يتذكر أمين معلوف الكاتب اللبناني الذي ولد في عام1949, ويعيش في فرنسا منذ إندلاع الحرب الأهلية في عام1976, في أحدث أعماله المضللين فترات من حياته أثناء هذه الحرب ومراسلاته مع ذويه هناك, وهوكتاب يجمع بين السيرة الذاتية والرواية.وكما في أعماله السابقة التي تأثر فيها بالحرب الأهلية, صدرت هذه الرواية في سبتمبر الماضي, ويتحدث فيها معلوف ككاتب ومؤرخ علي مدار528 صفحة بالفرنسية عن مشاعرمكثفة مبعثرة نفسيا وجغرافيا, مرت به وبأصدقائه, من خلال رسائل يدوية ورسائل إلكترونية متبادلة, ويستخدم صوتين في الرواية عن عودة آدم لبلاده والزمن المبارك قبل إندلاع الحرب. ويقول في روايتهلقد حرصت علي الإحتفاظ بهذه الرسائل, لكني لا أتذكر أنني رددت عليها.فآنذاك لو كان إستلام البريد معقدا فالأكثر خطورة هو الإرسال.بعدما توقف البريد عن العمل, وكان لابد من اللجوء إلي خدمات أحد المسافرين, حتي يتم تسليم الرسائل يدا بيد.وهي مهمة من الممكن أن تكون مهلكة.فحامل الرسالة عليه أن يذهب في بعض الأحيان إلي أماكن القتال ولو حتي تفادي المجازفة في توصيل المظروف وطلب من المرسل إليه المجيء, فالأخير معرض لخطر الموت. ولذا لم نكن نكتب لمن بقي, كنا نتصل بهم هاتفيا أو علي الأقل كنا نحاول. تسع مرات من أصل عشرة, دون نتيجة, ولكن في بعض الأحيان تجري المكالمة. نسارع بعد ذلك منذ الثواني الأولي لقول المهم, لأن الخط يمكن أن يصاب بالصمت مرة أخري. كنا نطمئن علي صحة الأقارب; وندون بعض الطلبات العاجلة- علي سبيل الأولوية, مثل الأدوية التي لا يجدونها هناك, ونقول كلمة عن خطابات أرسلناها أو تلقيناها; ونذكر أقاربنا الذين رحلوا, أو يستعدوا للرحيل. ثم, إذا كان أقدار المكالمة بدت رحيمة ولم ينقطع خط الهاتف فلدينا الترف لنتطرق لموضوعات أخري. ويقول أيضاكان مراد يدعي في واحدة من محادثاتنا أنني في ردي علي إنتقاداته قلت: لم أذهب إلي أي مكان البلد هو الذي ذهب.ربما قلت ذلك في بعض الأحيان, فالصيغة كانت تعجبني.لكنها كانت فقط مجرد مزحة.بالطبع أنا الذي ذهبت.إتخذت قراري بالمغادرة كما كنت أستطيع إتخاذ قراري بالبقاء. ويوضح موقفه قائلاإختفاء الماضي, نعالجه بسهولة,إنما اختفاء المستقبل لا يمكن إصلاحه. غياب البلد يحزنني ويشغلني, ما حلمت به ولم ير النور أبدا.