تخيل أنك تقف في ميدان رمسيس وتريد الذهاب للمتحف المصري, ولا تريد أن تسأل المارة عن الطريق, ولديك هاتف محمول متصل بالإنترنت أو الأقمار الصناعية ومزود بتطبيقات جديدة تفتح من خلالها تطبيق الخرائط الذي يكتشف مكانك الحالي تلقائيا فيعرض لك صورا مجسمة لمكانك والمباني المحيطة بك وأسهم وإرشادات للذهاب تتغير كلما تحركت من موقعك لترشدك لأقصر وأفضل طريق للمتحف مرورا بشارع الجلاء ثم ميدان عبد المنعم رياض, وهكذا حتي تصل لباب المتحف. تلك التطبيقات الجديدة تعرف اليوم باسم الواقع التفاعلي أوAugmentedReality والتي لم تري النور إلا في السنوات الأخيرة بفضل تزاوج إمكانيات الحاسب ومدخلاته من صور وفيديو وأشكال رسومية مع تقنيات الاتصالات خاصة تكنولوجيا الخرائط وإرشادات الطريق. وتمثل هذه التقنية المرحلة الثانية في تطور تقنية الواقع الافتراضي التي ظهرت مع ألعاب الفيديو حيث يغمس اللاعبون أنفسهم ويتجاوزون حدود الواقع المادي لتتغير قوانين الزمن والفيزياء وخصائص المواد. غير أن تقنية الواقع التفاعلي تحافظ علي الواقع كما هو بكل قوانينه وخصائصه لكنها تجعله تفاعليا قابلا للتعديل والتخصيص. بعبارة أخري, بينما تعزز تقنية الواقع التفاعلي من إدراك المرء للواقع, تعمل تقنية الواقع الافتراضي علي استبدال الواقع بتجربة خيالية لا أساس لها في العالم الحقيقي. يساعد الكمبيوتر بإمكانياته الرقمية في التقاط المعلومات عن الواقع الحقيقي وجعلها تفاعلية وقابلة للتعديل رقميا. وطبقا للمثل الذي ذكرناه عن الرحلة من ميدان رمسيس الي المتحف المصري فإن ما تضيفه تقنية الواقع التفاعلي هنا هي استبدال الخرائط بصورة حية للشوارع والمباني والمتاجر بنفس أبعادها الحقيقية حيث يمكنك مثلا أن تري عبر الهاتف مبني الأهرام كأنك تقف أمامه, وكلما سرت مع اتجاه الأسهم في الشوارع تتغير الصور علي الهاتف فيصبح لديك نسخة رقمية تفاعلية من الواقع علي شاشة الهاتف تتوازي وتتغير وفقا لحركتك في العالم الواقعي حيث تتغير المباني والمنشآت, وحتي تتأكد أنك في الطريق الصحيح, عندما تقف في ميدان عبد المنعم رياض ستجد صورة مجسمة للميدان علي الهاتف بالفنادق وتمثال الشهيد عبد المنعم رياض, وهكذا. ولقد استخدمت تقنية الواقع التفاعلي أثناء نقل منافسات أولمبياد لندن علي شاشات التليفزيون, فمثلا في حوض السباحة تري أعلام الدول وأسماءها في حارات اللاعبين, وعندما يقترب اللاعب من تسجيل رقم قياسي يسير خط أصفر معه حتي نهاية السباق. وكذلك في مسابقات ألعاب القوي, حيث تري أعلام الدول وأسماء اللاعبين أمام كل لاعب رغم أن هذه الأعلام والأسماء ليست موجودة في الواقع الحقيقي. لو أنت في الاستاد أو في حوض السباحة لن تري أيا من ذلك, ولكنها تشكل فارقا كبيرا بالنسبة لمشاهدي المسابقات والألعاب الرياضية علي التليفزيون. هذه التقنية لها تطبيقات واسعة في العديد من المجالات مثل الترفيه وصناعة السينما والسياحة ومشاهدة المعالم, والفنون والعمارة والتجارة وعرض الترجمة الديناميكية بلغة المستخدم بما قد يؤثر علي مهنة الترجمة الفورية. علي سبيل المثال, في غرف العمليات يمكن للجراح عبر شاشة صغيرة مثبتة بنظارة النظر أن يحصل علي معلومات تفاعلية ولحظية عن المريض مثل ضربات القلب وضغط الدم والي أي مدي تم إزالة الورم بنجاح طبقا لصور الأشعة المأخوذة من قبل. كل هذه المعلومات تصل للجراح من مجسات فوق صوتية أو مناظير داخلية. وفي الأنشطة العسكرية, يتم تزويد الجنود بمعلومات مفيدة عن منطقة تواجدهم, والأعداء المحيطين بهم والذين يصعب رؤيتهم بالعين المجردة, حيث تشكل هذه التقنية العين الثالثة للجنود وتزودهم بمعلومات لحظية دون أن تشتت انتباههم عن ميدان القتال.