماء الاحزاب الرئيسية الثلاثة, بدا واضحا ان كليج ورجاله سيكون لهم شأن في رسم سياسة بريطانيا الخارجية في السنوات المقبلة. فحرك مجلس المندوبين ماكيناته الاعلامية والسياسية التي رصدت تقاربا بين حملة كليج الانتخابية وبعض المنظمات الفلسطينية والشخصيات العربية الثرية, مثل رجل الاعمال العراقي نظمي اوجي الذي ساعد في جمع التبرعات لحملة الديمقراطيين الاحرار الانتخابية. دعا المجلس لورد والاس العضو البارز للحزب والمسئول عن الشئون الخارجية الي لقاء محاكمة حشد لها ممثلي مختلف المعابد اليهودية المؤيدين لاسرائيل والذي عقد في الثامن عشر من ابريل اي بعد ثلاثة ايام من المناظرة وقد جاء عاصفا حيث لم يغير فيه اللورد أيا من مواقف حزبه تجاه اسرائيل والفلسطينيين برغم اقتراب يوم الانتخابات. موقفنا من الجالية اليهودية في بريطانيا لم يتغير ولكن الذي تغير هو موقفنا تجاه اسرائيل لم يلق والاس الخبير بشئون الشرق الاوسط بالا للصدمة التي بدت علي وجه الحاضرين, الذين ظنوا انه جاء ليعترف امامهم بخطايا حزبه تجاه اسرائيل وعاجلهم بأنه لايلق بالا الي تهامه بالعداء للسامية وذكرهم بأن عوزي اراد مستشار بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء اسرائيل للأمن القومي اتهم بنفس التهمة في مؤتمر شاركا فيه معا في الربيع الماضي لمجرد انه يسأل اسئلة يجب علي اسرائيل ان تجيب عليها. من بين هذه الاسئلة التي طرحها اعضاء فريق السياسة الخارجية بحزب الديمقراطيين الاحرار علي وفد من الكنيسيت الاسرائيلي خلال زيارته للندن منذ شهور ماهي استراتيجية اسرائيل بعيدة المدي؟ متي يتوقف وصم الناس بالعداء للسامية بسبب انتقادهم لاسرائيل؟ كيف تري اسرائيل علاقاتها المستقبلية بجيرانها الفلسطينيين والعرب؟ ماذا فعلت اسرائيل بشأن تقرير جولدستون حول الحرب علي غزة؟ مأساة اسرائيل في اللحظة الراهنة هي ان هناك كثيرين من الاسرائيليين يريدون اسرائيل كبري بغض النظر عما يراه الجيران, هذا مااكده والاس محذرا اسرائيل وأنصارها من الخطأ الفادح لو اعتقدوا ان استراتيجية اسرائيل للبقاء تعتمد علي الاحتفاظ بالاراضي الفلسطينية والسورية المحتلة فتمسك اسرائيل بما في ايديها يعني ان بقاءها يقوم علي صراع لانهاية له.. وهذا لن يحقق لها الامن. مجرد البقاء ليس في ذاته استراتيجية كافية تضمن امن اسرائيل فهي تعني كما يفهمها والاس موجها كلامه للاسرائيليين واليهود المؤيدين في بريطانيا كل جيرانهم سيظلون اعداء لكم ومن ثم ستبقي اسرائيل غير امنة. وسخر من مؤيدي سياسات اسرائيل تجاه القوي الاخري في المنطقة معيدا للأذهان مقولتهم لو تخلصنا من العراق فان كل شيء سيكون علي مايرام, مشيرا الي أنهم اليوم تحولوا الي ايران أما بالنسبة لسوريا فهم يرفضون الحديث معها لأنها تريد استعادة الجولان. ذهب اللورد لابعد من ذلك فنصح الحاضرين علي الا انه لايمكن لإسرائيل ان تعتمد في وجودها, كما هو حالها الآن, علي الخارج, وقال إن وجود إسرائيل حاليا يعتمد علي الدعم الأمريكي الكامل عسكريا وماليا, غير ان هذا الدعم بات, كما يقول والاس, محل تساؤل, وضرب مثالا بما قاله الجنرال ديفيد باتريوس, قائد القيادة المركزية العسكرية الأمريكية منذ أسابيع: الدعم المطلق من جانب أمريكا لإسرائيل يعرض مصالح أمريكا في الشرق الأوسط وآسيا للخطر. وكلما أمطر الحاضرون ضيفهم بالأسئلة الموحية التي تستهدف استفزازه, تصاعدت لهجته التصادمية لهم حتي ان عددا من الحاضرين غادر القاعة محتجا. وارتفعت حرارة المكان عندما فتح والاس ملف غزة. فقد اشار إلي ان الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع تقرير جولدستون اثارت عددا من المشاكل للكثير منا بما في ذلك العديد من اصدقائي اليهود في حزب الديمقراطيين الأحرار. وهنا رد احد الحاضرين بسؤال عن حق اليهود التاريخي في إسرائيل فلم يرد مباشرة لكنه قال: افهم بالتأكيد السجل التاريخي لكني ادرك أيضا ان مشكلة تشريد الفلسطينيين حقيقة واقعة. انتهي اللقاء ولكن الحرب لم تنته بل تصاعدت بعدما انفتح الديمقراطيون الأحرار, انفتاحا غير مسبوق, علي العرب والفلسطينيين, فقد ألقي زعيم الحزب كلمة في عشاء اقامته المنظمة الإنجليزية العربية, وقال فيها قضايا العرب قضايانا. السلام في الشرق الأوسط يجب ان يقوم علي اساس حل الدولتين, وجري فيه جمع5 آلاف جنيه استرليني تبرعات للحزب, وكان نظمي اوجي الملياردير البريطاني العراقي الاصل, قد انشأ هذه المنظمة عام2002, لتعميق التفاهم بين العرب وبريطانيا, وشنت صحيفة جويش كرونيكل, احد اصوات إسرائيل في بريطانيا, حملة ثنائية شرسة علي اوجي وكليج, واتهمت اوجي بتمويل موقع بالإنترنت معاد للصهيونية, وانتقد زعيم الديمقراطيين لمجرد حضوره العشاء الذي حضره أيضا اللورد ستيل وسير مينزيس كامبل, زعيما الحزب السابقان.. ومازالت الحرب مستمرة.