من أجل المال فقط وفي ظل غياب الرقابة عليها, تحولت كثير من الفضائيات إلي شريك رئيسي في جريمة (نصب) عمدية مع سبق الإصرار ضحيتها المشاهد من خلال الإعلانات الوهمية التي تعرضها بإلحاح منقطع النظير عن مسابقات ذات أسئلة ساذجة بجوائز مالية مغرية وعروض للقرض الحسن بلا فوائد ولا ضمانات وفرص عمل بالخارج وغيرها التي تطلب من المشاهد الاتصال علي رقم تليفون لتحقيق أحلامه التي تصبح بعده مجرد (سراب) يظل يداعب خياله بينما تجني الفضائيات ملايين الجنيهات من عائد مكالمات المشاهدين (الحالمين) يوما بعد يوم تحت سمع وبصر من يهمه الأمر والذي يلتزم صمتا تاما لا يجب أن يستمر أمام جريمة (نصب) منظمة يرصد الخبراء نتائجها علي المجتمع ويحذرون منها ويصرخون: انتبهوا أيها السادة, فهل ينتبهون؟! يقول د.حسن عماد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة: إنها بالتأكيد إعلانات كاذبة خادعة تعرضها كثير من الفضائيات للاحتيال علي المشاهدين استغلالا لفقر وجهل شريحة كبيرة منهم تعاني من صفات سلبية عديدة مثل الكسل والرغبة في الثراء السريع والطمع وغيرها تدفعهم إلي السلوك الإنتهازي لإشباعها من خلال الاستجابة للإلحاح الإعلاني المتواصل للاتصال بالمسابقات التافهة وفرص العمل الوهمية وعروض القرض الحسن فيسقطون فريسة سهلة في (فخ) مكالمة مفتوحة الدقائق تحقق مكاسب مالية طائلة للفضائيات تقتسمها مع المعلنين في ظاهرة مستمرة منذ سنوات بسبب الفوضي التي تسود الإعلام المرئي والضرورة تفرض علي المسئولين حماية المشاهدين منها بتشكيل مجلس للفضائيات يضع ضوابط جديدة لشروط الترخيص لها بالبث وأيضا إطار عملها وآليات مشددة لمعاقبتها علي التجاوزات التي ترتكبها ضد المشاهد ومنها إعلانات النصب. ويؤكد د.سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أنه نظرا لكون الفضائيات تتمتع بدرجة مصداقية عالية في نفوس المشاهدين فإن معظمها تقرر(التربح) منهم بوسائل عديدة وأهمها استغلال احتياجهم للمال والعمل من خلال الإعلانات( المضللة) التي تعتمد في أسلوبها الوحيد علي التركيز علي أن الاتصال علي رقم تليفون معين ليكون هو الطريق لتحقيق كل الأحلام, وبتثبيت ذلك المعني في أذهان ونفوس المشاهدين تنجح فضائيات (النصب) في تحقيق أرباحها عندما يقررون الإتصال بالفعل بدافع الأمل في الفوز بالمال أو بفرصة العمل علي الرغم من عدم الإعلان عن فائز واحد طوال الفترة الماضية في تلك التي تستحق بجدارة أن تكون( أكاذيب) وليست (إعلانات)! ويتفق في الرأي د.أحمد مجدي حجازي أستاذ علم الإجتماع بآداب القاهرة ويضيف: لا شك أن إقبال المشاهدين علي الإعلانات التي تروج لها الفضائيات بكثافة نتج عن تدني قيمة العمل وانتشار ما يسمي بالطموح الاستهلاكي نظرا لطابع( الفهلوة) الذي تسلل إلي الفقراء وجعلهم أشبه بالمغامرين الذين يقررون أمام إبهار إعلانات النصب وما تحمله من إغراء مالي الإندفاع لتحقيق كل أمنياتهم باتصال تليفوني يستنزف أموالهم القليلة ورغم ذلك يظل الحلم يراودهم بالثراء السريع بلا مجهود فتتكرر المحاولات بلا فائدة, مما يصيب المجتمع بعواقب( كارثية) علي المدي القريب فيفقد المشاهد الثقة في وسائل الإعلام والجهات التي تترك تجاوزاتها في حقه وتتركه صيدا سهلا لها, فيقرر الاتجاه للنصب في تعاملاته مع الناس والتوقف عن العمل وزيادة نسبة البطالة وتفرغ الأيدي العاطلة للاتصال بأرقام تليفونات الإعلانات الوهمية فيما يشبه حالة( تواكل) عامة تطيح في طريقها بقيمة العمل في المجتمع مما يمهد الطريق لارتكاب الجرائم بجميع أنواعها. ويري المستشار زكريا شلش رئيس محكمة جنايات الجيزة أن إعلانات( النصب) جريمة كاملة الأركان, حيث يتم تعريفها علي أنها فعل يهدف به الفاعل عن قصد عمل( ايحاء) للمجني عليه بإمكانية تحقيق ربح بمقابل مالي يدفعه ثم يكتشف أنه تعرض للخداع فخسر ما دفعه ولم يقدر علي استعادته وهو ما يحدث من أي فضائية تقدم علي شاشتها إعلانات النصب ويعتبر كل من مديرها ومالكها والمعلن( فاعلا) والمشاهد هو( المجني عليه) إذا اتصل برقم التليفون المعلن عنه وخسر ماله مهما يكن قليلا, وهي الحالة التي تتحقق عندها جنحة النصب ويعاقب الفاعل بالغرامة والحبس الوجوبي لمدة تصل إلي3 سنوات مثلما تنص المادة336 عقوبات, وببث أي فضائية لإعلانات النصب يصبح من حق المشاهد أن يتقدم ببلاغ للنيابة العامة ضدها وبعد ثبوت اتهامه لها وصدور الحكم لمصلحته ويصبح نهائيا, فإن بإمكانه اللجوء لهيئة الاستثمار لوقف بث تلك الفضائية التي تستغل المشاهد, والضرورة تقتضي من الحكومة التحرك بصفة عاجلة متمثلة في وزير الإعلام لحماية المشاهد من فضائيات النصب قبل أن يتضاعف عدد ضحاياها!