مرت ثلاثة أشهر علي تولي الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم الوزارة تحول خلالها إلي طبيب شخص مشكلات التعليم التي وصلت إلي ما يقرب من60 مشكلة مزمنة تعاني منها العملية التعليمية علي مدي السنوات الأخيرة. وضع الوزير هذه المشكلات في ملفات وبدأ الاستعانة بالمتخصصين لوضع الحلول العلاجية لها, لكنه برأيه لم يصل إلي مرحلة الظاهرة, وأكد إن أكبر سلبية في العملية التعليمية والتي تؤدي لتدميرها هو النظام الحالي للامتحانات الذي يحتاج إلي تطوير شامل, مشيرا إلي أنه تقرر كخطوة أولي منع المدرسين الأوائل من المشاركة في وضع الامتحانات لسنوات النقل بعدما ثبت استخدام هذه الامتحانات في الضغط علي التلاميذ للحصول علي الدروس الخصوصية. فتح الدكتور غنيم قلبه ل الأهرام علي مدي ساعتين أكد خلالهما أنه يجري حاليا إدخال تعديلات علي القانون139 لتنظيم شئون التعليم وإحكام السيطرة علي كل المدارس. وقال إنه لا تعديل في نظام امتحانات الثانوية العامة هذا العام وأن جولاته الميدانية لم تستهدف الشو الإعلامي وإنما كشفت مخالفات وحالات فساد مالي وإداري. مرت ثلاثة أشهر تقريبا علي توليكم الوزارة فهل يمكن رصد السلبيات والايجابيات التي اكتشفتموها خلال هذه الفترة؟ الوزير: بالطبع حددنا كثيرا من السلبيات والايجابيات في العملية التعليمية وتوصلنا إلي أن هناك مجموعة من القضايا والملفات المحددة التي تحتاج إلي تكاتف كبير من كل العاملين بالوزارة من معلمين وإداريين ومراكز بحوث وقيادات لمواجهتها ويصل عدد هذه الملفات حتي الآن إلي60 ملفا تحتاج إلي أن نفتحها ونشخص قضاياها ونضع الحلول اللازمة علميا لها وفي مقدمتها انتهاء تنفيذ الخطة الخمسية الاستراتيجية2012/2007 في يوليو الماضي وهو ما يستلزم العمل علي وضع خطة جديدة ليس فقط علي مدار5 سنوات قادمة, ولكن ل10 سنوات كاملة تغطي الجذع التعليمي المتمثل في المرحلتين الابتدائية والإعدادية خاصة أنني استهدف بناء جيل جديد بمواصفات ما بعد ثورة يناير. وهناك ملفات أخري تحتاج لطرحها في حوار مجتمعي منها أهمية تعلم اللغات الأجنبية في الصفوف الأولي وهل يمكن إضافة لغة ثانية إلي رياض الأطفال, وعلاقة كليات التربية ال27 في أنحاء الجمهورية بالوزارة, وهل تخرج أشخاصا متخصصين في تخصصات يحتاجها سوق العمل أم لابد من دمج التخصصات وإعادة النظر في الكثير منها إلي جانب علاقة هذه الكليات بالمديريات والإدارات التعليمية وهل تستفيد منها أم لا؟ وهناك ملف آخر وهو ضرورة وضع معايير خاصة بالمناهج لكل سنة دراسية تراعي التتابع الرأسي والأفقي من الصف الأول الابتدائي وحتي الثالث الثانوي, وقد يدعي البعض أن هذا الأمر موجود بالفعل وهناك دراسات تتعلق به, ولكن الواقع غير ذلك. أما مشكلة الإتاحة للتعليم الأساسي فهي ملف منفصل نتطلع من خلاله إلي استيعاب كل الأطفال في سن الإلزام بالمدارس مع توفير فصول مجهزة ومعلمين مدربين مع تقليل الكثافة لتصل إلي40 تلميذا في الفصل وهذا الملف يحتاج إلي تحويل ضخم ليس حكوميا فقط ولكن مدنيا وأهليا. من الملفات التي كانت مطروحة قبل الثورة إعادة النظر في الهيكل الإداري للوزارة خاصة الديوان العام فهل هذا الملف مطروح؟ بالطبع هذا ملف خطير لأن الهيكل الإداري الحالي للوزارة مترهل جدا وهو ما يظهر بوضوح في تكرار وتشابك مهام إدارات عديدة تحمل أسماء مختلفة منها الكمبيوتر التعليمي والتطوير التكنولوجي والوسائل التعليمية, وقد تم الانتهاء من وضع الهيكل الإداري الجديد للوزارة وإرساله إلي التنظيم والإدارة لاعتماده وسوف يعلن تفاصيله خلال أسبوع ما رأيكم في الأصوات المنادية بضرورة عودة مفتش زمان إلي المدارس بعدما اختفي سنوات طويلة؟ الوزير: أنا مع هذه الأصوات, لأن أخطر دولاب في عمل الوزارة هو دولاب التوجيه والمستشارين, فبدون هؤلاء لن يكون هناك أي إصلاح للعملية التعليمية, ولن تكون هناك إدارة مدرسية جيدة, ولن يمارس المعلم دوره الإداري والفني علي الوجه المطلوب إلا إذا قام المستشارون والموجهون بدورهم في هذا المجال, وقد اكتشفت بالفعل خلال الفترة الماضية أن هناك ترهلا غير عادي في هذا المجال, لذلك فإنني أولي إدارة التوجيه اهتمامي الكبير وحرصت علي عقد عدة اجتماعات مع مستشاري المواد المختلفة والموجهين للاتفاق علي خطط العمل التي تحقق الهدف الذي نسعي إليه جميعا, وهو تحسين العملية التعليمية. التعليم من المجالات التي تستحوذ علي اهتمام كل أفراد المجتمع وليس المتخصصين فقط, وهو ما نراه في التدخل المباشر وغير المباشر من جانب القيادات الشعبية وأهل الحظوة في منع تنفيذ الكثير من القرارات التي تتخذها القيادات في المديريات والإدارات وحتي الوزارة كيف تنظرون إلي هذا الأمر؟! الوزير: أنا معك تماما, فللأسف معظم القرارات تتخذ تحت ضغط شعبي كبير, وهو ما يتضح في القرارات التي تصدر بخصوص تعيين وتكليف المدرسين بالعمل في بعض المناطق فيسارع الكثيرون بالتدخل لوقف نقل أي مدرس حتي لو كان زائدا علي حاجة مدرسته المنقول منها, وهو أمر شديد الضرر بالعملية التعليمية, لأن مدير الإدارة أو المديرية قد يستجيب لهذه الضغوط ويترك مدرسة بلا مدرس ليرضي من تدخل لديه. وهذا ملف خطير أيضا أتمني أن أنجح في علاجه من خلال وضع خطة مناسبة تعتمد علي بيانات صحيحة ودقيقة من الميدان, وتبعد عن المصالح الذاتية حتي نضع المعلم المناسب في المدرسة المناسبة, لكنه يحتاج إلي تعاون وإلي فهم المجتمع للهدف من هذا. منذ توليكم الوزارة وأنتم تقومون بجولات ميدانية في أرجاء المحافظات وتصدرون توجيهاتهم لإصلاح ما أفسده الدهر, لكن حتي الآن لم يشعر المواطن العادي بنتائج ملموسة لهذه الجولات؟ الوزير: لأنني أستهدف العمل فقط والإنجاز بعيدا عن الشو الإعلامي, فهدفي من هذه الجولات التوجيه والإرشاد وليس تصيد الأخطاء وإعلان العقوبات, ولا أخفي عليك أن هذه الجولات نجحت في ضبط الكثير من المخالفات وإغلاق العديد من حنفيات الفساد المالي والإداري في أكثر من جهة, فهل سمع أحد منكم عما تم اكتشافه من إهدار للمال العام في إحدي الجهات نتيجة بيع خرائط ووسائل تعليمية علي سبيل المثال ثمنها لا يزيد علي20 جنيها علي الأرصفة وفي المكتبات, بينما تحسبها المديريات ب138 جنيها, ومديرو الإدارات لم يتحركوا ولم يتخذوا موقفا. ولا يخفي علي أحد أنني في هذه الجولات ألتقي مجموعات متنوعة من المعلمين والإداريين الذين يرون شخص الوزير لأول مرة, وأدير معهم حوارات لبحث مشكلاتهم ووضع الحلول اللازمة لها, لكن بصفة عامة فإن عدم شعور الشارع بنتائج هذه الجولات ربما يكون بسبب أن مردودها يحتاج إلي عامين علي الأقل ليصبح ملموسا, لأننا نعالج أمورا مستقرة سنوات طويلة وعلاجها لن يأتي بين يوم وليلة. حركة التعيينات والتنقلات التي صدرت أخيرا لم تحظ برضا الغالبية العظمي من العاملين في الميدان التعليمي, لأنها تضمنت علي حد قولهم أسماء وقيادات لا خبرة لها في العمل الميداني.. فما رأيكم؟ الوزير: لا يخفي عليكم أننا عانينا فعلا في إعداد هذه الحركة لعدم وجود الكفاءات المطلوبة, لكن لا يمكن أن نصف القيادات المختارة بعدم الخبرة أو الكفاءة, فهم أفضل الموجودين, وإن كانت هناك مشكلات ظهرت في الميدان فهم قادرون علي حلها بالتعاون مع السادة المحافظين وتحت إشرافهم وإشرافنا,, وأنا أحلم بأن يتحول كل هذه القيادات في مواقعهم إلي وزير قائم بذاته يتخذ القرارات التي يراها ويؤمن بها علاجا للمواقف التي تقابله ولا يلجأ إلي الوزارة إلا في حالة الضرورة القصوي. أطلقتم مبادرة لدعوة رجال الأعمال والقادرين والمؤسسات الخيرية لمساندة ودعم التعليم.. فهل تري أن هناك استجابة لهذه المواجهة؟ الوزير: بالطبع هناك استجابة برغم أن البعض وصف هذه الدعوة بالتسول الحكومي من جانب الوزارة, وهو ما رد عليه فضيلة المفتي بأن المساهمة في التعليم تعتبر من زكاة المال ولا تقل أهمية عن بناء المساجد, لأنه استثمار في البشر, وقد بادر عدد من رجال الأعمال بتبني المدارس, وكذلك الجمعيات الخيرية, الأمر الذي دفعنا إلي تشجيع إدارة الجمعيات الأهلية بالمديريات التعليمية لبناء جسور تعاون مع المجتمع المدني وإنشاء صندوق لجمع التبرعات في حساب بنكي تحت إشراف المحافظة لدعم وتطوير التعليم وهو مابدأ بالفعل بمحافظة الغربية التي قام محافظها بوضع لائحة خاصة لإنشاء حساب بنكي لهذا الغرض. ومارأيكم في ظاهرة انتشار العنف المتبادل بين المدرسين والطلاب في عدد من المحافظات؟ الوزير: هذه ليست ظاهرة بل حالة ترصد متعمد لحالات سلبية فردية حدث فيها تجاوز مرفوض من البعض يمثل اهدار لكرامة المعلم والتلميذ معا ونحن جميعات ضد أي تجاوز لكن التعميم مرفوض أيضا وليعلم الجميع أن كرامة المعلم أمر مصون لن نسمح بالمساس به كما أن اهانة التلميذ بأي شكل مرفوضة ولايقبلها أحد بدليل أنه عندما احيلت معلمة قص الشعر بالأقصر إلي المحاكمة لم نقف بجوارها ولم نكلف محاميا بالدفاع عنها لإيماننا أنها تجاوزت في التعامل التربوي مع التلميذة الضحية ولابد أن تأخذ عقابها وقبل أن تحال للمحاكمة سارعنا بإيقافها عن العمل وتحويلها إلي عمل إداري. وماذا عن الثانوية العامة الجديدة التي ستطبق العام القادم؟ الوزير: لاجديد حتي الآن فالصفان الأول والثاني الثانويان تحولا إلي مجرد سنوات نقل عادية ونقوم حاليا بإعداد قرار وزاري خاص لكيفيه الدراسة ونظام الامتحانات في الصف الثالث الثانوي اعتبارا من العام القادم ولكننا نرجيء إعلان التفاصيل للتوقيت المناسب حتي لانتسبب في بلبلة الطلاب وأولياء الأمور ولكن مانؤكده أنه لاتعديل في امتحانات الثانوية هذا العام. المدارس التجريبية أصبحت مطلبا شعبيا واتضح ذلك هذا العام من الإقبال الشديد لأولياء الأمور علي الحاقهم بها فهل هناك جديد في هذه المدارس؟ الوزير: نعكف علي إعداد تعديل جذري للقرار الوزاري الذي ينظم عمل التجريبيات واللوائح المالية لها ونأمل أن يلبي رغبات المواطنين ونحقق آمالهم. [email protected]