في رسالة تعالوا نحسبها انتقد كاتبها قرارا صائبا لوزير التنمية المحلية بغلق المحال التجارية الساعة العاشرة مساء برغم أنه صدر ليصحح وضعا خاطئا وشاذا غير موجود في معظم دول العالم المتحضرة, حيث تلتزم المحال في تلك الدول بمواعيد مبكرة مساء للاغلاق حرصا علي توفير الطاقة, وعدم ازدحام الشوارع بالسيارات والمارة, وتقليل الصخب والضوضاء( في لندن تغلق المحال الساعة السادسة مساء ما عدا يومي الأحد حتي الرابعة ويوم الخميس حتي الثانية) وقد مرت مصر بهذه التجربة المتحضرة في حقبة السبعينيات عندما أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا شجاعا وحكيما بغلق المحال بعد المغرب لكننا مع الأسف تعودنا خلال العقود الثلاثة الأخيرة علي الفوضي والتسيب والدلع, فقدمنا مصالحنا الشخصية علي حساب مصلحة الوطن, وترك لنا الحبل علي الغارب يفعل كل منا ما يشاء حتي لو اصطدم مع النظام العام, ومتطلبات العمل الجاد والتنمية الاقتصادية الفاعلة. وجاءت حيثيات اعتراض صاحب الرسالة علي هذا القرار الذي تأخر كثيرا غير منطقية فهو يري أن غلق المحال في هذا التوقيت سوف يؤدي إلي انتشار السرقات والبلطجة( هكذا يقينا!!) وبناء علي هذا المنطق يجب أن تظل المحال مفتوحة طوال الليل حتي شروق الشمس!! ثم يقول إن المشاريع الصغيرة والورش سوف ينخفض الإنتاج بها برغم أنه معروف من واقع الشارع أن معظم هذه الورش وتلك المشاريع تغلق أبوابها مبكرا عن هذا التوقيت المقرر بسبب طبيعة أعمالها الشاقة, وحاجة عمالها إلي الراحة,أما أن هذا القرار سوف يؤدي إلي ارتفاع الأسعار وخفض رواتب العاملين وعدم قدرة أصحاب المحلات المستأجرة علي سداد الايجارات فهذه حجة لا أساس لها من الواقع لان الغالبية الساحقة من التجار يبالغون مع الأسف في أسعار السلع والبضائع ولا يقنعون بنسب ربح معقولة وعادلة كما كان الحال في الماضي, بالاضافة إلي أن حركة البيع والشراء لن تتأثر مطلقا لأن الناس لن يتوقفوا عن شراء احتياجاتهم لمجرد تقديم موعد غلق المحال ساعة أو ساعتين أو أكثر, كما أن القرار سوف يسري علي جميع المحال بالعدل. ويتعود المواطنون علي المواعيد الجديدة ويتآلفون معها وينظمون حياتهم علي أساسها, وأما أن المحلات هي التي تضئ الشوارع فهذا غير حقيقي في معظم المناطق خاصة تلك التي توجد بها المحال داخل المراكز التجارية الكبيرة, وإذا كان هذا هو حال بعض الشوارع و فما هو الوضع بعد أن تغلق تلك المحال أبوابها بعد منتصف الليل؟! وإذا افترضنا صحة هذا الأمر, فإن الحل لا يكون بالتراجع عن هذا القرار, وإنما يكون بالتزام الدولة بإنارة هذه الشوارع كما أن الغالبية الساحقة من شوارع مصر لا توجد بها محال. أما النقطة المهمة التي أثارتها الرسالة فهي تلك اللافتات الإعلانية الضخمة الموجودة في الشوارع والمحاور المرورية الرئيسية, وهذه يجب أن تخضع هي الأخري لغلق الإضاءة في نفس التوقيت المقرر لغلق المحال. وهذا القرار الحيوي خطوة أولي نحو التحرر من منظومة الفوضي والعبث التي نعيشها منذ سنوات عديدة, فكل مواطن مصري آن له أن يدرك أنه لا سبيل إلي الخروج من حالة التردي التي نعيشها إلا بالسير علي خطي من سبقونا علي درب التحضر والنهضة. أما أن نصر علي التمسك بعبارات وتقاليد بالية تجاوزتها الأمم الناهضة فلن يكتب لنا أبدا الخروج من مستنقع تخلفنا الحضاري الذي يزداد يوما بعد آخر في إصرار مدهش من شعب صنع حضارة عظيمة في الماضي, لكن يبدو أنه اليوم يرفض اللحاق بركب الحضارة الحديثة وبات يعشق حياة الفوضي والتخلف. محمد سعيد عز