الإعصار ساندي الذي شل الحياة علي طول الساحل الشرقي للولايات المتحدةالأمريكية الأسبوع الماضي, وما سببه من دمار وفيضانات أودت بحياة المئات من الأمريكيين, وأغرق أكثر من6 ملايين أمريكي في ولايات عدة أبرزها نيويورك ومانهاتن في ظلام دامس نتيجة انقطاع الكهرباء, رغم ما تملكه من خطط واستراتيجيات محكمة وموارد هائلة لمواجهة الكوارث الطبيعية وهو الأمر الذي يدعو إلي المزيد من التأمل والتفكير في استعدادات مصر لمواجهة غضب الطبيعة, فرغم أننا بعيدين تماما عن احتمالات الإصابة بالأعاصير كما يشير العلماء إلا أننا معرضون لكوارث أخري وهي السيول والزلازل وغرق الدلتا ومن المهم كل حين وآخر أن نعي حجم المخاطر الطبيعية ومدي استعدادنا لتجنبها وتقليل تأثيرها. السيول كارثة كل عام بالأمس القريب, وفي مثل هذه الآونة تعرضت مصر لموجة من السيول في محافظات سيناء والبحر الأحمر والصعيد وعلي رأسها أسوان, وبالبحث عن ماهية الاستعدادات التي توجد لمواجهة خطر السيول والأمطار التي تعد ثروة مهدرة, حيث يقدر معدل سقوط الأمطار في مصر حوالي600 ملليمتر في السنة. سألنا الدكتور علي قطب رئيس وحدة التحاليل بهيئة الأرصاد الجوية الذي أكد أن دور الهيئة تحذيري فقط, كونها منوطا لها التوقع وإصدار البيانات. أما الدكتور عبد العال حسن رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التعدينية بهيئة المساحة, فأكد أن الهيئة دورها بحثي يقتصرعلي عمل خرائط طبوغرافية لمناطق السيول علي مستوي الجمهورية للعمل علي تفاديها في حال حدوثها وتعظيم الاستفادة من مخرات السيول المنشأة, كما يتم إخطار الجهات المعنية بدراساتنا, وقدمنا من قبل دراسة متكاملة في عام4002 لهيئتي الاستشعار عن بعد واليونسكو وحتي الآن لم يلتفت إليها أحد. وأكد أن سبب تكرار كوارث السيول في كل عام أننا نعشق المصائب, نتيجة الإصرار الغريب من المواطنين علي البناء والإقامة في مناطق المخاطر في تحد واضح لمؤسسات الدولة, علاوة علي قلة الإمكانات المخصصة لمواجهة الكوارث وعدم وجود الكفاءات في الأماكن المعنية. مشيرا إلي أن الجهات المسئولة عن مواجهة أخطار السيول والأمطار كثيرة ومتشعبة في كافة مرافق الدولة, ولا تضع في اعتبارها مخرات السيول سواء في خطط التوسع التنموي للمحافظات أو في إنشاء الطرق والمباني أو الأنفاق, مطالبا بأهمية الرجوع لجهة الاختصاص المتمثلة في هيئة المساحة حال القيام بأي مشروعات تنموية لتفادي الكوارث. الزلازل مصدر خطورة أما بالنسبة للخطر الثاني والأهم وهو الزلازل فأكد العالم المصري الدكتور عمرو النشائي رئيس المركز القومي لبحوث الزلازل بجامعة إلينوي الأمريكية, أن مصر تصنف في المنطقة تحت المتوسطة للزلازل, مشيرا إلي أن هناك مناطق حساسة بمصر مثل البحر الأحمر التي يحدث فيها زلازل كثيرة, وتكمن الخطورة في تلك المنطقة بسبب كثرة المنشآت والقري السياحية الموجودة فيها, كما أن الساحل الشمالي يقع عليه خطر من القوس اليوناني وهي منطقة زلازل عالية. وأكد النشائي أن كود البناء المصري من أفضل أكواد البناء في العالم, إلا أن المهندسين في مصر اعتادوا العمل دون الرجوع الي خرائط الزلازل, فظهر البناء العشوائي, الذي يفاقم من حجم الخسائر في حال وقوع أي زلزال, مشيرا إلي أهمية المعرفة بتكنولوجيا البناء الحديث لمقاومة الزلازل, فكيفية التصميم لتحمل الزلازل موجودة في مصر, لكن تطبيقها يتطلب أن تكون هذه المعرفة مقننة ومتبعة بالقانون, وأن تكون هناك مراقبة علي التنفيذ. غرق الدلتا وارد وحول ما يثار عن غرق أجزاء كثيرة من الدلتا نتيجة للتغيرات المناخية وارتفاع منسوب سطح البحر المتوسط, يؤكد الدكتور مرتضي العارف أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة ورئيس مركز الحد من المخاطر البيئية أن هناك الكثير من السيناريوهات الافتراضية لأثر التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري علي منطقة الدلتا والمدن الساحلية وفقا لنماذج أساسية طبقا لإحصاءات ودراسات يتم الاعتماد عليها إقليميا ودوليا, مشيرا إلي أن الدراسات علي المستوي المحلي لم تستند علي بيانات حقيقية للوصول إلي تلك النتائج. وأكد أن حجز الطمي بالسد العالي حرم الدلتا من تجديد تربتها وأدي إلي تمليحها, وأصبح هناك تآكل في أراضي الدلتا نتيجة ارتفاع مستوي المياه الجوفية وانحسارها أيضا أمام ارتفاع منسوب مستوي مياه البحر. هذه قضية ينبغي الاهتمام بها لما لها من انعكاسات اقتصادية وبيئية واجتماعية علي مصر, وأشار إلي أن الخطورة تتضح في تآكل الشواطئ وهناك شواهد عملية علي ذلك بشواطئ الإسكندرية, موضحا أن الهيئات المنوط بها مواجهة هذا الخطر عديدة علي رأسها هيئة حماية الشواطئ, ومن المفترض أن تكون هناك هيئة قومية لمواجهة مخاطر غرق الدلتا, مهمتها عمل القياسات باستمرار لمعرفة الوضع الذي نحن عليه الآن مقارنة بالسابق وعمل نماذج محاكاة لما يمكن أن يحدث مستقبلا, وللأسف كل الجهات المنوط بها هذا العمل متفرقة ولا تهتم بهذا الخطر المحدق وهذه مصيبة كبري.