أن يشعر شعبك أنك تخاف على شعب آخر أكثر منه, حتى لوكان هذا الشعب الآخر من لحمه ودمه, من دينه ولسانه.. حتى لوكان هذا الشعب محتلاً, مقهورا ً يتعرض لظلم العدو وبراثن إعتداءاته الوحشية , فماذا تنتظر من شعبك أنت ؟! ماذا تنتظر من شعبك الذى أكله الفقر, ونهشت فى جسده ديدان الجهل, وخنقته آفاعى الفساد , وتطاولت عليه أقزام الأمم , وتداعت عليه نفوس الخيانة . ماذا تنتظر من شعب دهسته عربات الذل , والمهانة , ورفع رأسه فلم يجد سوى حذاء , يقبع فوق منافذ الأمل ليعود من جديد محسوراً , " من أجلك أنت" ومن كل أهل ثقتك , أما الباقين فهم " محصورين " مقيدين الأيدى واللسان . ماذا تنتظر من شعب ثار وصدق نفسه يوماً أنه صاحب الكلمة , فعاد ليكتشف أنه لم يسطر حرفاً واحدا ً فى واقع سطور الرواية الجديدة التى تحولت إلى مايشبه " فيلم هندى " مات كل الأبطال فيه ثم عادوا من جديد بعد أن أكلهم التراب , ولكن مرشد الروائع عاد بهم من جديد , لينتقموا من الجميع بمن فيهم حتى المشاهدين انفسهم ! أن يشعر شعبك , الذى أنت فى الأساس خادمه , أنك ذهبت وبسرعة إلى " البرج العاجى " إما شوقاً له , أو خوفاً عليه ألايعود , أو هلعاً من النزول إلى الناس , فلماذا تتعجب أن تعلو أصواتهم فوق خطابك لهم .. وكيف تتعجب أن تضيع هيبة صوتك بينهم .. إن كان الأمر كذلك , عليك أن تتساءل متى العودة من جديد إلى صيحات التأييد , وفرحة الفوز , والزهو بالإختيار عليك أن تتذكر وقفة الميدان , عالى الرأس , متحدثاً عن الغد بعزة , وفخر , رافعاً لافتات المستقبل المعسول , مستأصلاً سواد الماضى وموبقاته . آن الأوان أن تعيد نفسك إلى مكانها , وصورتك إلى بروازها , وروحك إلى جسدك . أما إن كانت هذه هى نفسك التى لم نكن نعرفها , وتلك صورتك التى خدعتنا خطوطها , وتلك هى روحك على حقيقتها , فإن هذا هو قدرنا الذى صنعته أعمالنا ..أيها الوالى ! المزيد من مقالات حسين الزناتى