ظل مجلس الدولة في كل العهود حصنا للمواطن المصري المتضرر من تعسف الحكومة فالمجلس الذي تأسس عام1946 مارس سلطاته رغم ماتعرض له من تهديدات طوال تاريخه. ومع قيام ثورة25 يناير استمرت المظاهرات المطالبة بالحقوق. علي هامش القضايا المطروحة في مجلس الدولة. ناقشنا المستشار محمد زكي موسي أمين عام مجلس الدولة في برامج وخطط تطوير المجلس ومدي استجابة الحكومة لاحكامه. بداية ماذا تحقق في التوسع بفروع مجلس الدولة وما أهمية تلك الفروع؟ دور مجلس الدولة هو الرقابة علي السلطة التنفيذية المنتشرة في كل محافظات مصر, وهنا اهمية ان نقرب التقاضي للمواطن في محافظته ولا يتحمل مشقة السفر للتقاضي ونحن نغطي الآن محافظات وادي النيل كلها ماعدا محافظتين, وخاطبت الجهات المختصة لتوفير تلك الأماكن, كما نعمل الان وبعد قرار مجلس الوزراء بتخصيص بعض مقرات الحزب الوطني القديمة لمجلس الدولة علي افتتاح فروع جديدة في عدة محافظات, رغم مواجهة بعض العقبات منها مقر الأقصر بعد تعنت المحافظ مع مجلس الدولة. هل التعاون مع وزارة التنمية الإدارية يمكن ان يبسط من اجراءات التقاضي؟ عند إنشاء المقار الجديدة قمنا بتوقيع بروتوكول تعاون مع وزارة التنمية الإدارية وبمقتضاه سيتم ميكنة كل مقار مجلس الدولة والربط بين بعضها البعض بحيث إن القضية المنظورة في الإسكندرية تستطيع الإطلاع عليها من أسوان دون الحاجة إلي الانتقال وانا اعمل علي تطوير مجلس الدولة بما يلائم القرن الحادي والعشرين فنحن بالفعل تأخرنا عن ركب التطور العالمي ولكن املي في مصر المستقبل كبير. في عصر مبارك كان مجلس الدولة في صدارة الأخبار وتحدي النظام السابق في الكثير من القضايا الكبري؟ لا نستطيع ان نقول الخمس سنوات الماضية فقط بل هي حقبة كاملة بأنظمة حكم متعاقبة وعموما في النظم الديمقراطية يتمتع القضاء فيها باستقلال كامل, وإذا شاب الحكم ديكتاتورية بوليسية وحكم الرجل الفرد يبدأ الطغيان الذي لا يريد ان يوقفه احد, ومجلس الدولة يراقب قرارات السلطة وهنا تأتي حتمية الصراع, وقد وقف مجلس الدولة وتصدي لنظام الحكم الماضي بحكوماته الاستبدادية ودفع الثمن في مذبحة عام1954 ولم ينس أحد ان السنهوري باشا تم الاعتداء عليه في مكتبه من السلطة القائمة في هذا الوقت, أيضا مذبحة أخري سنة1969 وحان التاريخ ان يحاسب هؤلاء, وعموما فإن هذا موضوع حساس جدا عند رجال القضاء. لا يخفي علي أحد ان الفساد في النظام السابق طال كل مكان واليوم هناك من يطالب بتطهير القضاء مارأيكم في ذلك؟ القضاء يطهر نفسه بنفسه وأطالب الجهات التنفيذية بالابتعاد عن هذا المجال لأن القضاء في حالة تطهير مستمر ونحن هنا لدينا إدارة تفتيش مستقلة لان مجلس الدولة بالأساس قضاء إداري مستقل ولنا قانون خاص بمجلس الدولة يحدد ذلك ولا نرتبط في ذلك مع وزارة العدل, ويوفر القانون للمواطن آليات كثيرة حيث يمكن رفع دعوي لرد القاضي وهناك ضوابط لمنع القاضي ورده والمحكمة تحيل الدعوي إلي دائرة اخري كما يمكن رفع دعوي مخاصمة لو هناك خطأ جسيم في الحكم ويستطيع المواطن مخاصمتي كقاض, بينما الأمور الشخصية التي تتم خارج مجلس الدولة يحقق فيها التفتيش الذي يتولي مسئوليته نائب رئيس مجلس الدولة وتعرض الموضوعات علي قسم التفتيش مجتمعا وقوامه22 شخصا بينهم قضاة وقيادات الدولة وهناك كثير من الحالات التي أحيل فيها أعضاء مجلس الدولة للصلاحية أو التأديب لكننا نبقي علي هذه الأشياء داخل مجلس الدولة لعدة أسباب أهمها ان يستمر شعور الناس بالعدل وهو أهم من العدل ذاته فشعورك بانك ستأخذ حقك أهم من أخذ الحق ذاته إذا لم نشوه القاضي. ولكن المواطن لا يشعر بالعدل ولاتحقيقه في كثير من الأحيان؟ من حق الشعب ان يراقب ويعرف ولكن إدارة شئون الدولة لا تكون بالمظاهرات وميدان التحرير هذا سيؤدي إلي فوضي لا نهاية لها وكلمة تطهير تهين القضاء ولابد ان نترك رجال القضاء للقيام بعملهم. كيف لنا أن نحقق قضاء ناجزا بمجلس الدولة خاصة ان كثيرا من الناس لا يفضلون التنازل عن حقهم في رفع القضايا ويتكبدون المال والعناء؟ نتيجة سوء الأوضاع في الستين سنة الماضية نشأت منازعات قضائية لا لزوم لها, فعلي سبيل المثال المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية بعض القوانين للعاملين المدنيين في الدولة والكثير من اللوائح للعاملين في الحكومة ومقتضاها ان الموظف الذي لم يحصل علي أجازات اعتيادية خلال عمله من حقه الحصول علي كامل مستحقاته رغم ذلك المحكمة الإدارية العليا نظرت أكثر من100 ألف قضية وحكمت فيها ضد الحكومة, والسؤال هنا ماذا تنتظر الدولة؟ نقسم لهم أن القانون لا يتغير حتي يرحم الموظف الذي قضي عمره في خدمة الدولة وفي النهاية يتكبد مصاريف ومشقة التقاضي للمطالبة بمبالغ زهيدة! نحن لدينا نصف مليون قضية بهذه الطريقة في مجلس الدولة ألا يعتبر ذلك تعطيلا لدور العدالة لابد للدولة ان تتصالح مع المواطن وكفي ما فعل فيهم في الماضي وحتي إذا كان لا يوجد موارد تجلس وتتفاوض علي تقسيط مستحقات الناس. وأنا في نهاية السنة القضائية سأعقد مؤتمرا وأعلن القضايا التي امتنعت فيها الحكومة عن إعطاء الناس حقوقها لعلها تكون دافعا وباعثا للأجهزة الحكومية أن تقوم بحل هذه القضايا وهناك20 نوعا من القضايا المتكررة والتي لا تقوم الحكومة بأخذ حلول جذرية لها ولعل أبرزها قضايا الرصيد النقدي للاجازات. الا يستدعي إدخال تعديلات تشريعية لإجبار الحكومة علي تنفيذ الأحكام؟ التشريعات موجودة وكافية ولكن المطلوب ان تكون الحكومة صادقة وتحمي شعبها التشريعات كافية لإصلاح هذه الأوضاع كلها وهناك قوة إجبار فعند الامتناع عن تنفيذ الأحكام يوقع الممتنع تحت قانون العقوبات, وأنا من أنصار تغريم الحكومة بتعويضات عالية حتي تنتبه إلي مصالح الشعب, ودعني أؤكد لك أننا استشعرنا ثورة25 يناير قبل حدوثها بفترة طويلة, وذلك عند تمادي الحكومة في عدم تنفيذ أحكام القضاء. لكن مصر لن تقوم بثورة كل يوم؟ الثورة وضعت نظاما جديدا في السلطة ومطلوب من النظام الجديد أن يصلح ويبني مصر الجديدة والتي لن تتم دون مصالحة بين اجهزة الدولة والشعب للخروج من الدائرة المفرغة التي ندور فيها من عامين. هل ينتهي ندب القضاة أم يستمر؟ ندب القضاة بدأ في مجلس الدولة في بداية الستينيات عندما تم تأميم وسائل الإنتاج او ما يعرف بالنظام الاشتراكي في مصر عندما أصبح مملوكا للدولة التي تديره فنشأت المجموعة الكبيرة من الهيئات والمؤسسات, لم يصاحبها فكر إداري وتنفيذي قادر علي استيعاب هذا التغيير وبدأت الاستعانة ببعض السادة مستشاري مجلس الدولة في بعض الجهات, حتي أصبح المستشار القانوني دعامة أساسية في المسائل الحرجة والمهمة المتعلقة بالحفاظ علي المال العام, وهناك ضوابط كثيرة للندب حيث يمتنع القاضي عن الحكم في جميع القضايا والمسائل التي أبدي فيها رأيا وذلك حتي يستشعر الخصم ان العدالة قائمة بالكامل وليس للشك في أن القاضي موجه. ولنفترض كما يذهب البعض أن المستشارين انسحبوا من هيئات ومؤسسات الدولة هل هناك بدائل موجودة للأسف لا يوجد, وفي النهاية الأمر متروك للجهات الإدارية من لا يريد مستشار مجلس الدولة لا يطلبه. ولكن الانتداب يستنزف مجلس الدولة حيث تنشغل الكفاءات بتلك الأعمال علي حساب القضايا؟ عندنا معدل إنتاج والقاضي يحقق معدلات إنتاجه في مجلس الدولة كاملة وهو يضبط أوقاته ولكنه يؤدي عمله داخل مجلس الدولة, كما أن نسبة القضاة المنتدبين لدينا لا تتعدي15% ويجب ألا نغفل أن هناك انتدابات بحكم القانون حيث من ضمن نصوص القانون ان يضم تشكيل مجالس إدارات بعض الهيئات الحكومية من قضاة مجلس الدولة وتكون هناك حاجة حقيقية لهذا القاضي داخل مجلس الإدارة كما ان قانون المزايدات والمناقصات ينص علي وجود عضو مجلس الدولة في لجنة البت لضمان الحفاظ علي المال العام. ولكن الواقع العملي في الهيئات الحكومية إلي حد كبير يتحول القاضي إلي ترس في الدولاب الحكومي.. والفساد في المناقصات لم يتوقف؟ القاضي لا يتولي وظيفة داخل المؤسسة وهو مستشار يعطي الرأي فقط بالنسبة للمناقصات والفساد ممكن أن يقع عن طريق لعب خفي وهذا دور الاجهزة الرقابية للتدخل في المال العام انا كمستشار اجلس في الجلسة الظاهرية وأتأكد ان العقود وكل شيء مطابق للقانون حيث أنه يتم تقييم فني للمناقصة, والرأي الفني مهم وهناك فنيون يقيمون ووصلوا إلي الفنيين واثروا عليهم هنا دور الأجهزة الرقابية في التحري والضبط. ولكن التخوف ان يستخدم خبرته النادرة ضد المواطن في المؤسسة الحكومية؟ أنت تفترض العكس و لا تفترض ان يقوم القاضي بتصويب العمل القانوني للمؤسسة الحكومية المنتدب إليها, والقاضي هناك ليس بعيدا عن رقابة مجلس الدولة ولا يمكن ان نحرم الجهاز الاداري للدولة من هذه الخبرات بسبب هذا الاحتمال فبهذا المنطق لن نعمل. بعض الناس تقرن الندب بتحسين الرواتب وشباب القضاة قالوا لي ان رواتبهم جيدة ؟ هذا الموضوع ليس له علاقة بالرواتب علي الاطلاق وأولا نحن لم نتحدث عن الرواتب اطلاقا في اشد معاناة للقضاة وقت ان كان القضاة في فترة من الستينيات كان القاضي يقفز في القطار من الشباك لكي يركب درجة تانية وقد تعمدت الدول الاستبدادية فعل ذلك, لأنها لم تكن تطيق القضاة والمعروف أن اهم مبادئ القضاة العفة وتأكد أن الخبرة الموازية للقاضي ستكلف الدولة أضعاف ما يدفع لقاضي مجلس الدولة. اليوم في النظام الجديد هناك حديث عن أخونة الدولة وأخونة القضاء؟ أنا لست رجل سياسة انا رجل قضاء انتماء الشعب لأي تيار سياسي هذا شأنه ونحن عندنا القضاة لابد أن يكونوا محايدين تماما مع كل القوي والنظم السياسية الموجودة ودون التأثر بها, بالنسبة للإخوان, ونحن نتحدث عن أخونة القضاء يأتي السؤال عن الأنظمة السابقة كان هناك بعض القضاة الماركسيين أو الاشتراكيين لماذا لم يثر كلام حولهم؟ لابد أن يكون القاضي مستقلا, ولا ينتمي لأي تيار سياسي, وحتي القناعات الشخصية لابد ألا تظهر علي احكامه او تصرفاته, وعموما فنحن نأمل أن النظام الجديد يعمل علي ترسيخ سيادة القانون ويستوعب مصر كلها والكلمة هنا ليست سياسية لابد من المصالحة بين الشعب المصري جميعه, فالجميع يسبقنا وحان الوقت لنرتقي ونتقدم, وكل منا يصلح نفسه قبل إصلاح الآخر وكفي الأحقاد والكراهية التي ولدتها الأنظمة السابقة. كيف تنظر إلي مستقبل النيابة الإدارية و هيئة قضايا الدولة؟ هيئة قضايا الدولة هي اقدم هيئة قضائية في مصر و طوال تاريخها مفرخة للقضاء المصري ومجلس الدولة وانا شخصيا من هيئة قضايا الدولة واعتز بذلك وهي مدرسة حقيقية تثقل القاضي وأول تشكيل لمجلس الدولة نصفه من هيئة قضايا الدولة وكانوا عظماء, وعلي عكس ما يعتقد البعض فهيئة قضايا الدولة تدافع عن الحكومة ولكنها خصم شريف بمعني إذا اكتشفت مستندات ضد الحكومة فلابد أن تقدم للمحكمة ضمن رجل هيئة قضايا الدولة مستقل بحق, النيابة الإدارية أنشأت في الستينيات مع توسع الفكر الاشتراكي وزيادة الهيئات والعاملين في الدولة لتكون مسئولة عن مساءلتهم ومحاسبتهم, ومن الممكن التوسع في اختصاصاتها حيث بها كفاءات.وعموما لابد من ان نترك امر القضاء لأصحاب شأنه فهناك كفاءات عميقة وقضاة يستطيعون وضع انظمه دولة كاملة وانتقال أنظمة الدول ليس سهلا. ظهرت بعد التهديدات التي ارتبطت بوضع مجلس الدولة في الدستور ولوح بعض القضاة بمقاطعة الاشراف علي الانتخابات.؟ لم يناقش هذا الموضوع من قريب أو بعيد في مجلس الدولة عل أي مستوي ولم يحدث في مجلس الدولة, اما القضاء فلا اعرف. إشراف القضاء علي الانتخابات ألا تعتقد أن فيه إهانة للقضاء يسبب التعديات التي يواجهها القضاة في أثناء العملية الانتخابية؟ هل لديك القدرة علي إدارة العملية الانتخابية ويقبلها تيارات الشعب المصري وجموعه دون وجود القضاء في هذه المرحلة الإجابة لا لن يحدث والقضاة مشكورون انهم يمارسون هذا العمل, وأؤكد انه لا بديل عن الاشراف القضائي في ظل شعب يعين بعضه علي مخالفة القانون, ولابد أن نعيد ترتيب أولويات القضايا المهمة والشعب بحاجة إلي علاج من بعض الامراض النفسية والاجتماعية التي أصابته في الفترة الماضية, خاصة مع انتشار الكذب والنصب والتدليس ولذلك فنحن بحاجة إلي علماء نفس واجتماع يضعون خطة استراتيجية لاصلاح انفسنا, وبالطبع تعرض القضاة لحالات اعتداء ولكنها حالات فريدة حدث بها مشاكل أو اعتداءات ونحن نتصدي لهذا بكل قوة قبل الثورة وبعدها, ولابد من تأمين العملية الانتخابية بشكل أفضل في الفترة المقبلة. الي أي مدي المظاهرات تشكل ضغطا علي القاضي الذي ينظر قضايا رأي عام؟ في يوم واحد كان عندنا ثلاث مظاهرات متنوعة في قضايا منظورة أمام مجلس الدولة في الصباح مجموعة وفي الظهر مجموعة ثانية وثالثة ومفترشة الساحات والشارع وعطلت المرور ولم نتأثر بأي منها علي الاطلاق وانا افرض حماية قوية علي القضاة خلال تلك الأحداث, ولكننا في النهاية نؤمن أن دار القضاء كدار العبادة الله يحميها والشعب المصري يحمي مجلس الدولة وفي أشد لحظات التذمر الشعبي حمي الشعب مجلس الدولة لانه يعرف انه قضاء يحترمه وينصفه في الحقوق والحريات, ورغم ذلك فإننا نوفر اكبر قدر من الحماية اثناء الجلسات, ونحن نستشعر ما يحدث في الخارج ولا يؤثر فينا بمعني يجري ما يجري في الخارج ونحن نطبق القانون في الداخل. لماذا لا يوجد دور واضح لمجلس الدولة في التشريع وهو دور منصوص عليه في قانون مجلس الدولة؟ قسم التشريع يراجع القوانين واللوائح التي ترسلها الحكومة وإذا لم ترسل الحكومة القوانين لن نستطيع مراجعتها وهم بالفعل لا يرسلون, وكان وزير عدل سابق أنشأ لجنة التشريعات العليا وأعطي لكل عضو ألف جنيه وجاء بهم ليراجعوا التشريعات وألغي مجلس الدولة وظل قسم التشريع في مجلس الدولة عاطلا لمدة10 سنوات.