كان قائدا لغواصة نووية هجومية تحمل اسم( فيجيلانتي) أي القائم علي تنفيذ العقاب وبالرغم من أن غواصته كانت مزودة ب18 صاروخا نوويا إلا أنه بدا صادقا عندما أكد أنه علي ثقة بأن بلاده وكذا البلدان الأخري التي لديها هذا السلاح لم تصنعه لكي تستخدمه فعليا وإنما للحفاظ علي السلام والاستقرار. إنه الكابتن أنطوان بيسون مستشار الرئيس الفرنسي للشئون النووية. بمجرد الدخول إلي المبني الملحق بقصر الإليزيه الرئاسي والذي يقع به مكتب الرجل تستشعر ثقل فرنسا الثقافي قبل العسكري وتاريخها العريق قبل ترسانتها النووية والتقليدية. بدأ الرجل حديثه عن عقيدة فرنسا النووية وسجلها والتي عكسها خطاب الرئيس نيكولا ساركوزي في مارس الماضي بمدينة شيربورج شمالي فرنسا وهو الذي يمثل نموذجا جيدا لدولة نووية مؤمنة بضرورة نزع السلاح النووي وتقوم بتنفيذه علي نفسها بالإضافة إلي كونها الدولة الوحيدة التي ألزمت نفسها بحظر التجارب النووية بل وفككت منشأتها بما لا يمكن الرجوع عنه. وحيث إن التخلي عن رادع نووي قائم بالفعل مسألة غير مسبوقة ومن ثم صعبة علي الاستيعاب فإن الرجل قرر أن يواصل عرض مواقف بلاده الإيجابية علي هذا الصعيد حيث كشف عن أن فرنسا هي الوحيدة التي كشفت عن ترسانتها النووية التي لا تتعدي ال300 رأس نووي مؤكدا أن باريس ليس لديها إحتياطي من هذه الأسلحة حيث إنها لا تكتفي بإخراج السلاح من الخدمة ولا بنزع الرأس النووي منه وإنما تقوم بتفكيكه تماما بما لا يمكنه من العودة للخدمة مرة ثانية. ويبدو أن جعبة الرجل لم تخل حتي هذا الحد عما أقدمت عليه بلاده حيث كشف المسئول الفرنسي الرفيع عن تخلص فرنسا من كافة الصواريخ الأرض أرض كما أنها خفضت الصواريخ البحرية بمقدار الثلث وهي بصدد إجراء نفس نسبة الخفض في صواريخ الجوبالإضافة إلي وضع باريس نظام مراقبة دقيقا علي تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج. وحيث إن الحوار مع الكابتن بيسون مستشار الرئيس الفرنسي ساركوزي للشئون النووية جري قبل48 ساعة من بدء أعمال مؤتمر مراجعة اتفاقية منع الانتشار النووي في نيويورك فقد طرحت علي الرجل ما يبدوتناقضا بين الفشل في تحقيق الشروط التي تم بناء عليها الموافقة علي التمديد اللانهائي للاتفاقية في عام1995 والتي تمثلت في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ودعوة الدول غير الأعضاء للانضمام بما في ذلك القبول بالالتزام بعدم حيازة السلاح النووي وفتح جميع المنشآت للتفتيش من ناحية وبين ما يوصف بمحاولات متوقعة للالتفاف خلال مؤتمر المراجعة حول هذه الشروط من ناحية أخري. حيث قال' إننا لم نغفل الشروط التي وضعت والتي مازالت قائمة ونتعامل بناء عليها ونحاول تحقيقها كما أن الولاياتالمتحدة تبذل جهودا كبيرة علي هذا الطريق. ولكن يجب أن نوضح أن عدم النجاح في تحقيق هذه الشروط لا يعني أن نمتنع عن وضع شروط أخري. طلبت من الرجل أن يصحح لي المعلومات التالية حول مساع ستبذل في مؤتمر مراجعة اتفاقية منع الانتشار النووي وهي:إعادة تفسير المادة الرابعة من الاتفاقية وتقييد تفسير المادة العاشرة وجعل البروتوكول الإضافي الخاص بالرقابة إجباريا بدلا من أن يكون طوعيا وإشراك مجلس الأمن بشكل أكبر في هذه القضايا أكد كابتن بيسون أن تلك هي الأهداف وإن عاد فأكد أنها لا تعكس رغبة وموقف فرنسا فقط وإنما العديد من الدول. وسألت الرجل عن رأيه في ورقة العمل الذي توصل لها ما يعرف ب' تحالف الأجندة الجديدة' الذي يضم كلا من السويد وأيرلندا والبرازيل والمكسيك ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا والذي تقوم مصر بدور المنسق له وهي الورقة التي ستطرح خلال مؤتمر المراجعة لعقد مؤتمر دولي للتفاوض علي معاهدة دولية لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي. وبالرغم من أن بيسون أكد لي إن مثل هذه الورقة لم تنم إلي علمه إلا إنه أوضح إن فكرة المؤتمر الدولي للتفاوض بشأن معاهدة دولية لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية تبدوفكرة جيدة جدا ومثيرة للاهتمام. وحول الموقف إزاء إيران قال المسئول إنها ليست الهدف الوحيد من مؤتمر مراجعة الاتفاقية فهناك العديد من القضايا الأخري المهمة والتي من أهمها البروتوكول الإضافي وهوالذي سيسهل تحقيق الركن الثالث للاتفاقية ألا وهوتسهيل حصول الدول غير النووية علي المعرفة والتكنولوجيا النووية السلمية. إلا أن الرجل عاد فأكد أهمية منع إيران من الحصول علي سلاح نووي حيث إن ذلك سيدفع آخرين بالمنطقة للسعي في نفس الطريق. وحيث إن المنطقة تشهد توترا كبيرا مع تواتر التهديدات من وقت لآخر بعمل عسكري فقد كان السؤال هو: متي ستتوقف المفاوضات بشأن إيران وما احتمالات العمل العسكري؟ من جانبه أكد كابتن بيسون أن المفاوضات لن تتوقف إلا أنه تفاوض حازم مصحوب بعقوبات. وعاد الرجل فقال: العمل العسكري محتمل ولكنني أؤكد أن هذا ليس ضمن خيارات فرنسا ولا الولاياتالمتحدة. فالوحيدون الذين تحدثوا عن هذا الخيار هم الإسرائيليون وقد أوضحت لهم واشنطن أنه ليس الخيار الأفضل. قبل أن نترك مكتبه ذكرته بأن القيادة الدينية الإيرانية أصدرت أخيرا فتوي بأن حيازة وليس مجرد استخدام الأسلحة النووية حرام شرعا حيث قال:' لقد كانت نفس القيادة الدينية موجودة عندما اكتشفنا في عام2003 أنشطة نووية سرية.وهذه الأنشطة المسجلة في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية توقفت رسميا في العلن ولكن ماذا يحدث منذ ذلك الحين لا أحد يعرف. نعم فأمامنا أنشطة نووية يقال إنها سلمية ولكننا لا نعرف الجدوي الاقتصادية لاستخدامها سلميا! وأعتقد أن القيادة الإيرانية تسعي لمزيد من النفوذ والسيطرة. إلي هنا انتهي الحوار إلا أن الأزمة لا يبدوأنها مرشحة للانتهاء وإنما لمزيد من التفاقم ومن ثم التصعيد.