اثارت الاحكام القضائية الخاصة ببيع شركات القطاع العام وخصخصتها وكذا الاتفاقات مع كبار المستثمرين الوطنيين والاجانب علي حق الاستغلال لمرافق واراضي الدولة. في مشروعات استثمارية التي وقعت عليها الحكومات المتعاقبة في ظل النظام البائد حالة من الجدل بين رجال الاعمال وخبراء الاستثمار والقانون. فبينما تؤكد الاغلبية ان ما بني علي الباطل والتدليس يعد باطلا مهما مرت عليه السنوات.. يري الفريق الآخر ان الحكومة يجب عليها ان تتدخل بشكل عاجل للحفاظ علي مناخ الاستثمار بإيجاد صيغة توازن بين طرفي العقد حتي لا يتأثر الطرفان. وبين هذا وذاك كانت أقوالهم تفصيليا. بداية يوضح المستشار ابراهيم الميهي رئيس المحكمة بمحكمة استئناف القاهرة ان الاحكام القضائية التي يصدرها القاضي لابد ان تكون مسببة بمعني ان يضع القاضي الاسباب التي جعلته يصدر الحكم وهي بالطبع مستندة الي ما في القضية من مستندات واقوال شهود النفي أو الاثبات. أضاف.. ان كل حالة من حالات الخصخصة لها ظروفها ويجب تحقيقها بتعمق مشيرا الي ان المستثمر الاجنبي دائما ما يحرص علي ان يكون في تعاقده بند ينص علي اللجوء للتحكيم الدولي في مثل هذه المنازعات لدرايته بأصول المحاكمات امام هذه المراكز. يوضح ان القاضي الذي يصدر حكما يتأكد فيه ان هناك بطلانا في الاجراءات التي أدت الي واقعة الشراء مما يبطل العقد وهي امور تتعلق بالقانون واللوائح المصرية. اما الدكتور سعيد توفيق عبيد استاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس فيري ان سرعة انجاز الدعاوي القضائية واستقلالية القضاء من العناصر الاساسية التي تجذب المستثمرين لان تدخل الحكومة في اعمال القضاء يفقد الثقة فيه ويجعل المستثمر لا يفكر مطلقا في الدخول الي مثل هذه الاسواق. يضيف ان حالات الفساد الاداري التي تفشت بين اعضاء النظام السابق افسدت مناخ الاستثمار وشجعت المستثمرين من ضعاف النفوس علي الدخول دون ان يدركوا النتائج السلبية التي سوف يتعرضون لها حال بزوغ شمس العدالة, وبالتالي فإن الاحكام التي صدرت ببطلان بيع شركات الخصخصة وكذا الاتفاقات الخاصة باستغلال مرفق عام ما او خلافه وكانت قائمة علي الفساد, فلابد ان يكون مصيرها البطلان مما يعرض المستثمر لخسائر مادية كبيرة ويجب عندئذ ان تفرق بين المستثمر الجاد والمستثمر الفهلوي الذي يسعي الي الثراء الفاحش السريع علي حساب الشعب..فالمستثمر الجاد هو الذي يجري دراسة جدوي اقتصادية واقعية وفقا لما هو متبع من القرارات الادارية والقوانين الاقتصادية المعمول بها مؤكدا ان اي مستثمر انخرطت قدماه في ارض الفساد لا يحق له ان يشكو أو يئن من الخسائر التي سوف تصيبه عندما تصدر احكام قضائية بتصحيح الاوضاع التي كانت خاطئة. ومن رجال المستثمرين يتفق معه في الرأي الدكتور محمد حلمي رئيس مجلس امناء مستثمري العاشر من رمضان بأن العقود الإدارية التي تم التوقيع عليها من قبل اعضاء النظام السابق مع المستثمرين سواء الوطنيون او الاجانب وشابها فساد او مخالفات قانونية لابد للقضاء ان يقضي بفسخها واعادة تصحيح هذه الاوضاع مهما كلفت المستثمر من خسائر لان اموال الشعب لابد ان تعود إليه مهما مرت عليها السنوات. يقول ان معظم العقود الادارية مع المستثمرين والتي شابها الفساد كانت معروفة ومكشوفة امام العامة من المواطنين وان الاحكام القضائية الصادرة ما هي إلا بمثابة تصحيح لهذه الاوضاع التي غلفها الفساد من اصحاب الذمم الخربة لان المستثمر الذي يبدأ حياته الاستثمارية سليما لابد ان يتبع اللوائح والقرارات والقوانين في البلد التي يرغب الاستثمار لامواله بداخلها اما الفهلوي فنهايته معروفة بالفشل والسقوط. ولكن الدكتور فايز عز الدين رئيس الغرفة المصرية الكندية يبدي بعض التحفظات حول هذه الاحكام التي صدرت ببطلان الاتفاقات وانفساخها قائلا: ان هناك بعض المشروعات قد مر عليها اكثر من عشر سنوات وادخلت الكثير من التعديلات علي هذه المشروعات بل ان هذه المشروعات قد بيعت الي اكثر من مستثمر وكل مستثمر ادخل بعض التعديلات والتطويرات علي المشروع الأصلي الذي تم بيعه, بل ان العمالة ذاتها قد تغيرت بالكامل ومعها انشطة هذه المشروعات, واصبح من الصعب العودة الي نقطة الصفر التي كان عليها المشروع الذي كان خاضعا للحكومة وقت بيعه. يوضح ان بعض المشروعات خصوصا عمليات التخصيص للاراضي وغيرها تمر بعدة مراحل وتصدر خلالها موافقات رسمية عديدة من رئاسة الجمهورية او الحكومة بل وقد تعرض هذه الموافقات علي البرلمان لإقرارها والاجهزة الادارية الاخري ثم يفاجأ المستثمر بأن القضاء يبطل كل هذه الموافقات بعد سنوات عديدة يكون المستثمر قد أنفق عشرات الملايين بل المئات من الملايين ثم تقول له المحكمة ان مجهوداتك كلها ضاعت في الهواء, فمثل هذه الاوضاع تسيء الي مناخ الاستثمار وتجعل المستثمرين يهربون من دخول الاسواق المصرية علما بأن أي مستثمر اجنبي بعد صدور مثل هذه الاحكام يمكنه اللجوء إلي مراكز التحكيم الدولية وهذه المراكز تتعاطف مع المستثمرين ضد الحكومات في الدول النامية. لذا يطالب الحكومة بإيجاد صيغة متوازنة للخروج من هذه الازمة تكون مرضيه للطرفين وتحافظ علي حقوق كل منهما.